Wednesday 30th july,2003 11262العدد الاربعاء 1 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إلى الدكتور غازي القصيبي: إلى الدكتور غازي القصيبي:
قلت تعال انهمر كالرجاء.. فانهمر عليك «الماء والكهرباء»!!؟

رفعت رأسي إلى أعلى كتفي.. وسط غيبوبة الاوراق المتناثرة من حولي.. ولأرمق صفحات العزيزة وهي بجواري.. وإذا بها تطالعني بمشاركة جعلتني اتوقف عندها كثيراً.. وكانت لوزيرنا معالي الدكتور غازي القصيبي.. وما جعلني اتعجب!! أنها ليست هذه المرة الاولى التي يرد فيها معالي الدكتور ولكنها متابعات دقيقة.. وردود وافية.. لا ستفسارات المواطنين التي تحط رحالها في قلب عزيزتنا.. وعلى أرض جزيرتنا.. سألني قلمي ذات مرة قائلاً: أفلا تذكر تجربة د. غازي القصيبي مع الكتابة؟
فقلت له عن أي تجربة تتحدث؟ فقال تجربة تأثره بأحد معلميه التي أباح بها بنفسه في إحدى الاذاعات الامر الذي كتب له وبموهبته ومهارته وكفاحه تضلعه في اللغة والادب.
فقلت لقلمي: بلى اذكر اني سمعت ذلك؟ وما لفت نظري .. هو تواصل الدكتور في الردود.. وهو الوزير برغم مشاغله.. نعم وهو الوزير الذي حمل على عاتقه مسؤولية، فها هو يجيب على مشاكل القراء وآرائهم وبنفسه.. أما قولك فهو يتضلع في اللغة فنعم اذ هو اديب بارع وهذا ما اجزم به.. فحينما نقرأ له نثراً أو شعراً نجده يسبح بأحرفه وكلماته في بحر من بحور اللغة العربية.. ويهيم في فضاءاتها الشعرية.. الرائعة.
قلمي العزيز: الا تعلم ان لك جرات في الورق.. خضت فيها تجارب تحاكي فيها تجربة وزيرنا القصيبي مع معلميه وكانت لنا مثالاً يحتذى.
وهنا لتسمح لي العزيزة بتوجيه رسالتي الى الدكتور غازي القصيبي:
«مازلت أذكر يوم أن سمعت لقاء اذيع مع معاليكم عبر إذاعة مونت كارلو قبل سنوات.. وفيها سئلت عن سبب تبحرك وابداعك في علوم اللغة وفي الكتابة النثرية والشعرية.. ومازال صدى اجابتك يرن في مسمعي الى الآن حيث كانت اجابة معاليكم بأن هناك معلما متحمسا وقت دراستك المرحلة المتوسطة حيث كان يتواصل معك في الرسائل الادبية وكنت تكتب والمعلم يرد عليك.. مما كان له الاثر والفضل بعد الله في تكوين شخصيتك الادبية.
ولا أعلم إذا كانت هذه التجربة.. هي من شكّل موهبتك وصقل ذائقتك الادبية وحبك لعلوم اللغة ومن ثم تبحّرك فيها!! وفتح لك أبواب الابداع والاتصال بأرباب القلم. قد يكون؟ المهم: أفيدك يا سعادة الوزير بأن محدثك عاش واستلهم قضية «التأثر والتأثير» حيث عزفت أوتار الموهبة اثناء دراستي المرحلة المتوسطة مع معلم متحمس وهو الأستاذ عبدالرحمن الرهيط جزاه الله عني خيراً.. حيث كان يرد على رسائلي الادبية المتواضعة بالاضافة إلى إهدائه لي بعض الكتب إلى أن شكّل الموهبة. وحببها إلى نفسي.. وأخذت اشحذ الجديد من مفردات اللغة وعلومها من بطون المكتبات والآن جاء دوري كمعلم لاتخذ هذه الطريقة ديدناً لي مع طلابي في اتخاذ اسلوب هذه الرسائل الادبية كطريق وهدف لاستنبات المواهب والكشف عن مواهب مدفونة تكون ثائرة عند طلاب المرحلة المتوسطة.. أقول: أحباب كثيرون تخذلني الذاكرة في حصرهم. وتعجز عن سداد ديون ولائهم ووقفتهم مع نزفي وحرفي لا أملك إزاء مواقفهم النبيلة إلا أن أرفع أكف الشكر والحمد للمولى والدعاء بعظيم ثوابهم!!
