في ظل ما يتهدد العالم العربي من تمزق وتفرق وتشرزم بأسباب ما انغرز في خاصرة الأمة العربية من مؤامرات حيكت ضدها وضد توجهها وبقائها على الأرض وفقاً لنظرية الصراع ويوم ان وطأت جحافل الجيوش الصليبية ووجدت الطريق ممهداً بفضل تفكك الدويلات وانشغال الساسة بالقضايا الانصرافية ومعارك الجواري والقصور والحشم والخدم وضياع الدين وهوية وكأن ثمة شيء مرعب أطبق على أحاسيس الأمة فأفقدها كرامتها وكبرياءها وشعورها الدائم بالاعتزاز والفخر، إذ أضحت الأمة في عصر انحطاطها مسخاً مشوهاً لا يرقى لمستوى صّد هجمات الناموس ناهيكَ عن صّد الجيوش بعددها وعتادها.هكذا كان حالنا ورغم فورة الحركات التحررية التي استطاعت إخراج الغزاة والمستعمرين إلا أن مظاهر الاستعمار ما زالت راسخة في شؤون وشجون كثير من الخارطة التي نعيشها في واقع الحياة اليومية وأصبحت كثير من الحكومات مكبلة بسلاسل الفكر الاستعماري وحبيسة لنهج الغزاة في المثاقفة وعلمنة الدولة وتكبيل الإرادة حتى وصلنا إلى هذا الحال المزري الذي لا يسرّ حتى أعداءنا فقد ضاع من فمنا طعم الحياة وقبلنا قدرنا في استسلام، والمستعمرون الذين خرجوا قبل نصف قرن من بلادنا التي استعمروها ندموا الآن على حالة الفقر والجهل والمرض التي تركونا فيها ولو كانوا يدرون اننا سنصبح عالة فيما بعد على الغرب المتحضر حتى في رسم خارطة معاشنا اليومي لما فعلوا ذلك.
نعم لقد حدث ما حدث ولا تنفع ساعة ندم، فالغرب اليوم أصبح أكثر شفقة علينا من أنفسنا ولأنه يدري ان في ضياعنا ضياع لعنصر الاستقرار وديمومة الحياة المستقرة على الفطرة السليمة، فها هو الغرب يحاول الآن عبثاً إعادة الإعمار تحت عباءة صناديق التنمية وإعانة الدول النامية والقروض الميسرة والعسيرة في محاولة منه لأن تلحق هذه الشعوب بالركب وتمحي من أذهانها حالة الكره والحنق العارمة وسيول الإرهاب الجارفة التي تعبر عن مكنونات نفوس مشحونة بالكراهية ومتوثبة للانتقام ورد الاعتبارات وذهاب أطنان الذل والهوان الذي سامه إياها ذلك الغازي البغيض، ومن هنا كثرت التساؤلات من أوساط المثقفين الغربيين وجاء السؤال ملحاحاً لماذا يكرهنا العرب؟ وفي ظننا الجواب موجود في عقول الذين طرحوا هذه الأسئلة وان كانت الإجابة الصريحة عليه تحتاج إلى شجاعة استثنائية وشفافية ونقد ذاتي لا نرى في الوقت الراهن ان بمقدور أحدهم الإجابة عليها، ومن يجب فإن مصيره معروف وسيغيب فجأة من إحدى حلقات الصهينة التي أمسكت بزمام الكنيسة وحرمت الصادقين قول الحق وجعلت من المسيحية ديانة للعنف والقتل بدلاً من حياة السلام التي جاء بها رسول السلام عيسى عليه السلام، فها هي هموم العرب تتجدد صباح مساء، إذ جميعا أعصابنا مشدودة وأنفاسنا تكاد تطبق على صدورنا ونحن نتابع ما يجري على أرض فلسطين وعلى أهلها المقهورين والمعذبين من هذا القتل والتدمير والظلم والاذلال وسكوت العالم الظالم يكتم أنفاسنا ويفلت منا أعصابنا وشعور العجز يكاد يقتلنا وتداعب خيالاتنا خطط عدة تعدنا لأن نمتطي صهوة الأفق لنصل إلى سحب السلام لنقبض عليها فلا نجد في كفوفنا غير السراب، بل نجد فيض قسوة اعمل خنجره في قلب الأمة دون رحمة، رغم هذا منازلنا نثق دائماً ان البحر لا ينضب والحياة تعطي بقدر ما تأخذ والبقاء أخيراً لرجال الأمة الشرفاء الصادقين.
(*)عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال/الرياض فاكس 148034520
|