ما زال الطفل في العالم العربي أشبه ما يكون مهمشاً وخصوصاً فيما يتعلق بالصحافة حيث لو تأملنا عدد المجلات الموجهة للأطفال والتي تصدر في العالم العربي نجد أنها لاتتجاوزأصابع اليد الواحدة ولا سيما في هذا العصر عصر التفجر المعرفي. ولو عدنا إلى الوراء لوجدنا فرقاً شاسعاً بل لا يقارن مع العصر الذي نعيش فيه والدليل على ذلك أنه يوجد بعض الصحف الموجهة للأطفال في مصر بدأت سنة 1870م ومن هذه الصحف (روضة المدارس المصرية) وهي صحيفة نصف شهرية يطبع منها 350 نسخة خاصة بطلاب المدارس ويرأس تحريرها رفاعة رافع الطهطاوي وكذلك وفي شهر فبراير من عام 1893م أصدر (مصطفى كامل) الزعيم الوطني (مجلة المدرسة) . واستمر إصدار مثل هذه الصحف والمجلات وهي ذات صبغة تربوية وتعليمية الى صدور مجلة (السمير) التي خرجت عن قاعدة الارتباط بالمدرسة وبعدها أيضا صدرت صحيفة (أنيس التلميذ) سنة 1898م وهي موجهة للأطفال. هل أدرك القارئ كم يفصلنا من السنوات التي كانت فيها تصدر هذه الصحف؟ سوف نجد قرناً من الزمن ولكن كان كله إبداعاً وتطوراً انعكس على الطفل في المجتمع المصري وكان من نتاجه أن أنجب لنا العلماء والمفكرين بل انعكس أيضا على جودة التعليم في ذلك البلد والدليل على ذلك أن معظم البعثات في العالم العربي وخصوصا في الأربعينيات والخمسينيات الميلادية كانت توجه إلى مصر. واليوم عندما نتأمل في واقعنا وما يجب أن يهيأ للطفل العربي نصاب بالدهشة والاستغراب علماً بأننا نملك كل الامكانيات التي تسهم في بناء الطفل العربي وإشباع حاجاته الاساسية والفكرية والثقافية، لهذا يجب على المؤسسات التي تعنى بالتربية والثقافة في العالم العربي أن تبني في كل دولة عربية مركزاً مستقلا يهتم بكل ما له علاقة بالطفولة وتكون من ضمن أعماله إصدار صحف ومجلات خاصة بالطفولة توزع على طلاب وطالبات المدارس ومن أعماله أيضاً التواصل مع المؤسسات التعليمية وعمل دورات للمسؤولين عن النشاطات الثقافية في المدارس حتى يتمكنوا من الارتقاء بعقلية الطفل العربي ولا سيما التربوية والثقافية.
|