قال الله تعالى: {وّشّاوٌرًهٍمً فٌي الأّمًرٌ} واختلف أهل التأويل في أمره بالمشاورة مع ما أمده الله تعالى من التوفيق على ثلاثة أوجه أحدها انه أمره بها في الحرب ليستقر له الرأي الصحيح فيعمل عليه وهذا قول الحسن ثانيها أنه أمره بالمشاورة لما علم فيها من الفضل وهذا قول الضحاك ثالثها انه أمره بمشاورتهم يستن به المسلمون وان كان في غنية عن مشورتهم وهذا قول سفيان وقال ابن عيينة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أمرا شاور فيه الرجال وكيف يحتاج إلى مشاورة المخلوقين من الخالق مدبر أمره ولكنه تعلم منه يشاور الرجل الناس وان كان عالما وقال عليه الصلاة والسلام ما خاب من استخار ولا ندم من استشار ولا افتقر من اقتصد.
يقول الشاعر الحكيم:
وأكثر من الشورى فإنك ان تصب
تجد مادحا أو تخطئ الرأي تعثرا
|
ويقول آخر:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن
برأي لبيب أو مشورة حازم
|
ولا تحسب الشورى عليك غضاضة فإن الخوافي قوة للقوادم.
وقال عليه الصلاة والسلام من أعجب برأيه ضل ومن استغنى بعقله زل وكان يقال ما استنبط الصواب بمثل المشاورة وقال حكيم المشورة موكل بها التوفيق لصواب الرأي.
وقال الحسن الناس ثلاثة رجل رجل ورجل نصف رجل ورجل لا رجل، فأما الرجل لرجل ذو الرأي والمشورة وأما الرجل الذي هو نصف رجل فالذي له رأي ولا يشاور وأما الرجل الذي ليس برجل فالذي ليس له رأي ولا يشاور.
وقال المنصور لولده خذعني اثنتين لا تقل في غير تفكير ولا تعمل بغير تدبير، وقال الفضل المشورة فيها بركة واني لاستشير حتى هذه الحبشية الاعجمية.
وقال اعرابي لا مال أوفر من العقل ولا فقر أعظم من الجهل ولا ظهر اقوى من المشورة.
وقيل من بدأ بالاستخارة وثنى بالاستشارة فحقيق ألا يخيب رأيه وقيل الرأي السديد أحمى من البطل الشديد (قال ابو القاسم النهر وندى):
وما ألف مطرور السنان مسدد
يعارض يوم الروع رايا مسددا
|
وقال علي رضي الله عنه خاطر من استغنى برأيه وسمع محمد بن داود وزير المأمون قول القائل:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي ان تترددا
|
فأضاف إليه قوله:
وان كنت ذا عزم فانفذه عاجلا
فإن فساد العزم ان يتقيدا
|
ولمحمد بن ادريس الطائي:
ذهب الصواب برأيه فكأنما
آراؤه اشتقت من التأييد
فإذا دجا خطب تبلح رأيه
صبحا من التوفيق والتسديد
|
ولمحمد الوراق:
ان اللبيب إذا تفرق أمره
فتق الأمور مناظرا ومشاورا
واخو الجهالة يستبد برأيه
|
فتراه يعتسف الأمور مخاطرا
فاتقوا الله أيها المسلمون واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|