من القاهرة.. ما زلت أتابع أخبار بلادي - بشغف - عبر الصحافة والتلفاز، وقد سعدت كثيراً الأربعاء الماضي وأنا أتابع زيارة صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال لمنطقة عسير التي أعلن فيها استعداده لدعم المنطقة سنوياً بأي عدد من الوحدات السكنية حسب توجيهات سمو أمير المنطقة، وبإجمالي ألفي وحدة خلال السنوات العشر القادمة.
واستهل سموه تبرعه الكريم بوضع حجر الأساس لمائتي وحدة في مركزي «القيرة» بتثليث، و«سعيدة الصوالحة» بمحايل عسير، وأعلن للإعلاميين - عقب ذلك - أن السياحة في عسير سوف تحظى بالأولوية في مشروعات مجموعة شركة المملكة القابضة التي يرأسها سموه، وأنهم «مستنفرون دائماً لما يراه سمو أمير المنطقة»، معبراً عن بالغ سروره وتشرفه بلقاء سمو الأمير خالد الفيصل الذي أكدت الزيارة الانطباع بتميزه في إدارة المنطقة.
في المقابل.. باسمه وباسم أهالي عسير رحب سمو الأمير خالد الفيصل بضيف المنطقة، موجهاً له الشكر على استجابته لدعوة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، وتبرعه بعشرة آلاف وحدة سكنية للمحتاجين في مناطق المملكة كافة، استجابةً لحملة «مواجهة الفقر» التي أطلقها سمو ولي العهد بعد زيارته للأحياء الفقيرة في الرياض.
وهكذا تبدو قمة الانسجام والتوافق والاحترام بين الأميرين، وتؤتى أكلها في مصلحة الفئة المستهدفة، وقد انطلق الأمير خالد الفيصل من شكر أخيه إلى حث الموسرين في المملكة على توجيه صدقاتهم وتبرعاتهم إلى ذوي القربى من إخوانهم المعوزين في الوطن فهم أولى، ونبه إلى الحذر من أن تخطئ أموالهم طريقها فتتحول إلى متفجرات تهدد أمنهم.
وحين تعود الذاكرة إلى زيارة سمو ولي العهد التي أطلق بعدها نداءه لمساعدة محدودي الدخل، يُدركُ كم كانت فاتحة خير لمبادرات عديدة تغشت أرجاء المملكة على طريق تعظيم دور الميسورين في كفالة إخوانهم المعوزين، وهذه هي قمة التكافل الاجتماعي الذي يدعو إليه ديننا الحنيف.
ففي عسير وحدها جرى في شهر صفر الماضي افتتاح ثلاثة مراكز نمو في كل من «القيرة» و«عين اللوي» و«سعيدة الصوالحة» وتبرع - حتى الآن - نخبة من الأمراء ورجال المال والأعمال والهيئات والمؤسسات الخيرية بتكلفة بناء 49 وحدة سكنية تضاف إلى المائتي وحدة المقدمة من سمو الأمير الوليد بن طلال.
وقصة مراكز النمو قد بدأت في عسير منذ زمن بعيد بعدما نجحت مشاريع التوطين في «قرية الملك فيصل النموذجية» وفي «الحريضة» اللتين تبعهما مشروع الإسكان الخيري لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز في «القحمة».
ومبكراً سعى مجلس المنطقة إلى تطبيق الفكرة ذاتها على مواقع الحاجة في المنطقة بمعيار الأدنى خدمات والأكثر قابلية للنمو، وبعد المسح والدراسة تم تحديد أحد عشر موقعاً على هذا النحو، يجري تعمير ثلاثة منها - كما أسلفت - بتبرعات أهل الخير والبقية تأتي إن شاء الله.
وهكذا تبدو منظومة التكافل الاجتماعي في وطني مكتملة الحلقات ومحكمة، فالقيادة تتبنى مشاريع الخير وتدعمها، فيتجاوب معها أهل الخير على اختلاف مواقعهم.
فبشرى للجميع ما أنفقوا في وجوه الخير فأبقوا.
|