Saturday 2nd august,2003 11265العدد السبت 4 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل يحترق الإعلاميون.. ولماذا يحترقون.. وما درجة احتراقهم؟ 3/3 هل يحترق الإعلاميون.. ولماذا يحترقون.. وما درجة احتراقهم؟ 3/3
د. علي بن شويل القرني ( * )

  نتائج الضغوط المهنية
بالإضافة الى تطبيقات مقياس ماسلاك للاحتراق النفسي، قامت هذه الدراسة بقياس نوعية الضغوط التي يواجهها الإعلاميون في ميدان عملهم، وذلك بتحديد ست فقرات تقيس مدى الضغوط من قبل الوسائل الإعلامية المنافسة، ومن قبل الضغوط الداخلية للمؤسسة الإعلامية ذاتها، كما من قبل المجتمع بشكل عام. وتوضح نتائج هذه الدراسة اختلافاً واضحاً عند عرض النتائج حسب المتغيرات المؤسسية والمتغيرات الفردية. ويوضح الجدول درجة الضغوط المهنية حسب المتغيرات المؤسسية بخصوص نوع المؤسسة كما نلاحظ أن هناك اختلافا بين المؤسسات الإعلامية (إذاعة، تلفزيون، وكالة، وصحافة) من ناحية حجم الضغوط التي يواجهها الإعلاميون، ولكن بدرجة أكثر في جهاز التلفزيون ووكالة الأنباء وبدرجة اقل في الصحافة مما يعني أن جهاز التلفزيون هو الأكثر تعرضاً للضغوط والصحافة الأقل تعرضاً للضغوط. وهذا يتضح أكثر اذا قارنا المؤسسات الإعلامية الرسمية مع تلك الإعلامية غير الرسمية (الصحافة)، فإننا نلاحظ أن هناك اختلافاً كبيراً بينهما مما يؤكد فكرة أن المؤسسات الرسمية هي الأكثر تعرضاً للضغوط المهنية بشكل عام.
ومن المهم التوضيح هنا أن وكالة الأنباء السعودية باعتبارها وكالة رسمية فإنها تخضع لضغوط مهنية كبيرة، حيث هي في مقدمة وسائل الإعلام السعودية في نشر الأخبار والتغطيات الرسمية، وتواجه ضغوطاً رسمية في حالة عدم حضورها او تواجدها في المناسبات المختلفة للدولة، كما تواجه الوكالة ضغوطاً من قبل الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى في حالة عدم مباشرتها في نشر وبث الأخبار الرسمية للدولة في وقت سريع وبطريقة مباشرة. اما بخصوص التقسيم النوعي للوسائل، يبين الجدول أن الإعلام المرئي/المسموع هو الأكثر تعرضاً لضغوط مهنية واضحة بالمقارنة مع الإعلام المطبوع وحسب تقسيمات العمل الإعلامي المتخصص، فإن الاختلاف يكون بسيطاً بين أقسام التحرير والإدارة والإنتاج.جدول رقم ( 1 )
أما المتغيرات الفردية، فتتضح من خلال مراجعة الجدول التالي، الذي يشير الى درجة الضغوط المهنية حسب سبعة متغيرات. ونلاحظ أن متغير الجنس ذو دلالة إحصائية، مما يعني أن الذكور هم الأكثر تعرضاً للضغوط من نظرائهم من الإناث، حيث أن الذكور يتصدرون الواجهات الإعلامية ويواجهون الضغوط المؤسسية والمجتمعية، بينما الإناث يعملن في مستويات تنفيذية بعيدة نسبياً عن الضغوط المباشرة. اما متغير الحالة الاجتماعية، فإن الجدول يوضح أن المتزوجين يتعرضون أكثر من العزاب للضغوط المهنية. وبمقارنة السعوديين مع غيرهم من غير السعوديين، يبين الجدول أن المشتغلين من غير السعوديين يقل تعرضهم للضغوط المهنية مقارنة بزملائهم من السعوديين، وهذا أمر واضح - ربما - نتيجة أن السعوديين هم الذين يمثلون الواجهة التي تتعرض للضغوط بشكل عام. ونلاحظ أن متغيرات العمر والدخل والخبرة هي كذلك تحمل اختلافات بسيطة بين فئاتها المختلفة، ولكنها لاتمثل دلالات احصائية تذكر. وعموما ففي هذه المتغيرات الثلاثة نفسها، فإن أفراد العينة الأصغر عمراً، والأقل خبرة، والأكثر دخلا هم الذين يواجهون ضغوطاً أكثر من غيرهم من الفئات الأخرى في المتغير نفسه. رقم ( 2 )
ومن خلال استجابة أفراد العينة لبعض الاستفسارات الخاصة ببيئة العمل يوضح الجدول التالي عدداً من المتغيرات التي تعكس مدى الانسجام والتوافق على صعيد العمل، ومدى توافر الفرص التدريبية المتاحة للإعلاميين. ونلاحظ أن الانسجام متوافر بنسبة كبيرة على الدوام، حيث أن 63% من أفراد العينة يرون ذلك، بينما نسبة الذين يرون توافر التعاون في بعض الأحيان هي 32%. اما السؤال بخصوص توافر الفرص التدريبية في مجال العمل فإنها ليست بصفة دائمة (14%)، وانما تأتي في بعض الأحيان (42%). وحوالي 44% يرون بأنها غير متوافرة او في حكم النادر. اما السؤال الذي يستجلي مدى تعرض الأفراد من العينة لملاحظات سلبية من قبل رؤسائهم في العمل، فإن حوالي النصف منهم يواجهون مثل هذه الملاحظات السلبية، ويرى حوالي النصف الآخر انها نادرة او غير موجودة.
وفي الجدول نفسه حاولت الدراسة التعرف على مدى توافر الوقت لممارسة الهوايات الترويحية عن الأفراد من هذه العينة، لأن الهوايات تعمل على تنفيس الضغط الذي يتولد من بيئة العمل. وأشار الجدول الى أن 12% فقط يمارسون هواياتهم بصفة منتظمة، بينما حوالي نصف أفراد العينة لا يمارسون هواياتهم في بعض الأحيان.جدول رقم ( 3 )
ومن الأسئلة التي طرحت على أفراد العينة سؤال التفكير المستقبلي للعمل الإعلامي: لو كان لديك الخيار هل ستظل في هذا العمل ام تنتقل الى عمل آخر في مجال الإعلام ام تنتقل الى عمل آخر خارج ميدان الإعلام؟ وتقصد الدراسة من هذا السؤال التعرف على مدى الارتياح والرغبة في العمل الإعلامي الحالي. وقد أشار الجدول التالي الى أن نسبة تزيد قليلا على نصف العينة تفضل الاستمرار في المؤسسة الإعلامية نفسها مما يدل على مستوى جيد من الرغبة في الاستقرار المهني. وتوجد نسبة 30% من مجمل أفراد العينة ترغب الانتقال الى عمل آخر ولكن في حدود المجال الإعلامي.
