ما أكثر أصحاب الهمم العالية، وما أكثر من ينشدون الصعود في سلم النجاح والإبداع، وما أكثر الذين يطمحون للعلياء، وفي مقابل ذلك ما أكثر الحساد وما أثقلهم على النفوس بكلماتهم النابية وعباراتهم الجارحة التي تنم عن حقد دفين قد خبؤوه وأضمروه في قلوبهم فهي تشتعل وتتأجج نارا وسعيراً كلما رأت تميزاً ونجاحاً حل بغيرها، لا يسرهم تميز المتميزين ولا تفوق المبدعين وتألقهم حيث لم يفلحوا في الوصول إلى ما يشاهدونه من تميز لغيرهم، فقلوبهم قدور تغلي ومغاريفها ألسنتهم الحادة وانتقاداتهم الحاقدة فهم:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه
فالناس أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها
حسداً ومقتاً إنه لذميم
|
ولا تكتمل فرحتهم ولا تهنأ معيشتهم ولا تروق أذهانهم إلا أن يروك صفراً شمالياً في مجتمعك لا لك ولا عليك وإنما عالة عليه فهم كالذباب لا يقع إلا على القبيح.فإليك أيها المتميز، أن لا تستكين لهؤلاء ولا تلتفت يوماً إليهم ولا تصغي أبداً لعفن كلامهم وكن:
كالصقور على الذرا
تصغي لوسوسة القمر
|
وصم أذنيك عن سماع تبرماتهم وغض طرفك عن عوجهم فهم:
كالغراب يطارد الجي
ف الحقيرة في الحفر
|
فأعط كل ذي حق حقه، وصح ونادي بأعلى صوتك لتفجر به آذانهم وتقلق به أذهانهم وقل:
سأنال المجد رغماً عن عداتي
سأنال المجد أبنيه لوحدي
|
وامض أمامك بهمتك العالية وبعزتك وشموخك وإبائك وردد:
أمطري لؤلؤا سماء سرنديب
وفيضي آبار تكرور تبرا
أنا إن عشت لست أعدم قوتا
وإذا مت لست أعدم قبرا
همتي همة الملوك ونفسي
نفس حر ترى المذلة كفراً
وإذا ما قنعت بالقوت عمري
فلماذا أزور زيداً وعمراً؟
|
وتحية إكباراً لصمودك وشموخك في زمن الإنكسار.
|