حلقات أعدها: طلال حميد البلوي - صورها: صيفي الشلالي
نصحبكم وعبر ثلاث حلقات إلى خيبر ذات التاريخ الغابر والمدينة المنتعشة حاضراً بما تحظى به من رعاية واهتمام كسائر مدن المملكة.
في حلقة اليوم نتناول الجانب التاريخي للمحافظة وابرز معالمها الاثرية.
موقع خيبر
تقع محافظة خيبر إلى الشمال من المدينة المنورة بين خطي عرض 35:22 و 30:26 شمالا وخطي طول 35:40 و 30:38 شرقاً تقريباً.
وحاضرتها مدينة خيبر التاريخية التي تقع على بعد 170كم عن المدينة المنورة على الطريق الدولي الذي يربط المدينة المنورة بمنطقة تبوك ثم إلى الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية.
والمساحة التي تشغلها المحافظة جلها عبارة عن حرة عظيمة الاتساع إذ لا يفوقها اتساعا سوى حرة بني سليم في شبه الجزيرة العربية.
وتعرف الأجزاء الوسطى من هذه الحرة بحرة خيبر بينما يطلق على أجزائها الجنوبية الغربية اسم حرة الكورة وتمتد اداريا على مسافة 260 كيلومتراً من الجنوب إلى الشمال وما يقارب 150 كيلو متراً من الشرق إلى الغرب.
تحدها إلى الشمال محافظة تيماء التابعة لمنطقة تبوك، وإلى الجنوب المدينة المنورة، ومن الشرق منطقة حائل ومن الغرب محافظة العلا التابعة لمنطقة المدينة المنورة.
ويبلغ متوسط ارتفاع هذه الحرة حوالي 850 متراً فوق مستوى سطح البحر يزيد ارتفاعها عن 2000 متر في اعالي الحرة وهي المناطق التي تقع فيها فوهات بركان الحرة.
لمحة تاريخية عن خيبر
خيبر بلد تاريخي قديم عرفت بهذا الاسم منذ اقدم العصور وقد وردت عدة روايات في تفسير سبب التسمية لعل من أهمها هو اشتهارها بحصونها وقلاعها ذلك ان كلمة (خيبر) وجمعها (خيابر) تعني الحصن بلغة الأقوام التي سكنت خيبر قديما والمعروفة باسم العمالقة أو العماليق، والظاهر ان هذه التسمية ليست وصفا لضخامة اجسام هذه القبائل بل هو اسم لأولئك الأقوام الذين سكنوا هذه المنطقة منذ القدم إذ أن الشواهد والآثار الموجودة في المنطقة تؤيد هذا الرأي.
ويكاد يجمع المؤرخون القدماء منهم والمحدثون على ان أول من سكن خيبر هم العماليق من العرب البائدة التي بادت قبل الإسلام. كما ورد اسم خيبر كإحدى المناطق التي استولى علهيا الملك البابلي (نابونيد) وكانت تابعة لملكه الذي ضم تيماء وديدان وخيبر وذلك خلال الفترة من (539 إلى 555 قبل الميلاد) حيث ورد اسمها في كتابات الآشوريين (خبرا).
ويذكر أن اليهود غزوا العماليق في خيبر حيث قضوا على العماليق أو طردوهم من المنطقة وحلوا محلهم في سكنى خيبر وبعض النواحي المجاورة في الجزيرة العربية مثل يثرب بل ان هناك من المؤرخين من يذكر ان موجة ثانية من الزحف اليهودي على خيبر حدثت بعد دخول الرومان إلى بلاد الشام وتشتيتهم لليهود في أنحاء متفرقة من العالم ومنها بلاد الحجاز وذلك سنة 270م و 122م زمن هيدريان الإمبراطور الروماني.
في السنة السابعة للهجرة وحال فراغه من غزوة الأحزاب جهز رسول الله جيشاً باتجاه خيبر بعد ان استبان له تورطها في غزوة الاحزاب التي كانت الباعث الأساسي لها وذلك لفتحها والقضاء على وكر الفتنة والتآمر ضد الإسلام فيها وتحقيقا لوعد الله جل وعلا بفتح خيبر حيث قال تعالى:
وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه
وبالفعل فقد توجه الرسول في المحرم سنة 7 هجرية بالمسلمين إلى خيبر وفتحها وأصبحت خيبر منذ ذلك التاريخ بلدة إسلامية خالصة تعاورها من الأحداث ومجريات التاريخ ما تعاور المدينة المنورة خاصة والحجاز عامة، إذ لا يجد الباحث فيما هو متيسر من مراجع ما يشفي الغليل عن تاريخ خيبر بصفة خاصة بعد العصور الأولى للإسلام حتى عهدنا الزاهر، إلا أنها تبعت لحكم الاشراف على الحجاز الذي بدأ في القرن الرابع الهجري وفي عام 579هـ كانت تمثل اقصى حدود دولة الشريف قتادةالشمالية.