اما من يرغب في ترك الإعلام نهائيا فهي نسبة بسيطة جدا لا تتجاوز 7% وهذا يدل على أن العمل الإعلامي يوفر ظروفاً مناسبة جدا للكوادر العاملة فيه، على الرغم من وجود حالات من الاحتراق المتوسط لدى الفئات الإعلامية المختلفة.جدول رقم ( 4 )
الخاتمة
سعت هذه الدراسة الى التعرف على حجم الضغوط المهنية ودرجة الاحتراق النفسي الذي يعاني منه المشتغلون في المؤسسات الإعلامية السعودية، وذلك من خلال مسح ميداني لمختلف منسوبي الأجهزة الإعلامية الرسمية والخاصة في المملكة العربية السعودية وتم توظيف مقياس ماسلاك للاحتراق النفسي، إضافة الى فقرات خاصة بالضغوط المهنية. ويمكن تلخيص أهم النتائج لهذه الدراسة على النحو التالي:
أولاً: من خلال تطبيق مقياس ماسلاك للاحتراق النفسي اثبتت نتائج هذه الدراسة وجود درجات متوسطة من الاحتراق النفسي في ابعاده الثلاثة المتمثلة في الإجهاد الانفعالي والتبلد الاحساسي والإنجاز الشخصي في ممارسة العمل الإعلامي في المملكة العربية السعودية. ومثلت الإذاعة أعلى درجات الاحتراق النفسي مقارنة بوسائل الإعلام الأخرى الممثلة في هذا البحث. واتضح من الدراسة أن المؤسسات الإعلامية الرسمية هي أكثر احتراقاً من تلك الوسائل التابعة للقطاع الخاص. ويقصد بالوسائل الإعلامية الخاصة في سياق هذا البحث المؤسسات الصحافية التي تصدر عنها الصحف السعودية اليومية. أما بخصوص المقارنة بين الإعلام المطبوع والإعلام المرئي والمسموع، فإن درجة الاحتراق مرتفعة مع أجهزة الإذاعة والتلفزيون وأقل مع الوسائل المطبوعة كالصحافة ووكالة الأنباء. ومن خلال طبيعة الأقسام المتخصصة في المجال الإعلامي، أشارت النتائج إلى أن أقسام التحرير والإدارة الإعلامية هي أكثر احتراقا من تلك الخاصة بالإنتاج التي قد ترى نفسها تنفيذية بشكل عام.
ثانياً: أوضحت نتائج هذه الدراسة الى أن الاحتراق النفسي يبدو أكثر وضوحا بين الفئات التالية: الإناث، السعوديين، حملة الدكتوراه، المتزوجين، الأصغر سنا، والأقل دخلا وخبرة في مجال الإعلام. وهذا ما يمكن أن نطلق عليه شخصية بروفايل profile الاحتراق في الإعلام السعودي.
ثالثاً: بخصوص مستوى الشعور بالضغوط المهنية التي يواجهها الإعلاميون، أشارت نتائج هذا البحث إلى أن منسوبي المؤسسات الإعلامية في القطاع العام من إذاعة وتلفزيون ووكالة أنباء هم الأكثر تعرضاً للضغوط الإعلامية مقارنة بمؤسسات القطاع الخاص المتمثلة في الصحافة. وكذلك يتعرض المشتغلون في إدارة الإعلام إلى ضغوط أكثر من نظرائهم في التحرير والإنتاج.
رابعاً: تشير نتائج البحث إلى أن الفئات الأكثر تعرضاً للضغوط المهنية في مجال الإعلام هي: الذكور، المتزوجون، الأقل تعليماً، الأصغر سناً، الأكثر دخلاً، والأقل خبرة إعلامية.
وهذا ما يمكن أن نطلق عليه شخصية بروفايل profile الضغوط المهنية في المؤسسات الإعلامية السعودية.
خامساً: ومن خلال بعض الأسئلة التي استجابت لها عينة البحث في نقاط ذات علاقة بالبيئة الإعلامية، أشارت النتائج عن وجود انسجام وتعاون بين زملاء العمل، وعدم وجود فرص تدريبية كبيرة، مع توافر مساحة محدودة من التوجيهات الإدارية من الرؤساء ذات الصبغة السلبية، كما أن إتاحة الوقت لممارسة الهوايات الشخصية ظلت محدودة.
سادساً: وبسؤال أفراد العينة عن مدى الشعور بالارتياح النفسي في القيام بمهامهم في مؤسساتهم الحالية، أوضحت النتائج الى أن حوالي نصف المبحوثين يرغبون الاستمرار في محيط العمل نفسه بالمؤسسة الإعلامية، بينما أبدى الباقي رغبة في تغيير المؤسسة إلى مؤسسة إعلامية أخرى أو إلى عمل آخر في غير المجال الإعلامي.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved