* الرياض خالد السليمان:
قدم المخطط الهيكلي الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض المعد من قبل مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض توصيفاً عاماً للعناصر المكونة للمدينة إضافة إلى انه ترجم متطلبات مدينة الرياض في إطار استراتيجية التطوير الحضري ضمن نطاق حدود حماية التنمية للمدينة ونطاقها العمراني للمرحلتين الأولى والثانية.
جاء ذلك في مجلة تطوير والتي تصدر عن الهيئة العليا لمدينة الرياض العدد 35 والتي أوضحت المخطط الهيكلي وحددت كل عنصر في المدينة من حيث تعريفه وتحديد موقعه وعلاقته ببقية العناصر المكونة للمدينة.
كما ذكرت المجلة بأن المخطط الهيكلي يعكس الجوانب المكانية والوظيفة الاستراتيجية للتطوير الحضري والسياسات الحضرية ضمن نطاقها الزمني «عام 1442هـ» كما يحدد استعمالات الأراضي الأساسية والأنشطة ومراكز العمل ونظام التنقل ومرافقه وشبكات الطرق والبنى التحتية والمرافق العامة والمتطلبات البيئية والمناطق المفتوحة كما يعنى هذا المخطط بوضع الخطوط الارشادية التي تقود التنمية الحضرية المستقبلية بجميع جوانبها على مستوى المدينة ويغطي الأراضي الواقعة ضمن نطاق حماية التنمية بمساحة تبلغ 900 ،4كم2 ولعدد من السكان يصل لحوالي 5 ،10 ملايين نسمة وفي إطار زمني محدد بعام 1442هـ.
ومرت مرحلة الإعداد للمخطط الاستراتيجي بمراحل عديدة حيث كشفت العمل بهذا المشروع الهام إلى ثلاث مراحل المرحلة الأولى ركزت على جمع المعلومات وتقديم أوضاع المدينة الراهنة وتحديد القضايا الحرجة المؤثرة على مستقبلها ووضع تصور مستقبلي لتطورها أما المرحلة الثانية صيغت فيها الأهداف والغايات وحددت المعايير التخطيطية والتوقعات السكانية والاقتصادية وفي المرحلة الثالثة تم تطوير الإطار الاستراتيجي للمدينة والذي يتضمن مكونات أساسية منها المخطط الهيكلي العام والسياسات الحضرية وخطة الإدارة الحضرية والمخططات الهيكلية المحلية.
واعتبر في إعداد المخطط الهيكلي العديد من الأسس والمبادئ والمحددات ومن أبرز تلك الأسس والمحددات:
(1) المحددات المكانية:
وتتمثل في المحددات البيئية من جبال وأودية ومناطق ذات مواصفات خاصة مما يؤثر على التنمية العمرانية للمدينة.
(2) المحددات التنظيمية
يأتي في مقدمتها نطاق حماية التنمية «4900كم2» والنطاق العمراني المقر بمرحلتيه «الأولى والثانية» من قبل مجلس الوزراء.
(3) المناطق المبنية
شكل النسيج العمراني القائم، وشبكات البنى التحتية.
(4) متطلبات التنمية
اعتبر في المخطط ضرورة توفير مصادر الدخل لسكان المدينة الجدد، انطلاقاً من تنويع قاعدة الدخل وتطوير موارد المدينة، وخصوصاً في مجال المياه.
(5) القضايا الحرجة.
غياب النقل العام في المدينة، والمرافق العامة والبنى التحتية والمؤسسات الخدمية، وتنامي قوة العمل في ظل محدودية النمو في فرص العمل المتاحة.
