التغطية الإعلامية لزيارة رئيس الوزراء الفلسطيني للبيت الأبيض عكست أجواء احتفائية حميمية بالضيف الفلسطيني من قبل المضيف الأمريكي الذي حاول إضفاء أجواء الصداقة على اللقاء مع إغداق الوعود «لتحقيق الازدهار الفلسطيني» فضلاً عن الحرص على انتقاد ممارسات الاستيطان الاسرائيلية والجدار الفاصل..
وكان الأوضح ما قاله بوش عن الجدار الفاصل باعتبار انه يهدم الثقة بين طرفين يتطلعات إلى السلام..
وحقيقة الأمر أن الامريكيين يعرفون أن الجدار الفاصل يقتطع أجزاء كبيرة من الضفة الغربية ويحولها إلى اسرائيل كما انه في تعرجاته المدروسة بدقة يُدخل ضمن خارطة اسرائيل خزانات طبيعية كبيرة للمياه الجوفية فضلاً عن التعقيدات التي يخلقها بفصل المناطق الفلسطينية عن بعضها بما في ذلك صعوبة التواصل بينها..
وتحاول إسرائيل إضفاء الصفة الأمنية على الجدار وليست السياسية مشيرة الى انه عبارة عن إجراء مؤقت وليس تخطيطاً نهائياً للحدود، لكن المعروف أن إسرائيل تتبع سياسة الأمر الواقع وانها تأخذ الكثير لترد ان اضطرت القليل فقط..
وتستطيع الولايات المتحدة ان تحول انتقاداتها للسور الفاصل ومعارضتها لبناء المستوطنات إلى واقع يزدهر في ظله السلام إن هي أرادت إجبار إسرائيل على إزالة السور الفاصل ووقف بناء المستوطنات.
لكن أن تمضي مثل هذه الوعود دون تحقيق سيجلب الكارثة بدلاً من السلام، ولطالما سمع الفلسطينيون انتقادات أمريكية وغربية كثيرة لما تقوم به اسرائيل غير انهم لم يروا على أرض الواقع ترجمة لتلك الانتقادات.
وينبغي على واشنطن أن تستثمر الاستعداد الفلسطيني، لتنفيذ خارطة الطريق والمتمثِّل في الهدنة لدفع الأمور إلى الأمام، وإلا فإن هذه الهدنة النادرة يمكن فقدانها اذا لم يتم الاستفادة منها بالصورة المثلى.
والصورة المثلى تتمثل في قيام واشنطن بإجبار إسرائيل على التجاوب مع هذا الاستعداد الفلسطيني وبالتالي الاستجابة للمطالب الفلسطينية من انسحاب ووقف للاستيطان وإطلاق سراح السجناء ووقف بناء هذا السور الفاصل..
إن فرصة السلام الحالية قد لا تتكرر لاحقاً وإن تفويتها سيكون خطأ من الصعب إصلاحه.
|