الكفاءة في الأداء من السمات العظيمة التي حث عليها الإسلام وخاصة الاتقان في العمل، وحينما يتضمن ذلك الاتقان في العمل الجوانب الشرعية المفروضة على الإنسان فإن حجم هذه الكفاءة يتضاعف ويحقق الغرض العظيم الذي من أجله سُنّت الفرائض والشعائر الدينية، ويأتي في أولويات هذه الفرائض الصلاة التي هي عمود الدين والصلة بين العبد وربه، ولكن هل يمكن ان تتم صلاة دون وضوء؟ بالطبع لا. إذاً لماذا شُرِع الوضوء والطهارة قبل الصلاة لابد ان هذا التشريع له حكمة لصالح المصلّي المسلم فما هي الحكمة والفوائد التي من أجلها سبق الوضوء أي صلاة؟ سنتعرف عليها من خلال مايلحق بهذه المقدمة من فوائد ومعلومات توضح أهمية الوضوء قبل الصلاة، فقد أثبتت الدراسات ان الوضوء هو مفتاح دراسة الطب البشري وعللت هذه الدراسات الوضوء بأنه ينقسم إلى جزءين ليتحقق الغرض والفائدة منه.
أولها: الوضوء الخارجي، وهو ما أمرنا به الله عز وجل، وأوضحته سُنّة النبي صلى الله عليه وسلم.
وثانيهما: هو التهيؤ الداخلي، وهذا يستمر داخل جسم الإنسان طوال حياته، حيث إنه عندما تتم الملامسة أو المسح أو الغسل بالماء فإن أجزاء الجلد الملامسة للمياه تنقل إشارات حسية من سطح الجلد إلى الجهاز العصبي والمخ، وذلك على النحو التالي:
- غسل اليدين إلى المرفقين: يتصل مباشرة بالعصب العنقي الخامس والسادس والسابع والثامن.
- غسل الوجه ومسح الرأس والمضمضة والاستنشاق تنتقل إشارته عبر العصب المخي الخامس، ومركزه المخيخ، والنخاع والمستطيل، والعصب العنقي الأول.
- غسل القدمين حتى الكعبين: يتصل بالعصب القطني الرابع والخامس، والعصب العجزي الأول.
وان كل ذلك يؤدي إلى إشارات حسية فورية إلى أقسام بالنخاع الشوكي ثم إلى أقسام عصبية بالمخ التي لها تأثير كبير على جميع أعضاء الجسم ووظائفها، وتكوينات الجلد ومسامه، فضلاً عن تنظيم حرارة الجسم، والوظائف الفسيولوجية لكل هذه الأعضاء، بما يؤدي إلى رفع كفاءة الأعضاء من الناحيتين العضوية والعصبية.
وأكدت الدراسة ان كل هذه الإشارات الحسية مستمرة طوال حياة الإنسان، نتيجة استمرار الإشارات الواردة من كيس «التامور» الناتجة من ضربات القلب وإشارات كيسي البلورية والبريتون الموجودين بالرئة والقفص الصدري وأحشاء البطن والناتجة من التنفس وحركة الحجاب الحاجز والأمعاء.. وكل هذه الإشارات تتجه تلقائياً إلى النخاع الشوكي والمخ انتظاراً لدخول الإشارات الحسية الآتية من الوضوء الخارجي.
وفي هذا الصدد أوضح بحث آخر ان الاغتسال المنتظم والوضوء للصلاة في المجتمعات الإسلامية قد ساعد كثيراً في الحد من انتشار كثير من الأمراض وخاصة مرض «التراخوما» الذي يعد السبب الرئيسي للعمى ببلدان العالم الثالث.. وأنه قد لوحظ أيضاً في المجتمعات الإسلامية الملتزمة انخفاض نسبة الإصابة بهذا المرض، بل إنه قد وصل إلى درجة الانعدام.
ولهذا لم يكن غريباً ان يشير الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه عن الوضوء والاغتسال وعلاقة ذلك بنظافة الجسم وخلوّه من الأدران والأمراض وحينما يغتسل الإنسان خمس مرات فهل يبقى من درنه شيء؟ بالتأكيد لا، ناهيك عن النضارة والنور الذي ينبع من وجه المتوضئ الذي يهم للصلاة أو الأثر الذي يحفظه الوضوء للإنسان قبل نومه، ليستقبل ظاهرة حيّرت العقول وهي النوم فكن هانئاً خالياً من الأضغاث والأحلام المزعجة فالوضوء والطهارة هما كل شيء في حياة الإنسان المسلم مما ينير له الطريق في الدنيا والآخرة.
|