انه نظراً لأهمية خيبر الاقتصادية فقد ظلت مطمعا للدول المتعاقبة على حكم الحجاز والمناطق المجاورة متأرجحة تارة إلى الحجاز وتارة إلى الشام وتارة أخرى إلى جبل شمر.
وقد ضمت خيبر للمرة الأولى إلى حكم الدولة السعودية في عهد الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود حوالي عام 1208هـ مع تيماء ووادي السرحان حيث ضمت إلى حائل بقيادة أميرها آنذاك عبدالرحمن بن معيقل.
استولى الترك على خيبر بعد سقوط الدولة السعودية الأولى، ثم انسحبوا منها ليدخلها جيش طلال بن عبدالله بن رشيد بعيد عام 1269هـ، وبقيت كذلك فترة من الزمن تحت حكم ابن رشيد في حائل، والواقع انه لم يكن له من الحكم الا اسمه أما الهم الأول والحقيقي للحاكم الرشيدي هو اطنان التمور التي تذهب محملة على ظهور الجمال إلى حائل في نهاية كل عام، دون اهتمام حقيقي بالإنسان وحاجته إلى تثبيت دعائم الحكم التي تحفظ عليه أمنه واستقراره وضروراته الأساسية.
ضاق الأهالي ذرعا بالحال التي آلت إليها الأمور حيث تعرضوا كثيراً للمضايقات.
فكان السلب والنهب والقتل شيئاً يدعو للمفاخرة والاعتزاز فكثر السلب والنهب وانعدم الأمن وانتشر قانون الغاب فاضطروا إلى مكاتبة الشريف في المدينة المنورة لحمايتهم واستعدادهم لمناصرة الشريف ان هو قدم إلى خيبر.
وبهذا دخلت خيبر مرة أخرى تحت حكم الاشراف تابعة للمدينة المنورة في حين انها دخلت للمرة الأولى تحت حكم الأشراف في عهد الشريف قتادة عام 579هـ لتشكل خيبر حدوده الشمالية والقنفذة حدوده الجنوبية.
ظلت خيبر متأرجحة تارة تحت حكم الأشراف وتارة أخرى تحت حكم ابن رشيد واخرى تحت الحكم السعودي في دولته الأولى حتى قيض الله لها موحد هذا الكيان الكبير جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود رافع راية الأمن والاستقرار والرخاء راية لا إله إلا الله محمد رسول الله لتنضم خيبر إلى ركب التوحيد في ظل عهد زاهر جديد تابعة لأمارة حائل التي دخلت هي الأخرى في هذا العهد الزاهر في آخر صفر من عام 1340هـ .
وكان ارتباط خيبر بحائل اداريا فقط اما ماليا فكانت مرتبطة بالمدينة المنورة إلى أن ألحقت فعليا بأمارة منطقة المدينة المنورة عام 1391هـ.
كان السكان في خيبر يقيمون في مجموعة من القرى المتباعدة اشهرها الشريف وهي العاصمة الإدارية السابقة للمنطقة وكان بها مقر الأمارة والشرطة وسائر الدوائر الحكومية تقع على وادي الحلحال بالقرب من حصن (القموص) المعروف حاليا بحصن مرحب.
ثم مكيدة وهي إلى الجنوب الغربي من الشريف بالقرب من حصن الوطيح وتطل على وادي السلمة وسفح جبل عطوه (الصهباء) ويتبع هاتين القريتين (ابو وشيع-النطاة-الروان- المشرقة- المريخية) وهذه القرى بنيت على أطراف الحرة المرتفعة والمطلة على واحات النخيل.
ويأتي اختيار هذه الأماكن المرتفعة لاقامة المساكن عليها لعدة اسباب منها الناحية الدفاعية، إذ ان موقعها المرتفع يساعد على التغلب على العدو في ظل غياب الأمن السائد آنذاك وفي حال حدوث غزو ما، ومنها ايضا ان اسراب البعوض عادة ما تكثر في مناطق المستنقعات المنخفضة وتقل في المناطق المرتفعة لتعرضها لتيارات الهواء فالاقامة في هذه المناطق المرتفعة يعني الحد من هجمات البعوض الشرسة والمسببة لحمى الملاريا التي اشتهرت بها خيبر قديما.
وقد عاش السكان في العصور القديمة (وحتى عهد قريب) في الغالب على اطلال الحصون القديمة اذ انها توفر الناحية الدفاعية ولكنها بلا شك كانت وخيمة مزدحمة.
فقد ادى تزاحم السكان فيها مرارا إلى انتشار الأوبئة بشكل سريع وفتاك حتى اننا نسمع عن بيوت اغلقت تماما بسبب انتشار وباء ما وموت من فيها جميعاً.
فالعاصمية في ابي وشيع هي حصن ناعم، ورشيدة في مكيدة هي حصن الوطيح وقرية نحا في الروان هي حصن البازة.
غزوة خيبر
ما كاد رسول الله عليه وسلم يعود من صلح الحديبية ويستريح بالمدينة شهراً من الزمن حتى أمر بالخروج إلى خيبر.
فقد كان يهود خيبر يعادون المسلمين وقد بذلوا جهدهم في جمع الأحزاب في غزوة الخندق لمحاربة المسلمين.
وخرج رسول الله عليه الصلاة والسلام في مطلع العام السابع الهجري في جيش تعداده ألف وستمائة رجل.
وكانت خيبر محصنة تحصيناً قوياً فيها ثمانية حصون منفصل بعضها عن بعض وكان يهود خيبر من أشد الطوائف اليهودية بأساً وأكثرها وأوفرها سلاحاً.
والتقى الجمعان واقتتلوا قتالاً شديداً واليهود يستميتون في الدفاع عنها واستمر التراشق بينهم ست ليال.
وفي الليلة السابعة وجد عمر بن الخطاب يهودياً خارجاً من الحصون فأسره وأتى به الرسول عليه الصلاة والسلام فقال اليهودي: إن أمنتموني على نفسي أدلكم على أمر منه نجاحكم فقالوا: قد أمناك فما هو؟ فقال الرجل: إن أهل هذا الحصن قد أدركهم اليأس وسيخرجون غداً لقتالكم فإذا فتح عليكم هذا الحصن فسألوكم على بيت فيه منجنيق ودروع وسيوف يسهل عليكم بها فتح بقية الحصون.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله عليه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله).
فبات الناس ليلتهم كل منهم يتمنى أن يعطاها فلماأصبح الصباح قال الرسول صلى الله عليه وسلم : «أين علي بن أبي طالب»؟ فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه فدعاه فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ بإذن الله فأعطاه الراية وقال له: «والله لأن يهدي الله بك رجلا واحداً خير لك من حمر النعم».
ولما ذهب علي بن أبي طالب إليهم خرج مرحب اليهودي يختال في سلاحه فقتله وأحاط المسلمون بالحصون وحملوا عليهم حملة صادقة فسقطت حصونهم حصنا بعد حصن واستولى اليأس على اليهود وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم الصلح على أن يحقن دماءهم فقبل الرسول عليه الصلاة والسلام، وصارت أرضهم لله ولرسوله وللمسلمين.
وهكذا استولى المسلمون على خيبر وغنموا منها العديد من السلاح والمتاع وقد قتل من اليهود في هذه الغزوة ثلاثة وتسعون رجلا واستشهد من المسلمين خمسة عشر رجلاً.
وكان من بين ما غنم المسلمون منهم عدة صحف من التوراة فطلب اليهود ردها فردها المسلمون إليهم.
وقفات مع غزوة خيبر
دعاء الرسول لمّا أشرف على خيبر
قال ابن إسحاق: حدثني من لا أتهم عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي عن أبيه عن أبي معتب بن عمرو: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على خيبر قال لأصحابه وأنا فيهم قفوا، ثم قال اللهم رب السموات وما أظللن ورب الأرضين وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما أذرين فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها، أقدموا باسم الله. قال وكان يقولها عليه السلام لكل قرية دخلها).
وأكل المسلمون لحوم الحمر الأهلية من حمرها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى الناس عن أمور سماها لهم.
قال ابن اسحاق: فحدثني عبدالله بن عمرو بن ضمرة الفزاري عن (عبدالله بن أبي سليط عن أبيه قال أتانا نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الإنسية والقدور تفور بها فكفأناها على وجوهها).
قال ابن اسحاق:«وحدثني عبدالله بن أبي نجيح عن (مكحول: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاهم يومئذ عن أربع عن إتيان الحبالى من السبايا، عن أكل الحمار الأهلي وعن أكل كل ذي ناب من السباع وعن بيع المغانم حتى تقسم).
قال ابن اسحاق: وحدثني يزيد بن عبدالله بن قسيط أنه حدث عن (عبادة بن الصامت، قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن أن نبيع أو نبتاع تبر الذهب بالذهب العين وتبر الفضة بالورق العين وقال ابتاعوا تبر الذهب بالورق العين، وتبر الفضة بالذهب العين).
أمر صفية أم المؤمنين
قال ابن اسحاق: ولما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم- القموص، حصن بني أبي الحقيق أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بصفية بنت حيي بن أخطب وبأخرى معها فمر بهما بلال وهو الذي جاء بهما على قتلى من قتلى يهود فلما رأتهم التي مع صفية صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها: فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (اعزبوا عني هذه الشيطانة) وأمر بصفية فحيزت خلفه. وألقى عليها رداءه فعرف المسلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد اصطفاها لنفسه.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لبلال فيما بلغني حين رأى بتلك اليهودية ما رأى: (أنزعت منك الرحمة يا بلال حين تمر بامرأتين على قتلى رجالهما؟) وكانت صفية قد رأت في المنام وهي عروس بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق أن قمرا وقع حجرها. فعرضت رؤياها على زوجها؟ فقال ما هذا إلا أنك تمنين ملك الحجاز محمداً فلطم وجهها لطمة خضر عينها منها. فأتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وبها أثر منه فسألها ما هو؟ فأخبرته هذا الخبر.
ارتجاز مرحب وإجابة
كعب بن مالك
عن جابر بن عبدالله قال خرج مرحب اليهودي من حصنهم قد جمع سلاحه يرتجز وهو يقول من يبارز؟
شاكي السلاح بطل مجرب
قد علمت خيبر أني مرحب
إذا الليوث أقبلت تحرب
أطعن أحيانا وحينا أضرب
إن حماي للحمى لا يقرب
فأجابه كعب بن مالك، فقال:
مفرج الغمى جريء صلب
قد علمت خيبر أني كعب
معي حسام كالعقيق عضب
إذ شبت الحرب تلتها الحرب
نعطي الجزاء أو يفيء النهب
نطؤكم حتى يذل الصعب
بكف ماض ليس فيه عتب
|
أمر الشاة المسمومة
فلما أطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم شاة مصلية وقد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فقيل لها: الذراع فأكثرت فيها من السم ثم سممت سائر الشاة ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تناول الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها ومعه بشر بن البراء بن معرور قد أخذ منها كما أخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأما بشر فأساغها؛ وأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فلفظها ثم قال: (إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم) ثم دعا بها فاعترفت فقال: (ما حملك على ذلك)؟ قال: بلغت من قومي ما لم يخف عليك فقلت: إن كان ملكا استرحت منه وإن كان نبيا فسيخبر قال: فتجاوز عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ومات بشر من أكلته التي أكل.
قال ابن إسحاق: وحدثني مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المعلى قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد قال في مرضه الذي توفي فيه ودخلت أم بشر بنت البراء بن معرور تعوده: ( يا أم بشر ان هذا الاوان وجدت فيه انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أخيك بخيبر) قال فإن كان المسلمون ليرون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مات شهيداً ما أكرمه الله به من النبوة.
من آثار خيبر
لقد اختلفت المصادر المتاحة اختلافا ليس باليسير حول بعض الأحداث الهامة في المعارك التي دارت حول حصون خيبر من جهة وحول مسميات الحصون ومواقعها من جهة اخرى واختلاف هذه المصادر ربما يعود إلى أن الذين كتبوا عن هذه الحصون اعتمدوا فقط على المصادر والروايات دون الوصول إلى المنطقة وتفحص خط سير المعركة والمقارنة الفعلية، وربما تكون بعض تلك الروايات بنيت اساسا على توقعات وافتراضات والأمر لا يزال بحاجة إلى دراسة واعية ودقيقة ذلك اننا حتى موقع خيبر نجده في المصادر التاريخية إلى الشمال الشرقي من المدينة المنورة والواقع انها إلى الشمال تقريبا وان انحرفت فإلى الشمال الغربي وقد أكد ذلك باشميل في كتابه غزوة خيبر ضمن سلسلة معارك الإسلام الفاصلة حيث قال:.. كما أن الوصف في سير المعركة في كل أمهات التاريخ وصف مبعثر، وأحيانا يستفيضون حيث ينبغي الإيجاز، ويوجزون حيث ينبغي والتوسع والاستفاضة ويقدمون ما ينبغي تأخيره ويؤخرون ما ينبغي تقديمه...). وهذا كله يجعل مهمة المؤرخ الحديث (الذي يرغب ان يقدم للقارئ وصفاً سهلا متناسقاً) مهمة صعبة. ومن أهم الآثار في خيبر:
حصن ناعم
المعروف بالعاصمية من حصون نطاة والشق وهو الذي قتل تحته محمود بن مسلمة وتتفق جميع الروايات التاريخية ان هذا هو حصن مرحب وهو الذي دارت تحته أولى المعارك بين المسلمين واليهود.
وهو اول ما فتح المسلمون من الحصون وهو الاقرب إلى الرجيع معسكر النبي صلى الله عليه وسلم ويوجد بالقرب من هذا الحصن عدد من العيون منها عين الهامة وعين الجمة وعين سنبلة كما يوجد تحت هذا الحصن عين تسمى عين علي غير تلك العين المشهورة القريبة من حصن القموص.
حصن الصعب بن معاذ
يقع بالقرب من الحصن السابق وقد وجد فيه المسلمون خزائن الطعام والأسلحة وعنده حرمت الحمر الأهلية، وهو الآن عبارة عن أطلال وأكوام من الحجارة لأنه لم تصله يد الترميم أو الاستخدام كبقية الحصون الأخرى مثل القموص وناعم والوطيح والنزار.
قلعة أبي
وهي قلعة في نفس المنطقة بالقرب من حصن ناعم وحصن الصعب بن معاذ وحصن النزار وهي الحصون التي تقع في منطقة نطاة والشق، وهي قلعة تتناثر حولها آثار لمبان قد انهدمت نهائياً ولم يبق إلا هذه القلعة.
حصن النزار أو البزاة أو البازة:
وهو في المنطقة المعروفة حاليا بالروان ويرجح انه القرية التي يطلق عليها حاليا قرية نحا، وهذا هو الحصن الذي جمع فيه اليهود النساء والذرية من بقية الحصون لاعتقادهم بصعوبة الوصول إليه وقد جردوا بقية الحصون للمقاتلة ومن هذا الحصن سبيت النساء اللاتي منهن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها.
حصن القموص الشهير
ويعرف بحصن مرحب والارجح ان هذا هو حصن القموص كان به بني الحقيق وبه كنانة بن الحقيق زوج صفية التي اصطفاها النبي لنفسه وتزوجها رضي الله عنها وهو من حصون الكتيبة ويقع على صخرة عجيبة تتوسط مزارع النخيل التي تحيط بها من كافة الجهات.
حصن الوطيح
وهو مكيدة القديمة أو ما يطلق عليه عبلة ورشيدة وقد كان إلى عهد قريب مأهولاً بالسكان حيث استمر استخدامه إلى ما قبل حوالي 70 عاما مضت وهذا الحصن سلم دون قتال.
قصير النبي
(هكذا اسمه حالياً على تصغير قصر) إلى الجنوب من خيبر ويقال انه هو الموقع الذي عسكر فيه جيش الفتح اول ما وصل إلى خيبر في الصهباء قبل ان يغير الجيش موقعه إلى الشمال من خيبر.
الرجيع
وهو المعسكر الدائم للجيش النبوي بعد أن تحول من الصهباء إلى منطقة النطاة والشق ثم ابتعد عن المنطقة الوخيمة واتجه إلى الرجيع.
مقابر شهداء خيبر
وتقع على بعد ما يقارب (5) كيلو مترات من مركز مدينة خيبر على الطريق المؤدي إلى الصفق الأحمر. وقد أوردت المصادر أسماء من استشهد في خيبر من الصحابة على النحو التالي حسب ما ذكره ابن هشام في السيرة النبوية:(ربيعة بن أكثم بن سخيرة، ثقف بن عمرو، رفاعة بن مسروح، عبدالله بن الهبيب، بشر بن البراء بن معرور، مسعود بن سعد بن قيس، محمود بن مسلمة، عروة بن مرة بن سرافة، الحارث بن حاطب، أنيف بن حبيب، فضيل بن النعمان، أبو ضياح بن ثابت بن النعمان، أوس بن القائد، أو أوس بن قتادة، طلحة (غير منسوب) قيل انه طلحة بن يحيى بن مليل بن ضمرة، عمارة بن عقبة، ثابت بن أثلة، عامر بن الأكوع، مسعود بن ربيعة).
|