عندما فكَّرتُ في إصدار زاوية «يارا» قسَّمت ما سوف أقوله فيها إلى عدة أقسام. على أساس أن أقدِّم كل ماهو غائب عن زوايا الزملاء الكتَّاب في الصحف المحلية. ليس الهدف التميُّز ولكن الإضافة. من بين الأقسام الهامة للزاوية قسم لمراجعة الكتب فهذا الشيء غائب ومن الواضح انه سيبقى غائباً فترة طويلة وقررت أن يكون نصيبه عشرة في المائة من كمية ما يكتب في يارا. وهي نسبة ضئيلة ولكنها بالنسبة لي كبيرة فعدد إصدارات يارا في السنة يبلغ 144 مقالة يستبعد منها اثنتا عشرة نشرة تمثل الاجازة السنوية يبقى 132 أي لابد ان اعرض ما لا يقل عن ثلاثة عشر كتابا سنويا وهذا عدد ضخم بالنسبة لكاتب غير متفرغ تماما لعرض الكتب وخاصة بالنسبة لي فأنا لا استطيع ان أقرأ اكثر من ثلاثين كتابا في السنة وهي خليط كتب بعضها لا يصلح للعرض على القراء اما لأنها متخصصة او كتب وقتية تعالج قضايا سريعة الزوال او كتب نفعية تساعدني في اموري الخاصة. وعرض الكتب على صفحات الجرائد يحتاج الى انتقائية فهناك كتب متخصصة جدا لا يستفيد منها الا عدد من قليل الناس وهناك كتب صعبة القراءة. كما ان هناك كتباً لا يسمح بالتعرض لها في جريدة كالجزيرة. وقد ادت هذه الصعوبات الى غياب هذا القسم عن هذه الزاوية. الغريب انه لم يفكر احد بعد في فتح زاوية مخصصة لهذا الشأن «أنصح الصديق فارس الغزي ان يجرب هذا الاتجاه في الكتابة لثقتي في سعة اطلاعه» وهو ما يفعله في بعض الأحيان استاذنا الكريم عبد الفتاح أبو مدين.
بصراحة نحن أمة تعمل عكس ما تقول. منذ قرن من الزمان ونحن نردد سنأخذ من الغرب ما يفيدنا ونترك ما يضرنا ولكن الواضح اننا نأخذ من الغرب ما يضرنا ونترك ما يفيدنا. كنا نقول: إننا سنأخذ افضل ما في الغرب ونترك اسوأ ما فيه ولكن الواضح أننا أصبحنا نأخذ من الغرب أسوأ ما فيه ونترك أفضل ما فيه. لاحظ الصحف العربية ستجدها مليئة بأبراج الحظ مليئة بالكلمات المتقاطعة مليئة بصور النسوان المتبرجات في الوقت نفسه تغيب عنها صفحات الاستطلاعات، صفحات التحليلات، صفحات عرض الكتب حديثة الاصدار.
حتى الآن لم يتزحزح ايماني بأن الصحف ليست مكانا لانتاج الأدب وانما للإخبار عن الأدب. ليست لانتاج الثقافة وانما للإخبار عنها. وكل الصفحات الثقافية التي تصدر في بلادنا لا فائدة ترجى منها. مجرد تكاليف مادية ضائعة هذا يرفع درجة احساسي بالمسؤولية في هذا الجانب. يجعلني دائما أشعر بالذنب لأني أهملت عملا كبيرا سيسجل في ميزان حسناتي. سأدفع نفسي في هذا الصيف لقراءة الكتب العامة التي تصلح للعرض في الجريدة وتهم اكبر قدر من القراء لأحقق ما وعدت به نفسي وأعطي هذه الزاوية دفعة جديدة لتسهم مع شقيقاتها في دفع الوعي في بلادنا قدما.
|