قدر لي أن أعاصر فترتين مختلفتين من الحياة الإدارية، في الفترة الأولى كنا نفتقر إلى المعلومة الصحيحة الموثقة، الأمر الذي جعل التخمين سيد الموقف.
في بعض الأحايين كنا نعتمد على فطنة وفراسة موظفينا في تقرير مصداقية المراجع أو المعلومة، وفي أحيان أخرى كنا نعتمد على ذاكرة المواظفين، وفي أحيان خاصة يتم مطالبة المراجع بتوقيع إقرار بصحة بياناته. كان لدينا كم هائل من المعلومات ولكنها كانت معلومات مشتتة يصعب تحصيلها بالشكل المناسب وفي اللحظة المناسبة. ونظراً لصعوبة وصولنا للمعلومة المطلوبة كنا نطلب سنوياً من الأقسام إعادة تزويدنا بالمعلومات نفسها، ثم لا تلبث تلك المعلومات أن تدفن في مخازن مهجورة. عدم توفر المعلومة خلق جواً من الضبابية، وهو ما جعلنا نلجأ إلى الحلول التوفيقية (Compromise) مع الناس. في مثل تلك الظروف يشعر صاحب القرار بأنه في مهب الريح فاقداً للجذور المعلوماتية التي تبقيه راسخاً ومتماسكاً وواثقاً.
أما الفترة الثانية من حياتي الإدارية فقد شهدت هبوب رياح تقنية المعلوماتية، فشكراً لك أيتها التقنية المعلوماتية، فكم وفرنا بفضلك من الجهد والوقت. وبفضلك أيضاً اكتسبنا الثقة في قرارنا ومسارنا، بل وفي تعلمنا. وفوق ذلك افتقدنا القلق وحرق الأعصاب وتأخير الإنجاز. بفضلك انتقلنا من صقيع التخمينات إلى دفء المعلومات.
|