مع ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف والإفراط في استخدام المسابح تتضاعف احتمالات الاصابة بأمراض الحساسية الموضعية أو التلامسية والارتيكاريا، والتي تعد من أكثر أمراض الجلد شيوعاً، لكن كيف تحدث الحساسية وكيف يكتشف شخص ما حساسيته لمواد معينة وما هي أكثر المواد المسببة للحساسية الموضعية والارتيكاريا، وغيرها من الأسئلة التي يجيب عنها د. محمود النجومي استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية بمستشفى الحمادي بالرياض في هذا اللقاء.
* بداية: نود أن نعرف ما هي الحساسية الموضعية أو الإرتيكاريا؟
- تعتبر الحساسية الموضعية أو التلامسية والارتيكاريا من أكثر الأمراض شيوعاً في هذا العصر بفعل انتشار استخدام الكيماويات والمواد المصنفة في كافة مجالات الحياة لكن قبل الدخول في تفاصيل أمراض الجلد الناتجة عن الحساسية، يجب أن نعرف أن الخالق سبحانه وتعالى جعل في كل إنسان جهازاً للمناعة وهو جهاز دفاعي يعمل ضد أي جسم غريب يتصادف دخوله الى داخل الجسم، وفي حالة إذا كان المركب بروتينياً لكنه لا ينتمي الى أنسجة وسوائل الجسم، يعامل أيضا على أنه جسم غريب فيقوم بتوجيه مكونات جهاز المناعة للتعرف عليه أولاً ثم التعامل معه لاحتوائه ثم التخلص منه، ويتكون جهاز المناعة من نوعين أساسيين من الخلايا، الخلايا الابتلاعية أو البلعومية ووظيفتها ابتلاع الأجسام الغريبة ثم تقديمها الى النوع الثاني من الخلايا وهي خلايا الليمفوسيت التي تنتمي الى خلايا الدم البيضاء، والتي تبدأ المرحلة الثانية من التعامل مع هذا الجسم الغريب، ويوجد نوعان من خلايا الليمفوسيت خلايا (ب) وخلايا (ت) فإذا ما دخل الجسم جسم غريب، تتلقفه الخلايا الابتلاعية وتبتلعه وتحلله ثم تخرجه في صورة تستطيع معها خلايا الليمفوسيت (ب) و(ت) التعرّف عليه والتعامل معه.
* ماعلاقة جهاز المناعة بحدوث الحساسية الموضعية أو الإرتيكاريا؟
- الحساسية هي رد فعل من الجسم لمادة يعتبرها غريبة عليه يلعب فيه جهاز المناعة الدور الرئيسي، وينتج رد الفعل مع تلك المادة التي قد تكون نوعاً من الطعام أو دواء أو حبوب لقاح أو مادة كيماوية تدخل في صناعة الملابس.. إلخ وهذه المواد تعتبرها أجسام البعض منا مواد غريبة، ولابد لحدوث الحساسية من أن يتعرض الجسم للمادة المسببة تعرضاً مبدئياً لا يحدث خلاله أي رد فعل من جانب الجسم سوى أن يتعرّف جهاز المناعة على هذه المادة ويدخلها في ذاكرته ويخصص لها إحدى خلايا الليمفوسيت للتعامل معها اذا ما تصادف ودخلت الى الجسم مرة أخرى.
* لكن البعض لا يصابون بالحساسية تجاه مواد معينة في وقت ما، ويصابون بها بعد ذلك فكيف يحدث هذا؟
- البعض قد يحتاج الى أكثر من تعرض مبدئي للمادة المسببة للحساسية ولفترات تتراوح من أيام قليلة الى سنوات، يتم خلالها تكوين الذاكرة المناعية والخلايا المضادة، بحيث يصبح الجسم حساساً لتلك المادة، فإذا ما تعرض لها بعد ذلك، تفاعل معها جهاز المناعة ونتجت عن ذلك أعراض الحساسية.
* وهل هناك استعداد شخصى لدى البعض للإصابة بالحساسية؟
- يكون هنالك استعداد شخصي.. لدى المريض لتكوين حساسية لمادة يعتبرها جسمه غريبة عليه بينما يتعرض الآخرون لهذه المادة دون أي أثر وفي بعض الحالات الأخرى قد يتعرض الشخص للمادة المسببة للحساسية لفترات قد تطول أو تقصر دون أن يعاني من أية أعراض، ثم يبدأ بعد ذلك في التفاعل مع المسبب، وهناك خطأ شائع مفاده أن الإنسان يولد ومعه الحساسية لمادة ما أو عدة مواد، لكن الواقع أن الحساسية مرض مكتسب، كذا يعتقد البعض بالخطأ أن المادة التي اعتاد عليها الشخص لن تسبب له حساسية.
* وماهي أكثر المواد المسببة للحساسية الموضعية؟
- الحساسية الموضعية أو التلامسية تحدث نتيجة تكرار تعرض الجلد لمادة معينة كالصابون، والشامبو، والمنظفات، والمطهرات، وصبغات الشعر والشفاه، والرموش الصناعية، ومعاجين الاسنان، والعطور، والأحذية، والجوارب، ومزيلات الشعر، والروائح للعرق، والحلي، والمعادن.. إلخ.
* ماهي الأعراض التي تصاحب الإصابة بالحساسية الموضعية؟
- الصورة الاكلينيكية لحالات أمراض الحساسية التلامسية يكون الجلد المصاب أحمر اللون متورماً قليلاً ويرى على سطح المنطقة الملتهبة حبيبات وفقاعات مختلفة الحجم وقد تتطور الحالة لتصبح اكزيما حادة نازة، حيث يرتشح من الجلد مادة صفراء فاتحة اللون، ويصحب الالتهاب الحاد حكة شديدة مع حرقان في الحالات المزمنة ويكون الجلد أكثر سمكاً وأغمق لوناً من الطبيعي وقد تظهر به شقوق مؤلمة وتكون الحكة شديدة في هذا الطور.
* وماذا عن الارتيكاريا وكيفية حدوثها؟
- الارتيكاريا هي أكثر أنواع أمراض حساسية الجلد انتشاراً وتظهر الارتيكاريا عند تعرض الشخص لمادة غذائية كانت أو غيرها سبق أن تعرض لها، فنبهت جهاز المناعة لفرز أجسام مضادة لتلك المادة وقد لا تظهر أعراض الإرتكاريا عند أول تعرض للمادة المسببة للحساسية وإنما عند التعرض لها عدة مرات وتظهر على شكل أجزاء حمراء مرتفعة قليلا عن سطح الجلد، تحيطها هالة حمراء وتصحبها حكة شديدة، وإصابات الإرتكاريا تظهر فجأة، وتختفي سريعاً من مكان لتظهر في مكان آخر من الجلد، وقد يصحب الإرتكاريا ضيق في التنفس أو صعوبة في البلع، ويلاحظ في الحالات الشديدة وجود تورم في بعض المناطق مثل الشفتين والعين والأصابع وأعضاء التناسلية.
* وما هي أكثر المواد التي قد تسبب الإرتيكاريا؟
- مئات من المواد قد تسبب الإرتيكاريا ويختلف السبب من شخص لآخر، وقد تكون من الأطعمة مثل البيض، السمك، الجمبري، الألبان، الموز، المانجو، الشيكولاتة، الفراولة، المواد المضافة للأطعمة مثل المواد الحافظة أو الأدوية أو مواد تستنشق وتصل إلى الدم عن طريق المسالك التنفسية مثل حبوب اللقاح وجراثيم الفطريات أو لدغات بعض الحشرات مثل النمل والنحل أو الإصابة ببعض الميكروبات والطفيليات أو التوتر النفسي، وعند تعرض الشخص الحساس للمادة المسببة للحساسية تتفاعل تلك المادة مع الأجسام المضادة التي أفرزها جهاز الهستامين التي تسبب الإرتيكاريا.
* وكيف يتم علاج الحساسية واكتشاف حساسية المريض لمادة معينة؟
- علاج الحساسية التلامسية أو الإرتيكاريا يعتمد على معرفة السبب وتجنبه ويتم التشخيص بعدة طرق أفضلها ما يعرف باختبار الرقعة لفحص الحساسية التلامسية ويعمل هذا الفحص على اكتشاف مسببات الحساسية التلامسية والتي غالباً ما يكون الشخص على تماس معها، ويقوم الطبيب المعالج بوضع لصقات تحتوي على تلك المواد على ظهر المواد لمدة 48 ساعة، وإذا كان الفحص إيجابيا من بعض المواد فإنه يظهر احمراراً وحكة مع بثور سطحية في بعض الأحيان، وبعد 96 ساعة من الزيارة الأولى يعاد فحص المريض مرة أخرى، وبالنسبة للإرتيكاريا فيتم الفحص بسحب عينة من الدم من المريض لعمل اختبار الحساسية وعند النتيجة يعرف الشخص المادة أو المواد التي تسبب الإرتيكاريا ويبدأ العلاج والشفاء بإذن الله تعالى.
|