وزيرنا الدكتور القصيبي وأنت الاديب الشاعر: أقول: ان الشعر معاناة يخنق بها الوجدان.. وهو إحساس زائر.. ولا أحد يحمل نفسه على الشعر حملاً وأيضاً الخيال عندما يكون بعيداً عن الحقيقة فهو أقرب ما يكون إلى النسيان ولا يقرب من نفس السامع.. فها أنت تكتب من معاناة صادقة..وخيالك اقرب ما يكون إلى الحقيقة!!
اصبحت الآن وزيراً.. وليتني اقتطع كلمات كتبتها انت يا معالي الوزير.. استعدتها وقرأتها عندما علمت بتقلدك منصب الوزارة.. وهذه الكلمات تقول فيها:
ظمئنا طويلاً..
شر بنا الخيال..
نخلنا الرمال..
نفتش عن قطرة من مياه..
تعال انهمر كالرجاء..
سخياً نبيلاً..
وأحي الشفاه التي مزقتها..
شموس الجفاف..
وسل كالدموع السعيرة..
على أوجه عاث فيها الغبار..
ورد إلينا الطهارة..
ورد انبهار الصغار..
والآن اقول ها هي المياه قد جاءتك بفيضها.. وأتذكر يوم أن قلت «تفتش عن قطرة من مياه.. تعال انهمر كالرجاء» فهذه المسؤولية تنهمر عليك من « مياه وكهرباء»!! لقد لبت نداءك وسرني بحق كفاحك واجتهادك لتحقيق طموحاتك يا سعادة الوزير.. ووصولك إلى هذه القمة.
فأنت أهل لها.. وأهنئك على هذه الثقة الملكية الغالية.. راجياً من الله العلي القدير أن يعينك على تحمل تبعات هذه المسؤولية بإذن الله تعالى.
وزيرنا قد تسمع الآن عن تدني مستوى المياه في نهر من الانهار او داخل انهار عديدة.. فلا يداهمك العجب.. وترى بنفسك تبدُّد قطع الغيوم والسديم وتلاشيها.. من على صفحة السماء الممتدة أمام ناظريك.. فتسلم بقضاء الله وقدره وتقول«ان للغيث مواسمه، أو لعل الله يخلف لنا خيراً» ولكن ماذا عن مواسمك!؟ ماذا عن عالم الكتابة والشعر وإلهام الضمائر؟ ماذا عن بوحك.. ماذا عن اوراقك.. ودفاترك!! شعرك.. يا ترى هل غرق في بحر المشاغل وتبعات مسؤولية الوزارة!! يا ترى هل لحقت صديقتك الخضراء.. الجفاف أم ماذا؟ لا اظن ذلك.
ذلك ان هطول امطار احرفك على صفحات العزيزة افرحنا بحق.. وأوحى لصدى وجداننا الامل.. بالكتابة ومواصلة العطاء ومزاحمة قلمك الفذ مما قد يعجز التعبير عن وصفه او اجلاء رونقه وبديع حسنه... وبالرغم من تقزم قلمي بجوار قلمك.. أجد أحرفي صغيرة.. وافكاري امام سيل إبداعك.. وحرفك.. في المدى والنفس قصيرة.. عن اللحاق بأحرفك!! ولكن لعل افكاري تزاحمها لتختلط هويتها بهوية احرفك. وارجو الا يكون استهواك الصمت عن لغة الادب.. وأملي الا يذبل هذا الصمت او ردة القلم.. ولكن لعله صمت الحكمة.. وقوة نزف القادم من اعمال!! وكما قال الشاعر:


أتسمع سائلي خلجات قلبي
تذيب بلحنها صمت اللسان
فلا تعجب اذا ما ساد صمت
فإن القول يغتال الاماني

لكن يا وزيرنا.. وحتى لا تتمر وبي فكرة يائسة.. ترمي بي داخل متاهة السخط.. أو فقدان الهوية.. يظل يستهويني منظر الانامل وهي مستسلمة لصرير القلم كلما تعثر.. في خط كلمة وكلمة.. على غير هدى فلعلها بتوجيهكم تستنير يا سعادة الوزير!! أو عله يسمو بها رأفة سعادة الضمير ودمتم بحفظ الله ورعايته.
أ/ سليمان بن ناصر عبدالله العقيلي
معلم بمتوسطة صقلية/ المذنب
aborakan8@hotmail

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved