* حوار - عبدالعزيز القراري:
يختلف هذا العام من وجهة نظر السائح عن غيره من الأعوام السابقة لسببين هما السارس والاحداث السياسية التي جعلت خيارات السائح العربي والسعودي ضيقة فهو يطلب المكان الذي يضمن فيه الصحة والعافية والأمان وهذان السببان لايمكن هذا العام توفرهما في كثير من الدول والأسباب كثيرة ومعروفة ومنها تغير النظرة السلبية للمواطن السعودي وللمسلمين بصورة عامة ويلاحظ ان ضيق الخيارات جعل للسياحة الداخلية نصيباً ان يكون لها حضور كما هي كل عام في تطور وارتفاع في نسب استقطاب السائح وتلمس احتياجاته وتأمين الأمن والخصوصية المفقودة في كثير من بلدان العالم.
ويؤكد المهتمون بالسياحة والسفر ان هذا العام سجل للسياحة الداخلية حضوراً قوياً يختلف عن غيره من الأعوام الفائتة وخصوصاً للعائلة.
ويستثنى من ذلك بعض فئات الشباب الذين مازالوا يصرون على السياحة الخارجية غير مبالين بما يتعرضون له من مخاطر واستغلال من قبل ضعاف النفوس.
وكم من شاب سرقت أمواله أو سلبت وهو يتجرع مرارة القهر والأمثلة كثيرة.
حول السفر والسياحة لهذا العام حاورت «الجزيرة» الاستاذ مهيدب بن علي المهيدب عضو اللجنة السياحية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض ورئيس مجموعة الصرح للسياحة والسفر الذي يؤكد ان الدول العربية لها النصيب الأكبر هذا العام في استقطاب السياح السعوديين فإلى التفاصيل:
* الأحداث السياسية هذا العام كثيرة ومتشعبة هل ترون أنها أثرت في توجهات السائح؟
- بلاشك فإن تلك الأحداث أثرت بشكل كبير على توجهات السياح هذا العام وذلك لعدة أسباب أهمها ان دول شرق آسيا خاصة ماليزيا كانت تستحوذ على نسبة كبيرة من السياح السعوديين خلال الأعوام الماضية لرخص أسعار الخدمات هناك مقارنة بالدول الأوروبية مثلا كالفنادق والشقق حيث يمكن حجز فندق خمس نجوم مثلا في حدود 40-60 دولاراً في الليلة، ولكونها دولة اسلامية محافظة تناسب العائلات إضافة إلى جمال الطبيعة واعتدال الطقس في معظم دول شرق آسيا إلا أن الظروف الصحية وانتشار مرض (سارس) في بعض تلك الدول قد أثر على السياحة القادمة إليها هذا العام خاصة وان بعض المناطق أعلنت رسمياً كمناطق موبوءة بهذا المرض، علماً بأن ماليزيا خالية تماماً من المرض المذكور. كما اتخذت العديد من شركات الطيران اجراءات احترازية على المسافرين من وإلى دول شرق آسيا. وما يزيد الأمر صعوبة للمسافرين اتخاذ معظم الدول ومن ضمنها المملكة اجراءات صارمة في الموانئ الجوية والبحرية للكشف على جميع القادمين وعزل وحجر من يشتبه فيهم وبالطبع فإن المسافرين قد يفكرون كثيراً قبل السفر إلى تلك المناطق خوفاً من المرض ولكيلا يكونوا عرضة لتلك الاجراءات علماً بأن عدد السياح إلى ماليزيا عام 2002م كان أكثر بنسبة 70% تقريباً عن عام 2001م مما يشير إلى مدى الخسارة التي ستواجهها ماليزيا هذا العام بسبب التراجع غير العادي في عدد السياح هذا العام.