ملامح المخطط الهيكلي
يترجم المخطط الهيكلي المبادئ والتوجهات العامة التي تضمنتها السياسة الحضرية والتي طورت بعد دراسة نماذج لبدائل استراتيجية لتطوير المدينة التي اسهمت في تحديد ملامحه التي أبرزها في الآتي:
(1) تعددية المراكز الحضرية
تتضمن المخطط الهيكلي نظرة شاملة لإعادة تطوير وسط المدينة كما يتضمن المخطط الهيكلي خمسة مراكز حضرية موزعة على مسافات متقاربة على أطراف المدينة ستشكل هذه المراكز ذات الكثافة العمرانية العالية مراكز عمل وخدمات أساسية لنطاق واسع من المناطق المحيطة بها.
(2) محاور التنمية
يتضمن المخطط الهيكلي تأكيداً لهذه الأعصاب، وتطويرها لتقوم بربط المراكز الحضرية الفرعية ببعضها البعض، وربط هذه المراكز بمركز المدينة، وستشكل هذه الاعصاب أوعية أساسية لنقل عام فاعل، وذي جدوى اقتصادية.
(3) نظام النقل
يعتبر النقل إحدى القضايا الأساسية في تطوير المدينة واستيعاب نموها المستقبلي.
يتضمن علاج متطلبات النقل جملة من الاجراءات المتكاملة، فالمراكز الحضرية، وسياسة توزيع النمو ستسهم في حل مشاكل النقل وتطوير ممرات المشاة.
(4) العناية بالبيئة
اعتبرت متطلبات السلامة البيئية، والحد من التلوث في مجال المناطق الصناعية، والنسيج العمراني الكثيف «المراكز الحضرية» وشبكات الطرق، والصناعات القائمة على الموارد الطبيعية والمناطق التاريخية والتراثية في المدينة كقاعدة مهمة للسياحة، وتطويرها كمصدر اقتصادي جديد للمدينة.
(5) النمو المدمج
تعاني الرياض من التشتت العمراني، وانتشار الأراضي البيضاء ضمن المناطق المبنية، وان كانت هذه الظاهرة في انحسار، حيث انخفضت نسبة الأراضي البيضاء من 50% إلى أقل من 25% خلال السنوات الماضية.
يهدف المخطط الهيكلي لجعل مدينة الرياض مركز النمو، وهو ما يتم تحقيقه من خلال تطوير الأراضي البيضاء، ورفع الكثافة السكانية في الأحياء الجديدة، وتحقيق الكفاءة في استخدام المرافق العامة والتوزيع المناسب لاستعمالات الأراضي.
عناصر المخطط الهيكلي
حددت العناصر المكونة للمخطط الهيكلي حسب طبيعتها الوظيفية، ومتطلباتها الإنشائية، وخصائصها التخطيطية، وتتلخص أبرز العناصر المكونة للمخطط في الآتي:
(1) وسط المدينة
تجسد دور المدينة كعاصمة للمملكة ومدينة ذات مكانة دولية واقليمية، ويتحقق ذلك من خلال الروابط العمرانية وغيرها، بين مناطق الوسط التجاري، والمنطقة التاريخية من المدينة بما تحتويه من موارد ثقافية وتاريخية، ومنطقة الديوان الملكي وحي السفارات.
المتنزه العام في أرض المطار القديم، ومن ضمن الروابط الموحدة لعناصر هذه المنطقة: إعادة تطوير الطرق وتقوية المداخل المؤدية إليها بحيث تكون مشجرة بشكل مكثف، بحيث يشكل طريقا الأمير عبدالله والعروبة محاور تربط موقع المتنزه العام في أرض المطار القديم بمنطقة الديوان الملكي، كما يسهم طريق الملك عبدالعزيز في الربط بين المتنزه العام ومركز المدينة التاريخي، وتكتمل الحلقة بطريق الملك خالد الذي سيربط منطقة الديوان الملكي بمركز المدينة.
(2) المراكز الحضرية
ستكون المراكز الحضرية مناطق كثافات عمرانية مرتفعة، وذات استعمالات مختلطة داخل قطاعات النمو التي تتوسع بسرعة في جميع اتجاهات النمو بالمدينة، وستكون بمنزلة مناطق للتوظيف، وستوفر خدمات بيع التجزئة، وغيرها من الخدمات الرئيسية، بما فيها مكاتب للقطاع العام والخاص مع مجموعة واسعة من المباني الحكومية والتعليمية، وسيكون اسكانها مرتفع الكثافة.
وسيربط نظام النقل المقترح المراكز الفرعية بوسط المدينة، كما سيربطها ببعضها البعض.
(3) العمران القائم
يشمل المنطقة القديمة الواقعة في وسط المدينة، ومناطق التطوير والضواحي والأحياء التي تكونت خلال العقدين الماضيين، وتشكل منطقة وسط المدينة عنصرا مستقلا في المخطط، وعلى الرغم من ان هذه المناطق تعتبر مبنية مكتملة المرافق إلا انها تشتمل على أراض بيضاء.
يحدد العمران القائم في المدينة بالمرحلة الأولى من النطاق العمراني. وتتلخص أبرز معالجات المخطط الهيكلي لهذا العنصر في تطوير الأراضي البيضاء، وتطوير أداء شبكة المرافق العامة، والتجديد العمراني، والبنى التحتية، وتطوير البيئة السكنية في الأحياء القائمة.
(4) الضواحي الجديدة
خصصت مساحات حضرية في شمال وشرق المدينة لمواجهة الزيادات السكانية التي تتجاوز التوقعات المحددة ضمن بيئة حضرية مختلفة عن النمط العام لسكان المدينة، من خلال توفير ضاحيتين جديدتين تتمتعان باستقلالية كاملة في المرافق والبنى التحتية، وخصوصية في التخطيط العمراني، ونمط الأحياء السكنية، وستقام مناطق عازلة بين هذه الضواحي الجديدة، وبين النسيج العمراني المتصل للمدينة.
(5) الأحياء الحديثة
يتصف النسيج العمراني في الرياض بالنمط الشبكي، والكثافة العمرانية المنخفضة، وستكون الأحياء الحديثة على نفس الطبيعة، غير انها ستلبي رغبات السكان في ايجاد التنوع والاختيار في أنواع المساكن.
تمتاز المناطق الحضرية الحديثة باختلاف مستويات الكثافة السكانية، وذلك بحسب قربها وبعدها من أعصاب الأنشطة، فالمناطق المحاذية لأعصاب الأنشطة سيتراوح متوسط الكثافة السكنية فيها بين 20000 إلى 40000 وحدة سكنية في الكيلو متر المربع، تليها مناطق متوسطة الكثافة السكنية حيث تتراوح بين 10000 إلى 20000 وحدة لكل كيلومتر مربع، في حين لن تقل الكثافة السكنية في بقية أحياء المدينة عن 100 وحدة لكل كيلومتر مربع.
(6) أعصاب الأنشطة
حددت مواقع الأعصاب الأنشطة الجديدة، وذلك لربط المراكز الحضرية الجديدة بمنطقة وسط المدينة، ولدمج شبكة الخدمات التجارية، والخدمات العامة للمدينة، وستتطور هذه الأعصاب وفقا لآليات نمو الأسواق. وسيؤخذ في الاعتبار ضرورة اقامة المكاتب والمعارض ومحلات البيع، وخدمات السيارات، والفنادق والمجمعات السكنية والتجارية، ومتطلبات النقل العام، وحركة المشاة.
يتضمن المخطط الهيكلي ثلاثة أنواع من أعصاب الأنشطة، فهناك العصب المركزي الواقع ما بين طريقي العليا وطريق الملك فهد، يمتاز هذا العصب بالمباني العالية التي تصل لثلاثين طابقا، أما النوع الثاني من أعصاب الأنشطة فيكون على الشوارع الرئيسية التي تربط المراكز الحضرية الفرعية الجديدة بوسط المدينة، أو التي تربط المراكز الحضرية ببعضها البعض، أما النوع الثالث فسيكون أعصاب الأنشطة الثانوية وهي معنية بخدمات التسوق المحلي، وعلى مستوى المناطق
التي تقع فيها.
|