نجاح الهدنة التي أعلنتها الفصائل الفلسطينية يعكس نزوعا قويا نحو السلام والعمل على الوصول إليه من خلال الإصرار على ضبط النفس، حيث تدخل الهدنة التي أعلنتها الفصائل الفلسطينية شهرها الثاني.
وإذا استطاعت الهدنة الصمود لشهر فإنها يمكن أن تصمد لشهور عدة، غير أن الأمر يعتمد على ما تفعله إسرائيل ونواياها على الرغم من أن الشهر الذي انقضى شهد الكثير من الممارسات الإسرائيلية التي استهدف بعضها استدراج الفلسطينيين إلى المواجهة، لكن الفلسطينيين استطاعوا البرهنة على أنهم طلاب سلام خصوصا إذا لاحت فرصة حقيقية للسلام.
هذا الجهد الفلسطيني المتمثل في التمسك بالهدنة يستلزم أن يقابله جهد مساو من الجانب الإسرائيلي طالما أن السلام نتاج جهد مشترك.
ولعل التدخل الأمريكي في هذا الشأن سيكون مفيدا إذا التزم بالموضوعية وقدر حق التقدير ما يقوم به الفلسطينيون، ولهذا فإن الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون إلى أمريكا تمثل فرصة لإبراز مزايا التمسك الفلسطيني بالهدنة ومن ثم مطالبة إسرائيل بالقيام بجهد مماثل.
لقد وصل شارون إلى الولايات المتحدة تسبقه أنباء موافقة حكومته على الإفراج عن المئات من الأسرى الفلسطينيين، لكن الفلسطينيين كانوا يطالبون بالإفراج عن جميع أسراهم البالغ عددهم ثمانية آلاف، ومع ذلك فقد رحبت السلطة الفلسطينية بالخطوة على أمل أن تتبعها خطوات أخرى تؤدي للإفراج عن الجميع.
وتستطيع حكومة شارون أن تدفع العملية السلمية المتمثلة في خريطة الطريق إلى الأمام إذا قامت بجهود مكافئة للمبادرات الفلسطينية، وبإمكان الولايات المتحدة أن تتدخل إيجابيا في هذا الشأن.
إن البديل عن حالة التهدئة الراهنة هو الفوضى الشاملة والاقتتال والمواجهات، وبالتالي ضياع أي أثر للسلام.
ومن المهم البناء على الإنجاز القائم الآن واتخاذ خطوات شجاعة تستطيع تثبيت أمر واقع إيجابي يتيح التقدم إلى الأمام.
|