* الرياض - الجزيرة:
وضعت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، محددات اساسية لتطوير منطقة وسط المدينة، تقوم على إعادة النسيج السكاني المتفاعل إيجابياً لوسط المدينة، من خلال توفير بيئة سكنية راقية، توفر لها مرافق الحياة الضرورية، ومتطلبات العيش الكريم، بمستوى ينافس احياء مدينة الرياض الحديثة، وتفوقها في بعض النواحي، كما تقوم على إعادة القيم الاعتبارية لوسط المدينة، وتفعيل قيمتها الأدبية التاريخية من خلال تطوير منشآت المؤسسات القيادية في المدينة، كالإمارة، والأمانة، والشرطة، والمحكمة الكبرى، إضافة الى تطوير النشاط الاقتصادي، وإكسابه مقومات النمو والمنافسة مع بقية قطاعات الاقتصاد في المدينة.
وقد جاءت المشاريع التنفيذية للهيئة في وسط المدينة محققة لهذه النظرة ومن ضمنها منشآت المحكمة الكبرى بالرياض. فرأت الهيئة في تصميم المشروع أن يكون مكملاً لمنشآت منطقة قصر الحكم، وان يوفر للنسيج العمراني السكني الكثيف المحيط بأرض المشروع ما يحتاج اليه من ساحات وميادين ومناطق مفتوحة، ولان المشروع يقع في وسط مدينة الرياض، ضمن نسيج عمراني يتسم بالكثافة، وقلة المساحات العامة، والميادين التي يحتاجها سكان الحي، وبالنظر الى المحددات الاساسية التي اعتبرتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في تطوير منطقة وسط المدينة كامتداد لمشاريع منطقة قصر الحكم، ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي، رأت الهيئة في تصميم المشروع ان يساهم بقدر ملائم من الخدمات العامة للجوار المحيط بالمشروع، لذلك قامت فكرة تصميم المشروع على الارتفاع الرأسي لمبنى المحكمة، وتوفير معظم مساحة الارض المتبقية كمرفق عام مفتوح يخدم الاحياء المجاورة خصوصاً وان المحكمة تعمل في خدمة الجمهور من المراجعين في فترة الدوام اليومي، ما يؤكد ضرورة الاستفادة من مرافق المشروع في خدمة السكان في الاحياء المجاورة بقية الوقت، واوقات الاجازات، والعطل، إضافة الى اوقات الدوام.
وتقوم فكرة التصميم على وضع مبنى المحكمة على الحافة الشمالية لارض المشروع المحدودة بشارع طارق بن زياد، ولم يوضع المبنى في وسط الارض كما جرت العادة، لضمان اكبر قدر من الفراغ المتصل للساحة المفتوحة، كل هذا الفراغ متاح للجميع، دون اسوار.
ونظراً لوقوع مشروع المحكمة في الجهة الجنوبية لمنطقة تطوير قصر الحكم، فان الساحة مع مبنى المحكمة يشكلان بوابة جنوبية عملاقة لمنطقة قصر الحكم، ومحدداً لنطاق التطوير، كما يقع ميدان المحكمة، وساحات قصر الحكم، والمنطقة المفتوحة في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي على محور واحد.
اما المحددات الاساسية لساحة المحكمة فتتجسد في المرافق المحيطة بالساحة بدلاً من الاسوار، فالشوارع المحيطة بالساحة من الجهات الشرقية والغربية والجنوبية تمثل المحددات الاساسية، والمباني القائمة على هذه الشوارع، وهي تتسم بارتفاعات متقاربة تمثل محدداً آخر للساحة، في حين يمثل مبنى المحكمة محدداً للساحة من الناحية الشمالية. كما تكتسب الساحة شخصيتها المميزة من خلال ارتفاعها النسبي عن الارض، وطريقة التشجير المنتشرة على اطرافها.
كل هذه العناصر المحددة توفر سوراًً ضمنياً للساحة يكسبها شخصية مستقلة عن الجوار المحيط، وفي الوقت ذاته يتمتع بقدر كبير من الجاذبية التي تشجع السكان وزوار المنطقة على ارتياد الساحة.
وتكمن الوظيفة الاساسية لساحة المحكمة في خدمة الاحياء السكنية المحيطة بمقر المحكمة الكبرى من خلال توفير منطقة مفتوحة تساهم في تغطية ما تحتاجه المنطقة من مرافق عامة وساحات وميادين - تأتي - في المقام الاول لوظائف الساحة، لكنها ليست الوظيفة الوحيدة، فالقبو الذي تشكل الساحة سقفه يوفر مواقف خاصة لاكثر من 240 سيارة من خلال ثلاثة مداخل مستقلة، كما توفر الساحة مواقف على سطحها في الجزء الجنوبي منه، وعلى آطرافها تتسع لحوالي 200 سيارة اخرى. كما توفر الساحة حرماً كافياً للمسجد ولمبنى المحكمة، ومن ناحية معمارية جمالية تساهم الساحة والشوارع المحيطة بها في احداث التدرج البصري اللازم بين مبنى المحكمة الشاهق «14 طابقا» وبين المباني المحيطة، وتقوم الساحة بتصميمها وما فيها من مرافق خدمية، وبطريقة توزيع المباني عليها بدور اساسي في ادارة الحركة للعاملين، والمراجعين، وسكان الحي، وهي من ابرز القضايا التي استدعت كثيراً من العناية، كما يتاح لسكان الحي والمصلين الوصول الي المنطقة المفتوحة والمسجد من اماكن كثيرة لعدم وجود السور، ودون الحاجة للازدحام مع مراجعي المحكمة والعاملين فيها من مدخل واحد.
|