ما السر في العلاقة بين النقود أو بالأخص العملات المعدنية والجمال.. وأقصد منه بالذات حسن الوجه لدى المرأة..؟ هل هناك حقاً أي وجه للمقارنة بين قطعة نقود معدنية صماء والوجه الجميل؟ إذن ما مدى دقة توصيف وجه المرأة الحسناء بالعملات النقدية المعدنية كما درج على ذلك الشعراء العرب منذ جاهليتهم، بل وجاراهم بذلك الشعراء الشعبيون؟!
حسناً لنبدأ أولاً بالتمثيل على ذلك شعرياً:
يقول الشاعر الجاهلي:
ووجه خلقه لما بدا لي
غداة البين دينارا نقيا
|
ويقول فصيح آخر:
تريك غداة البين كفا ومعصما
ووجها كدينار الأعزة صافيا
|
أما الشاعر الشعبي فيصدح بالجمال (نقودياً!) قائلاً:
أبو رمشٍ على خده علامه
بها نقشٍ مثل نقشٍ (بغازي)
|
و(الغازي) هنا عملة معدنية قديمة تم تداولها خاصة في منطقة نجد وذلك لردهة من الزمن قبل توحيد بلادنا الغالية،
أما الآن فنعود أدراجنا للإجابة على السؤال المطروح استهلالاً: هل هناك حقاً أي وجه للمقارنة بين قطع النقود المعدنية ووجه المرأة الجميلة؟ ماذا عن تأثيرات الغرائز الفطرية الشاذة لدى بعض بني البشر كالبخل والطمع والجشع وكل ما يجعل من الإنسان أسيراً لدى المادة. فالبخيل طبعا سيصف الجمال بأغلى ما يملك ويحب.. وذلك هو (الفلوس!).. التي لها على البخلاء خاصة سحر يغشى الأبصار ويغشي البصائر، إذن (الظاهر!) أن سحر النقود النفسي هذا يعمل عمله في الشاعر استدلالاً برؤيته لجمال ما ليس جميلاً من المعادن، بل وأسوأ من ذلك حين يتخذ مما يتم تداوله إنسانياً
ومما تلمسه الأصابع معياراً جمالياً يستنسخ من خلاله القبح المعدني ليصف به نضارة وحسن الوجه الجميل..!
ختاما: ماذا عن دقة المقارنة وموضوعيتها في حال كانت العملة المعدنية مهشَّمة.. متهالكة (مصدِّية!) أكلها التآكل..؟! أما الإجابة هنا فيحسُن تركها لعلماء الآثار وخبراء النقود المعدنية ومَنْ في حكمهما من خبراء الجمال الأثري.. أو الآثاري.. أو بالأصح المدفون بباطن الثرى..
|