Saturday 2nd august,2003 11265العدد السبت 4 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعد زيارتي أبي مازن و شارون العاصمة الأمريكية بعد زيارتي أبي مازن و شارون العاصمة الأمريكية
نجاح دبلوماسي لأبي مازن... ومكاسب على الأرض لشارون

  * القاهرة مكتب الجزيرة - علي البلهاسي:
العاصمة الأمريكية كانت محطة ومجال للتنافس بين أبي مازن وشارون، الأول استقبله لأول مرة الرئيس الأمريكي بوش الذي رفض استقبال عرفات منذ وصوله الى البيت الابيض، وعكس لقاء أبي مازن بوش نتائج إيجابية أنعشت آمال بعض الفلسطينيين في استكمال وتنفيذ خريطة الطريق لكن شارون الذي يزور العاصمة الأمريكية للمرة الثامنة نجح في عكس نتائج زيارة أبو مازن فتراجع بوش عن الجدار الفاصل وقضية الأسرى.
كان أبو مازن قد تلقى مديحا وثناءً من الرئيس بوش والتقى المسؤولين في الإدارة الأمريكية حيث نجح في شرح كثير من الحقائق وإعادة كما يقول المراقبون الثقة للعلاقات الأمريكية الفلسطينية، واعتبرت الزيارة نصرا سياسيا وشخصيا لأبو مازن الذي اعرب عن ثقته في رغبة بوش اقامة دولة فلسطينية مستقلة.
شارون وقناع السلام
على الجانب الاخر حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون على أن تكون زيارته الى واشنطن هذه المرة ناجحة أسوة بالزيارات السبع السابقة التى قام بها منذ عامين ونصف العام، ولان زيارة أبو مازن أوضحت فيما يبدو ميلا أمريكيا للمطالب الفلسطينية حرص شارون على ارتداء قناع السلام في رحلته الى واشنطن مستبقا اياها بتسهيلات مفاجئة تعبيرا عن حسن نواياه تجاه عملية السلام منها الإفراج عن مائة أسير من حركة حماس والجهاد الاسلامي بالاضافة الى ال 350 أسير الذين وافقت الحكومة الاسرائيلية على الافراج عنهم الاسبوع الماضي كما بدأت اسرائيل بإزالة حواجز أمنية شمال غرب مدينة رام الله بعد ما اعلنت قبل ايام استعدادها للانسحاب من مدينتين فلسطينيتين في الضفة الغربية لتضافا الى بيت لحم وقطاع غزة وكذلك منح تصاريح عمل لآلاف الفلسطينيين.
وركزت الخطوات الإسرائيلية المستبقة لزيارة شارون على محاولة بناء الثقة لارضاء واشنطن وتخفيف الانتقادات الموجهة لشارون على خلفية مواصلة بناء الجدار العازل الذي كان بوش قد وصفه بأنه مشكلة في لقائه مع أبو مازن وقال مسؤولون في إسرائيل ان شارون كان يأ خذ بجدية تعليقات بوش في مسألة الجدار.
ويبدو أن الإجراءات الإسرائيلية التي وصفت بأنها تسهيلات قد نجحت بالفعل في تمهيد الطريق امام شارون لانجاح زيارته الى واشنطن وقلب المائدة على رأس أبومازن الذي غادر واشنطن وفي جعبته إشارات إيجابية من الرئيس بوش لصالح الفلسطينيين، فقد رحبت الإدارة الأمريكية بهذه الإجراءات وبدأت تظهر مؤشرات أمريكية على عدم وجود نية أمريكية للضغط على شارون من اجل مسألة الجدار التي كان من المتوقع ان تخيم على اجتماع بوش و شارون وتكون محل خلاف بينهما حيث سعى السفير الأمريكي في تل أبيب دان كيرتز إلى التقليل من جدية الضغوط التى قد يمارسها بوش على شارون.
