هذا الوطن،
أتخيَّله روضة كبيرة ذات أشجار وارفة، وظلال كثيفة، وأنهار تُرفد تربتها بمياه عذبة، ذات سماء مطيرة، وهواء عليل، وبيوت متاخمة، وأناس مسالمين، وأحلام كبيرة، وخيالات عريضة، وعبق لعبير زهور تنتشر عند سيقان أشجارها الكثيفة، لا ما يُحاصر عطورها، ولا ما يُقيد طيورها،...
هذا الوطن..
من يشاء أن تُذوى زهوره، وتمرض أشجاره، وتُقصُّ أجنحة طيوره، وتُحاصر أحلامه، وتتكسَّر طموحاته؟
هذا الوطن..
من يريد أن يُخلط عبقه بما ليس منه، أو تُلوّن غيماته بسراب من السُّحب؟!
هذا الوطن..
تنهض له الأكفّ بالدعاء...
وتلهج له الألسنة به...
ولقد نهج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نهجاً ربانياً بإبادة الفساد الذي يدوس على الزهور والثمار، ويردم الرّواء، ويحرق الشجر... ويشاء للرياض الوارفة أن تتحول إلى صحراء من القلق والهموم، والفوضى والدمار، فشريعة اللَّه تعالى البناء لا الهدم، والرُّواء لا العطش، والحياة لا الموت، والصلاح لا الفساد، والتَّكاتف لا التَّناحر، والتَّكافل لا التَّنابز..
من هنا، فإنَّ هذا الوطن، لا يكفي أن يتصدَّى له هؤلاء المنوط بهم مسؤولية الأمن وحدهم، الوطن يحتاج إلى الذي يحرث شجره، وإلى الذي يحصد ثمره، وإلى الذي يستظل بأفيائه، بل إلى من يتنسَّم عبقه ويرتوي بمطره،...
الوطن، يحتاج إلى كلِّ أولئك، وإلى الصلاة من أجله، وإلى الدعاء المستمر، وإلى اليقظة الدائمة، ولعلَّ الوطن الروضة الجميلة من حقها أن تكون النبضة التي تتحرك مع كلِّ أمل، وحلم، في كلِّ فكرة وعمل.
|