* ماذا يقول شاب مسلم من وطني؛ كان بالأمس القريب؛ (تكفيرياً)، فأنعم الله عليه بالتوبة النصوح إن شاء الله من مصير قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الرجل لأخيه يا كافر؛ فقد باء بها أحدهما)..!!
* يقول هذا الشاب التائب:
* بدأت بالاستقامة عام (1413هـ)؛ فظهر من حولي من يتلقفني؛ من خلال (المسجد والعمل).
* كانت مرحلتهم الأولى؛ احتواء الشباب حديثي الاستقامة؛ وجذبهم إلى الأرصفة عن طريق الدعاة.
أما المرحلة الثانية؛ فهي أخذهم إلى الاستراحات، وتزويدهم ب (الأشرطة والمنشورات والكتيبات)، تلك التي تكفر الحكام والعلماء، وتحض على الخروج عليهم.
* إن دعاة التكفير والخروج، وقادة حملته المسعورة في هذه البلاد؛ يستهدفون صغار السن، ومن هم دون العشرين من العمر..!!
* لقد تأثرت بهذا الفكر (التكفيري)، فصرت داعية من دعاته، أسجل الأشرطة، وأصور وأطبع المنشورات المحظورة، وأنشر الأباطيل بين الناس..!!
* كان من منشوراتنا (التكفيرية)؛ ما هو منسوب إلى (المقدسي والمسعري وسيد قطب)، وكذلك مجلة (السمو)، وفيها كلها؛ تكفير للحكام؛ وحث على القتل، وعصيان الدولة، وإسقاط هيئة كبار العلماء وتكفيرهم.
* كنا نجتمع في استراحات، ويرأسنا رئيس؛ لا نستطيع أن نصحب؛ أو نصطحب إليه أي شخص؛ إلا بعد إذن منه..!!
* حجم التكفير في هذه البلاد؛ كبير وفي ازدياد..! فأكثر من كانوا في أفغانستان؛ رجعوا لجهاد أهل هذه البلاد، من ولاة الأمر والعلماء والمواطنين والمقيمين..!!
* من نتائج النهج التكفيري الخطير؛ تفجيرات الرياض وغيرها.. والأمر لن يقتصر على قتل المعاهدين؛ فقد يتعدى إلى اغتيال بعض المسؤولين، وهذا ما ينادون به الآن عبر الأشرطة وشبكة الإنترنت..!!
* هذا الفكر (التكفيري)؛ هو امتداد لتيار (ابن لادن).. وكنت على استعداد لمواجهة رجال الأمن مواجهة مسلحة، وأن أقوم بعمليات تخريب وقتل لبعض الشخصيات المعروفة..!
* أعرف أحد الزملاء؛ كان معنا؛ وكان حديث استقامة في حينه، تأثر تأثرا مبالغا فيه؛ حتى اصبح يفكر بالقيام بتفجير محل فيديو في حي السويدي بالرياض..!!
* كنا نكفر الكل.. نكفر الحكومة ورجال الأمن، ونكفر العلماء؛ منهم (ابن باز وابن عثيمين والألباني) وغيرهم..!!
* كانت كافة لقاءاتنا بمشايخ الصحوة آنذاك، تدور حول مسألة (التكفير والخروج)، فكانوا يشرحون لنا ذلك؛ فيستشهدون بآيات وأحاديث؛ ويفسرونها بما تشتهي أنفسهم، ويؤولون ما يريدون من القرآن والسنة؛ ومن أقوال العلماء..!!