وفي لقائه مع رايس زادت الشكوك حول إمكانية حدوث ضغوط أمريكية على شارون للوفاء بالتزاماته تجاه خريطة الطريق او وقف بناء الجدار الفاصل او إطلاق الاسرى وهي الوعود التى حصل عليها أبو مازن، وقد ابلغ شارون رايس ان العمل في المنطقة المثيرة للخلاف في الجدار لن يبدأ قبل مطلع عام 2004 وانه حتى ذلك الموعد يمكن إعادة النظر في المسار وفقا للتطورات على الأرض بل وطالب شارون بأن يكف الرئيس الأمريكي عن استعمال مصطلح «جدار» لان الحديث هو عن «سياج» أمني الغرض منه حماية الإسرائيليين ومنع تسلل «الانتحاريين».
وكانت وجهة النظر هذه هي ما عرضه شارون على بوش خلال لقائهما بالبيت الأبيض وانها الى جانب الإجراءات والتسهيلات التى حملها الى واشنطن قد ساهمت في إنجاح زيارته والتغلب على الخلاف الذي كان متوقعاً ان يتم بين واشنطن وتل ابيب في مسألة الجدار الفاصل والاستيطان.
وبرز هذا النجاح في المؤتمر الصحفي لبوش وشارون بعد الاجتماع الذى شهدت تصريحاته تراجعا ملحوظا في مواقف الرئيس الأمريكي من مسألة الجدار والاستيطان والأسرى والتي برزت في تصريحاته مع رئيس الوزراء الفلسطيني أبو مازن حيث اعلن بوش انه يتفهم كليا ان السياج الأمني هو الطريقة الأكثر فاعلية لحماية أمن إسرائيل وانه يأمل في الا يعود هذا السياج ضرورة على المدى الطويل وصاحب ذلك تأكيد شارون ان بناء السور الأمني سيتواصل وستبذل كل الجهود للتخفيف من انعكاساته على الحياة اليومية للفلسطينيين، لكن بوش عاد وأعلن بعد انتهاء زيارة شارون ان اقامة دولة فلسطينية في عام 2005 هدف واقعي، وعاد كولن باول للتأكيد على ان الجدار الفاصل يعرقل تنفيذ خريطة الطريق.
عودة للخلف
اهتزاز الموقف الأمريكي على هذا النحو بل وانحيازه الواضح أحيانا الى جانب الممارسات الإسرائيلية عكس ردود فعل لدى العديد من الجهات على رأسها الشارع الفلسطيني الذي أصيب بخيبة أمل بعد ان توقع ان تؤتي زيارة ابومازن نتائج إيجابية على ارض الواقع وعلى أبو مازن نفسه الذي وضعته المواقف الأمريكية في حرج امام الداخل الفلسطيني وكذلك على منظمات المقاومة التى عادت للتأكيد على عدم مصداقية الراعي الأمريكي وانحيازه الى جانب اسرائيل واعتبرت نتائج زيارة شارون ستنعكس سلبا على الهدنة المعلنة خاصة في ظل الصمت الأمريكي تجاه الخروقات الإسرائيلية للهدنة التى عددتها المنظمات بأكثر من سبعين خرقا وأكدت ان الاستمرار في ذلك يعرض الهدنة للانهيار.
وعلى هذا يبدو ان المحطة الأمريكية التى جمعت هذه المرة بين شارون وابو مازن وكانت أملا للكثيرين في حدوث تقدم تجاه تنفيذ خريطة الطريق وراهن عليها الكثيرون خاصة بعد زيارة أبو مازن بأن تكون الفاصلة في تجاوز مرحلة الصمت الأمريكي تجاه الممارسات العدوانية الاسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني ولذلك يرى المحللون ان خريطة الطريق على هذا النحو تواجه خطرا كبيرا إذا لم يتبلور الموقف الأمريكي و إذا لم تمارس ضغوط أمريكية حقيقية على اسرائيل للوفاء بالتزاماتها تجاه تنفيذ خريطة الطريق ودفع عملية السلام.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved