عملية تشييد المباني في مملكتنا الحنونة بها من الخير مايكفي للقضاء على البطالة التي يعاني منها الكثير من شباب وطننا الغالي، ولنستثمر ذلك الخير يجب ان نفكر في الطريقة الصحيحة لتأهيل هؤلاء الشباب ولنترك القاء اللوم على عاتق الشباب السعودي المخلص.. واللوم كل اللوم على المجتمع الذي يحطم تلك الطاقات الغنية بالفن، التي لايعرفها إلا من تعامل معها وأحسن توجيهها، وراعى ظروفها ومتطلباتها.. وعتاب شديد على بعض المستثمرين الذين يتناسون ان لابن الوطن حقاً في وطنه و«يستهبلون» فيطالبون الشاب السعودي ان يقبل الراتب الذي يقبله العامل الأجنبي ويقبل ساعات العمل التي تتنافى مع قوانين حقوق العمل والعمال.
لأعرض عليكم أعزائي القراء عملية تشييد المباني بأن استشهد بعملية تثبيت أو تركيب السيراميك كمثال بسيط الاستيعاب.. العامل الأجنبي الحاذق الذي يقوم بتبليط الأرضيات بالسيراميك يتقاضى حوالي 14 ريالاً في تبليط المتر الواحد، ويبلط - رزقنا الله وإياه - ثلاثين متراً في اليوم وفور انتهائه يضع في جيبه 420 ريالاً، ثم يتوجه لمسكنه ويأخذ (دش) ثم العشاء والاستمتاع بمشاهدة (الدش) وفي الصباح ينهض باكراً كأي موظف في العالم، وينطلق فيبلط ثلاثين متراً أخرى ويأخذ أقساط كثيرة من الراحة ويتناول الغذاء ويحتسي الشاي (وآخر دلع) وفي نهاية اليوم يأخذ حقه البالغ 420 ريالاً وفي نهاية الاسبوع يستمتع بوقته ويلعب (البولنج) وليس أحدث الماركات ويشتري آخر الصرخات التكنولوجية.. ويحول مبالغ طائلة تستفيد منها دولته، وإذا عمل هذا العامل في الشهر عشرين يوماً فقط فسيكون دخله الشهري 8400 ريال وهذا الرقم يتعدى بمراحل راتب المهندس المعماري حديث التخرج الذي يبلغ راتبه حوالي 5200 ريال والحمد لله على كل حال.
وأما الدهان وما أدراكم ما الدهان فليعلم الجميع ان بعض الدهانين الفنانين الذين يعملون في تعتيق الدهانات (وهي عملية في غاية السهولة) تصل دخولهم الشهرية -ماشاء الله- إلى أربعة عشر ألف ريال سعودي (14000)..!! وهذا المبلغ يتعدى راتب مدير عام عالية مرتبته.
في مجال البناء خيرات كثيرة نجهلها وعتابنا المحمل بالتحية للجهات والمؤسسات المسؤولة عن تدريب تلك المهن وتأهيل المجتمع لتقبل تلك الأوضاع ومع ذلك لم يفت الأوان.
|