* كانت الكتب التي كنا نحصل عليها؛ في الغالب تدخل البلاد بالتهريب، وهناك كتب موجودة في الأسواق؛ تباع وتشترى وتوزع بالمجان؛ وتدعو إلى الخروج على ولاة الأمر، بل وتكفرهم عياناً بياناً، فعلى سبيل المثال؛ (عقيدة أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء) لسعيد عبدالغني؛ وهو كتاب موجود بالأسواق، ويقرر الخروج على ولاة الأمر..؟
* وإلى جانب الأشرطة الصوتية؛ هناك كتب إلكترونية على الشبكة مثل كتاب؛ (الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث)، وكتاب؛ (كيف تصنع المتفجرات)، وكتاب؛ (تعلم صنع السم القاتل بطريقة سهلة)..! وغيرها من الكتب التي تجيز القتل، وتحض على التدمير والتخريب.
* ويوجد كذلك؛ كتب ل (سيد قطب) وغيره؛ ومقالات تجيز حكم التستر على الخلايا الإرهابية؛ وكثير منها يوزع بشكل كبير..!
* ومن أشرطتهم التي تؤصل لنهج التكفير والخروج؛ شريط: (استعدوا للجهاد)..! والجهاد المقصود هنا؛ هو جهاد ولاة الأمر..! وشريط آخر هو: (السلاح.. السلاح).. لداعية من هذه البلاد؛ يدعو فيه للخروج على ولاة الأمر، ويسب ويتهم العلماء بالنفاق.. وشريط ثالث؛ فيه دعوة لقتال رجال الأمن؛ وأنهم في حكم المرتدين، ويكفر ولاة الأمر..؟!
* وهناك مواقع كثيرة على الشبكة؛ تقوم على التكفير، ويتأثر بها الشباب؛ منها: (الإصلاح القلعة الساحات العربية السياسية) وغيرها.
* لقد وصلت الجرأة ببعض المتأثرين بهذا النهج؛ الى تشغيل شريط سمعي ل (أسامة بن لادن)؛ في الطابور الصباحي في إحدى المدارس.. وهناك مدرسة أخرى؛ عرضت على طلابها؛ صورا من التدريبات على الأسلحة في ميادين المعارك..!
* بكل صراحة.. إن منهج التكفير؛ وهذه التفجيرات الإرهابية؛ تبناها (بعض) من يدعون (مشايخ الصحوة) في هذه البلاد، فهم من عزل الشباب عن العلماء، فمن كلامهم: (تكفير ولاة الأمر، وأنهم موالون للكفار). وقولهم: (أن سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله؛ لا يفقه الواقع، وأنه ليس لدينا مرجعية علمية، وأنه قد انتهى زمن النصيحة للسلطان، وجاء زمن مواجهة الدبابات)..!!
* هؤلاء الذين غرروا بالشباب؛ وفجروا الأزمة، من بعض مشايخ الصحوة، هم أرباب التيارات المتطرفة في هذه البلاد..!!
* بعد الذي وقع من تفجيرات وقتل؛ راح بعض هؤلاء (الصحويين)؛ يلبس البنطال، ويحلق اللحية، ويستعين بالسكسوكة، ويصطحب النساء معه، ويظهر على القنوات الفضائية، فيستنكر الأحداث، ويتهم العلماء؛ بأنهم هم سبب هذه الفتن في هذه البلاد؟!!
* أما بعد.. فإن ما تقدم من كلام أعلاه؛ هو موجز سريع؛ لما قال به (تكفيري تائب)؛ في حوار معه نشرته هذه الصحيفة؛ في عددها ليوم الجمعة الموافق للرابع من جمادى الأولى 1424هـ، الرابع من يوليو 2003م فمن أراد التوسع؛ فعليه بهذا الحوار الموسع.
* لقد أشار هذا التائب غفر الله لنا وله إلى أن (مشايخه) في نهج التكفير؛ كانوا يغيبون عنه وعن غيره؛ آيات وأحاديث وأقوال علماء وأدلة شرعية، توجب الطاعة لولاة الأمر، وتحرم الخروج.. إلى غير ذلك.
* وبكل تأكيد؛ فإن هؤلاء وأمثالهم؛ لا يغيبون النصوص الشرعية التي لا تروق لهم فحسب؛ وإنما هم (يغتالونها) عمدا؛ حتى لا يصل إليها الشباب الغض؛ الذين يتخذون منه؛ أدوات لتنفيذ خططهم، وجسورا لتحقيق مآربهم، فحالوا بينه وبين نصوص شرعية صريحة؛ تحرم تكفير المسلم؛ وتدعو إلى حقن الدماء بدل سفكها، وإلى المحبة والسلام؛ بدل الكراهة والاصطدام.. حتى ليظن بعض قليلي الفهم في هذا الزمان؛ أن دين الاسلام؛ هو هذا الذي يتمثله هؤلاء؛ ويدعون من خلاله؛ إلى شر الأمور وأبغضها عند الله والناس أجمعين.
* هذه من عجائب هذا الزمان حقاً، والأعجب منها؛ ان ينبري لهذا الشاب التائب؛ من يرميه بالزندقة والمروق؛ ثم يقول بكفره؛ لأنه فقط خرج؛ من (عباءتهم التكفيرية)؛ إلى نور الإيمان؛ بالتوبة من ذنوب تكفيرهم..
* تكفير يجر تكفيراً.. فهذا هو ديدنهم؛ (تنفير فتكفير فتفجير..)..!! في المرحلة الأولى؛ ينفرون صغار السن من أسرهم؛ ويباعدون بينهم وبين علمائهم وواقعهم؛ فتحل مرحلة التكفير؛ التي تجر بعدها مرحلة التفجير.. تفجير المفاهيم والقناعات والأنفس والممتلكات..! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
* لن أطيل هنا؛ وأكتفي بما نقله بعض العلماء؛ في سياق تحذيرهم من التكفير:
* قاتل صحابي أحد المشركين، فلما رأى المشرك أنه صار تحت ضربة سيف المسلم الصحابي؛ قال: (أشهد أن لا إله إلا الله)، فما بالاها الصحابي؛ فقتله. فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنكر عليه ذلك أشد الإنكار، فاعتذر الصحابي بأنه ما قالها إلا خوفاً من القتل. وكان جوابه صلى الله عليه وسلم: (هلا شققت عن قلبه)..؟!
* كان ذلك مع مشرك وقت نزال؛ فما بال الأمر مع مسلم؛ يُفرض عليه نزال..؟!
* وهذه قصة أخرى في السياق نفسه؛ يرويها البخاري عن أبي ظبيان قال: سمعت أسامة بن زيد يقول: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة، فصبحنا القوم، فهزمناه. ولحقت أنا ورجل من الأنصار؛ رجلاً منهم، فلما غشيناه؛ قال: (لا إله إلا الله)، فكف الأنصاري عنه، وطعنته برمح حتى قتلته، ولما قدمنا؛ بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أسامة: أقتلته بعد ما قال (لا إله إلا الله)..؟! قلت: كان متعوذاً فما زال يكررها؛ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت ذلك اليوم.
* وفي رواية أخرى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (ألا شققت على قلبه؛ فتعلم أصادق أم كاذب)..؟!
* قال أسامة: لا أقاتل أحداً يشهد أن لا إله إلا الله.
* روى أبو يعلى والطبراني في (الكبير)؛ أن رجلاً سأل جابرا رضي الله عنه: هل كنتم تدعون احدا من أهل القبلة مشركاً..؟ قال: معاذ الله. ففزع لذلك. قال: هل كنتم تدعون أحداً منهم كافراً..؟ قال: لا.
* قال الإمام أحمد: إن الإيجاب والتحريم والثواب والعقاب والتكفير والتفسيق؛ هو إلى الله ورسوله، ليس لأحد في هذا حكم. وإنما على الناس إيجاب ما أوجبه الله ورسوله، وتحريم ما حرمه الله ورسوله، وتصديق ما أخبر الله به ورسوله.
* أكثر الله عدد الآيبين من التائبين؛ وقلل من عدد العادين الآبين.. اللهم آمين.
fax: 027361552
|