كذلك فإن تداعيات أحداث سبتمبر 2001م ما زالت مؤثرة في حركة السياح عموماً مما يعني استمرار تراجع عدد المسافرين إلى أمريكا كما حدث في صيف العام الماضي وقد ينحصر عدد المسافرين إليها على رجال الأعمال والمرتبطين ببرامج دراسية أو علاجية ومن لديهم ظروف خاصة. وحسب الحجوزات فإن نسبة المسافرين إلى الولايات المتحدة متدنية جداً مقارنة بسنوات ما قبل أحداث سبتمبر. وقد تكون كندا واستراليا وبعض الدول الأوروبية بدائل مطلوبة عن السياحة في أمريكا وذلك لتشابه البيئات والثقافات في تلك الدول مع توفر المناطق السياحية الجذابة والتي لا تقل بأي حال عن مثيلاتها في أمريكا.
* إذن ماهي توقعاتكم لوجهات سفر السياح السعوديين هذا العام؟
- الواضح حتى الآن هو ان القاهرة، بيروت، دمشق، عمان، دبي هي أكثر المناطق السياحية طلباً للسياح السعوديين كما يتضح ذلك من الحجوزات التي أجريت حتى الآن وذلك لعدة أسباب منها قرب تلك المناطق من المملكة وقلة تكلفة التذاكر والخدمات السياحية فضلا عن تشابه العادات والتقاليد كدول عربية إسلامية مجاورة وهي عوامل ضرورية جداً للسائح السعودي. ولا ننسى ان القاهرة وبيروت كانتا قبلة السياحة الخليجية خلال عقد الستينات والسبعينات ويبدو ان الظروف الاقليمية والدولية تعيدهما الآن إلى مكانتهما السابقة خاصة وقد أصبحت السياحة صناعة هامة في كلا البلدين وسيكون لكل من دبي وتونس نصيب مقدر من السياحة السعودية هذا العام رغم ارتفاع درجة الحرارة في دبي وذلك لقربها من المملكة وللإمكانيات السياحية التي توفرت هناك خاصة سياحة الطفل.
كما وأن لبعض الدول الأوروبية نصيب كبير من حركة السياح السعوديين خاصة الشرائح المقتدرة وذلك رغم التكلفة العالية نسبياً للسياحة الأوروبية فالعائلات التي درجت على قضاء الصيف في أوروبا ستكرر ذلك غالباً هذا العام خاصة إلى اسبانيا، سويسرا، وايطاليا كأكثر الدول الأوروبية طلباً تليها فرنسا وانجلترا والنمسا والمانيا.
وفي رأيي فإن نصيب الدول الأوروبية من السياح السعوديين سيزيد هذا العام على حساب الولايات المتحدة الأمريكية التي خسرت نسبة مقدرة خلال العامين الأخيرين خاصة وان السياح العرب إلى أوروبا لم يواجهوا أية مشاكل تذكر خلال الصيف الماضي مما يشجع الكثيرين ممن تسمح ظروفهم المادية على السفر إلى الدول الأوروبية هذا العام.
* ماهي الاستعدادات المتخذة من قبلكم لمثل هذه التحولات في المقاصد السياحية؟
- كما درجنا في مثل هذا الوقت من كل عام فقد طرحنا كتيب البرامج السياحية (البروشور) لعملائنا قبل وقت كافٍ من بداية العطلة الصيفية لتمكينهم من التخطيط لإجازاتهم في ظل المتغيرات التي تحدثنا عنها آنفاً والكتيب يتضمن 94 برنامجاً سياحياً بأسعار منافسة جداً تشمل السياحة الداخلية والعربية والعالمية. علماً بأن لدينا قسماً خاصاً بالسياحة الداخلية يشرف عليه أحد الموظفين السعوديين ونتوقع ان يكون الاقبال كبيرا على السياحة الداخلية خاصة في المنطقتين الجنوبية والغربية لما تتوفر فيهما من مشاريع سياحية عملاقة وأسعار مناسبة لمن قام باجراء الحجوزات قبل وقت كافٍ ونتمنى ان تكون أسعار الخدمات عموماً معقولة هذا العام حتى تنافس مثيلاتها في الدول العربية المجاورة ونتوقع ان تكون هنالك زيادة بنسبة لا تقل عن 20% في عدد الراغبين في قضاء العطلة الصيفية في البلاد ونتمنى ان ينتهز المستثمرون في هذا القطاع الظروف التي تمر بها صناعة السياحة في العالم والاستعداد لتلبية الطلب المتنامي على السياحة الداخلية من حيث البرامج السياحية والخدمات والأسعار لأن مستقبل السياحة الداخلية قد يكون مرهوناً بذلك إلى حد كبير.
كذلك يتضمن البروشور وجهات سفر جديدة كجنوب افريقيا، موريشوس وجزر المالديف حيث نتوقع زيادة الطلب على تلك المناطق وقد راعينا في اختيار تلك البرامج الظروف الدولية والمتغيرات المؤثرة على الحركة السياحية عموماً من جهة وتحقيق طلبات السياح السعوديين بطرح بدائل وخيارات واسعة أمامهم لتمكينهم من اختيار الوجهات المناسبة لهم من جهة أخرى.
* بعض الوكالات الصغيرة توهم السائح ببرامج وهمية هل ترون ان تكون هنالك جهة مسؤولة تحفظ حقوق العملاء؟
- نحن من قبلنا نقوم في كل عام بتحذير المسافرين إلى خارج المملكة خلال موسم الصيف من مصيدة الاعلانات الصحفية التي تنشر لبرامج سياحية وهمية في مختلف مناطق العالم بأسعار غير حقيقة. فقد درج بعض الأشخاص ممن لاعلاقة لهم بنشاط السفر والسياحة على اتباع أساليب مختلفة في كل عام لممارسة النصب والاحتيال على المسافرين، هذه الاعلانات تتضمن أسعاراً مغرية جداً تجذب الكثيرين منهم إلى المواقع التي يمارسون فيها عملياتهم، فقد انكشف أمرهم خلال السنوات الماضية بعد ان تسببوا في مشاكل وصعوبات لا حصر لها لمعظم الذين تعاملوا معهم. ففي أحد المواسم السابقة كانوا يعملون من مكاتب غير مرخص لها رسمياً بممارسة هذا النشاط. وفي موسم آخر مارسوا نشاطهم في شقق استؤجرت مؤقتاً لهذا الغرض، ثم استحدثوا أسلوباً جديداً وهو استخدام اسم وكالة معروفة في نشاطهم بحيث يستأجر أحدهم موقعاً صغيراً أو طاولة في أحد المكاتب المعروفة وذات سمعة حسنة لمدة شهرين هي فترة موسم السفر واستغلال اسم وهاتف المكتب لبيع البرامج السياحية الوهمية التي يعلن عنها بأسعار زهيدة جداً قد تكون أقل من سعر تذكرة الطيران فقط. ومع بداية موسم هذا العام نما إلى علمنا ان الجرأة وصلت بهؤلاء إلى درجة استخدام العنصر النسائي للرد على الاتصالات والاستفسارات التي ترد إليهم من المسافرين والأغرب من ذلك أنهم قاموا يتزويدهن بجوالات هي في الأصل ملك لبعض المقيمين من جنسيات آسيوية وعربية (ربما من العاملين لديهم) مما يعني سوء النية في تعاملهم مع المسافرين إذ لن يتمكنوا من الاتصال بهم أو الوصول إليهم للمطالبة بحقوقهم لأنهم وبلاشك سيواجهون مشاكل أو صعوبات أثناء سفرهم. بهذه الأساليب يتمكنون من جمع مبالغ طائلة ممن أغرتهم تلك الاعلانات ويختفون مع نهاية الموسم تاركين جموع المسافرين بواسطتهم لكم هائل من المشاكل التي تواجههم في البلاد التي يسافرون إليها سواء في الشرق أو الغرب، كما وأن بعضهم يتحرك من موقع إلى آخر حاملا معه أدوات النصب من المستندات التي يبيعها لمن يتعامل معهم دون ان يكون لهم مقر ثابت للمزيد من التمويه والتضليل.. ونحن إذ نحذر المسافرين لتجنب هؤلاء والحرص على التعامل مع المكاتب المعروفة والتي تعمل بتصريح رسمي ووفقاً لأنظمة الطيران المدني لأنها ستحفظ للعميل كافة حقوقه في حالة عدم الاستفادة من الخدمات المقدمة إليه.. أما في حالة التعامل مع مكاتب غير نظامية فلا يضمن للعميل أية حقوق لأن القانون عادة لايحمي المغفلين.
|