لقد اطلعت كغيري على مقال الاستاذ عبدالفتاح ابو مدين بعنوان «والمتنبي شاعر كل العصور» في صفحة منوعات في جريدة الجزيرة العدد رقم 11220 الصادر يوم الاربعاء 18 ربيع الاول عام 1424هـ ونشر تعليقاًَ على احد الحضور عن رأي الجواهرجري في نزار قباني فأجاب لو قلت عنه انه المتنبي لظلمته ولم يعلم استاذنا الفاضل محمد اسماعيل جواهرجي ان نزار قباني قد ظلم نفسه حياً في بعض قصائده التي تتناول الذات الالهية هذا اذا أغفلنا ما قاله في المرأة، وقد وضح الصواب استاذنا عبدالفتاح ابو مدين عندما انصف ابا محسد مستشهداً ببعض ابياته التي تدل على الحكمة والتعقل، وأخيراً يأتي الاستاذ عبدالعزيز بن عبدالله الرويس معلقاً في صفحة عزيزتي الجزيرة العدد 11248 الصادر يوم الاربعاء 16 جمادى الاولى 1424هـ تحت عنوان «هذا سبيل الشعر منذ انبعاثه» ولعل الاخ الرويس قد قسا قليلاً على الاستاذ عبدالفتاح ابو مدين واشار الى ان الشعر العربي منذ نشأته في عهد بعض الشعراء الجاهليين وما بعدهم قد شبّب بالمرأة وتغزل بها ونسى او تناسى شعر نزار وما قاله في المرأة وتعداها الى الذات الالهية ولذا فليعذرني اخي الفاضل عبدالعزيز الرويس فان مقالة الاستاذ عبدالفتاح ابو مدين هي عين الصواب عندما ذكر ان شعر نزار سطحي وانه قد شتم العرب والاستاذ عبدالفتاح وانت ياعبدالعزيز وانا كلنا عرب فلماذا تريد منا ان نمجده؟ اما ماسأدلي به وسط هذا النقاش فهو قولي ان شعر المتنبي لاينكره الا مكابر في حقه اما نزار فهو وحده العار بما قاله في شعره.
عزيزي عبدالعزيز اتمنى ان نقاشنا هذا لايفسد للود قضية فكن عيناً رائيةً وأذناً صاغية فالحديث بيننا حول شعر نزار يحتاج الى تروٍّ انه تقرير مصير لأن نقرأ لهذا الشاعر او لا نقرأ له ونحتقر شعره وننبذ دواوينه وربما قد يقول قائل انه من الاجدر بالمثقف العربي ان يعرف مواطن الشر حتى لايقع فيه اما انا واعوذ بالله من كلمة انا فاقول انه من الاجدى الابتعاد عن الشر ومواقعه حتى لانعرفه انها مقولة قد تكون قيلت قبلي هذا لايهم ولنعد الى صلب الموضوع ودعني أسألك ايها الفاضل الكريم ماذا تسمي رثاء نزار لأحد رؤساء الدول العربية عندما توفاه الله ودعنا من الاسماء اسمع هداك الله انه يقول: «قتلناك يا آخر الانبياء» وانا وانت بلاشك نعرف جيداً ان اول الرسل نوح وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم اليس كذلك انني فيما اظن بل اجزم انك تقول بلى وهذا هو ما درسناه جميعاً في مدارسنا اين هذا من قول نزار عندما يقول حين كنا في الكتاتيب صغاراً حقنونا بسخيف القول ليلاً ونهاراً الى ان يطول فنشأنا ساذجين، اي اعتراف بالسذاجة غير هذا انه يعترف بلسانه وبخط يده انه نشأ ساذجاً اذاً لسنا مجحفين في حقه عندما نقول انه ليس في مستوى المتنبي بشعره وتذكر جيداً ما قاله عندما فقد زوجته بلقيس لقد علمنا ديننا الحنيف ان نقول عند المصيبة، انا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله اما نزار فعندما فقد زوجته قال بها قصيدة يسميها البسطاء من الناس ممن يقرأ له قصيدة رثاء وانت ياعزيزي عبدالعزيز لك الحق ان تسميها ما تريد ولكن لنستمع الى ما قاله في آخر القصيدة انه يقول «وسيعرف الاعراب يوماً انهم قتلوا الرسولة» اية رسولة تلك التي قتلت والى من ارسلت ومن قتلها ولماذا وكيف ومتى ارسلت ولمن ارسلت ومن ارسلها حسب معلوماتي البسيطة جداً ان هناك كانت امرأة اسمها سجاح قتلت في حروب الردة مع مسيلمة الكذاب ومع من ارتد عن الاسلام آنذاك ولنستمر في الحديث لعلك تذكر جيداً انه عندما اصدر نزار احد دواوينه الشعرية كان عنوانه مايلي: «أشهد الا امرأة الا انت» ونحن جميعاً كمسلمين نشهد الا اله الا الله وان محمداً رسول الله ونزار في قصيدته تلك بكل تبجح يقول «أشهد الا امرأة الا انت» اي هراء هذا واي جنون عندما يقول: «اشهد ألا امرأة الا انت» فقد غيرت شرائع العالم وغيرت خريطة الحلال والحرام .
وفي قصيدة اخرى يقول ويالهول ما يقول: «يا الهي ان تكن رباً حقيقياً فدعنا عاشقينا» فهل نحن ايضاً مجحفون ومكابرون عندما نرفع جميعاً اصابعنا العشرة في عيون من قال هذا الشعر ونعلن له ان هذا غلط وتعالى على الله سبحانه وتعالى.
اعتقد بل اجزم انه لا مقارنة بين شعر نزار والمتنبي لن نقارن بين شاعر يلعب بالنار وشاعر يلعب بالالفاظ لتخرج حكماً وامثالاً يسير بها الركبان وان من يلعب بالنار حتى لو كان طفلاً فان ما حوله سيتحول الى حريق هائل وهل غاب عن بال الجميع ان النار لاتورث الا رماداً فهل نزار وعندما يعترف في شعره الذي تريد منا مقارنته بشعر المتنبي عندما يقول واعني نزار: يشرب الرجال الخمرة ليهربوا من حياتهم اما انا والكلام لنزار فاشربها لاهرب اليك ثم اليست الخمرة محرمة شرعاً نقول بلى ولا جدال في ذلك اذن ما هو حكمك على من يعترف وبخط يده للملأ جميعاً انه يشربها؟ اليس الدين الاسلامي دين الستر والتسامح واللين؟ ثم هل الانسان يفاخر بما يعمله من سيئات؟ اعتقد انه غير صحيح وانه بعد هذا لا مقارنة بين شعر نزار وشعر ابي الطيب المتنبي عندما يقول:
انا الذي نظر الأعمى الى ادبي
واسمعت كلماتي من به صممُ
|
او عندما يقول:
ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى
عدواً له مامن صداقته بدُّ
|
او عندما يقول:
اعيذها نظرات منك صادقةً
ان تحسب الشحم فيمن شحمه ورمُ
|
واخيراً:
وما انتفاع اخي الدنيا بناظره
اذا استوت عنده الانوار والظلمُ
|
وآخراً:
يا اعدل الناس الا في معاملتي
فيك الخصام وانت الخصم والحكمُ
|
وفي الختام اقول لاخي وعزيزي الفاضل عبدالعزيز عبدالله الرويس عذراً ان جنح بي الحديث بعيداً وكل املي ان تتقبله بصدر رحب ولاننس جميعاً انه قد قيل:
«اننا اخوة فقد جففت ملابسنا شمس واحدة فلربما يأتي يوماً يسأل فيه احدنا عن الآخر فلا يجد له اثراً».
عبدالعزيز بن سعد بن عبدالكريم الخراشي/اشيقر/الرياض
|