تمر الأحداث وتطوى في سجل التاريخ وتظل بعض الوقائع المهمة في الذاكرة إذا كانت ذات أثر بالغ وتصبح أحيانا في طور الحكاية تردد مع الوقت وتظل مادة تربط وتنسب عند أي نقاش أو جدال في وسائل اعلامنا العربي ويخرج الينا التحليل تلو التحليل الممل وننغمس في البحث عن الحقيقة التي لا أدري كم من الوقت الذي سوف يمضي حتى نجدها. لقد انتهى الحدث على الأرض وتغير كل شيء ولكن في جعبة بعضنا أفكار ومعلومات استوردت من سطح القمر فنحن نعرف ان الصراع في القمر قائم على قوى خفية تبحث في كفية القضاء علينا ومقدراتنا كما هي الحال في الأفلام الأمريكية الخيالية فنحن ما زلنا نجيد تمثيل التهرب من واقعنا المر فنفتعل الوهم الذي أخذ منا عمراً لكي نبحث فننجرف أحيانا في صوت وتحد عبر كل ما نملكه من مهارة الخطابة أو في سيل القلم الذي يكبر حجمه لكي يستوعب حبره كلماتنا النارية الجوفاء التي تبقى على الورق الذي يمكن ان يفرش رقعة وطننا العربي بكامل مساحته وبهذا نسلم من تجدب أرضنا العربية من المصطلحات اللغوية الرنانة التي اجترت أخيراً من القاموس «العلج».
هل هناك عبرة ودرس من الحدث؟ نقول إننا ما زلنا في حالة من عدم فهم أنفسنا، لم يعد أحد ينظر الينا إلا بعين السخرية والشفقة. ماذا نملك؟ الأرض التي نعيش عليها؟ لقد أصبحت عارية اغتصب جزء منها فكان القدر مع ان نرى المستوطنين اليهود بالقرب من المسجد الأقصى وضاعت فلسطين ومرت السنوات فراح واقعنا يشهد المزيد من الأحداث فقاسى لبنان الحرب الأهلية وتعرض للغزو الاسرائيلي ووقعت مذبحة صبرا وشاتيلا ودارت رحى الحرب العراقية الايرانية فحصدت الأخضر واليابس ثم تلاها غزو العراق للكويت فكانت بمثابة واقع أمة تبحث عن حلم تحول الى سراب في شيء اسمه التضامن العربي أو الوحدة العربية لقد تمزق العرب وأصبحوا في وضع يمثل الرجل الذي يحتضر بجانبه طبيب نفدت منه الأدوية أو لم تعد تجدي في العلاج فراح يحاول في انعاش ذلك الجسد عن طريق كلمات التشجيع والتحلي بالصبر.
واشتعل الصراع مع «اسرائيل» من جديد بعدما طوق المحتل الأرض فسجن شعباً أعزل وراح ينكل به ويذله ويهين كرامته فثار المعتقل مستخدماً يديه وجسده لكي يقاوم، انه يحاول ألا ينهزم ويعلن الاستسلام هذه المرة فلن يكون أبو عبدالله الصغير ينظر الى ربوع الأندلس وهو يبكي ويقول وداعاً بل يقول المعتقل ان جذوري سوف تبقى متمسكة بالأرض الى الأبد، لقد كانت التضحية كبيرة وجسيمة لكنها الطريقة الوحيدة في نيل شرف العزة والكرامة. وكنا أخيراً على موعد مع المهيب القائد الظافر رمز العرب الذي كان يسحق شعبه ويقف بفخر على أجسادهم الهزيلة والضعيفة التي تحتاج الى الغذاء والكساء في بيوت أقرب ما تكون إلى حظائر حيوانات وهو يملك النفط والماء يسقط من قبل أمريكا في عودة جديدة الى زمن الاستعمار. فعفوا أيها التاريخ سوف نستفيد منك فقط في ذكر أحداثنا المأساوية أما ان نستخلص منك العبر فهذا يحتاج الى وجهات نظر تغرق في التفسير والتخمين بدون ان تحقق أي أثر ونبقى في انتظار حدث جديد يعلن نهاية جامعة الدول العربية.
|