Friday 25th july,2003 11257العدد الجمعة 25 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من خريطة البيت تتشكل عقلية الطفل من خريطة البيت تتشكل عقلية الطفل

في زاوية «دفق قلم» يوم الاثنين 14/5/1424هـ تدفق الحبر وساح على السطور فتجدول بمقال رائع «أولادنا والثقة» للدكتور عبدالرحمن العشماوي وفكرة المقالة حرّكت مكامن فكرة كانت ساكنة عندي وتنتظر لحظة التحرك والخروج.
وفكرة الدكتور نفّست لها بالخروج وملخص المقالة أن البيت هو الذي يزيد في الثقة أو ينقص فيها وهذا صحيح لأن البيت هو اللبنة الرئيسة في بناية المجتمع الشامخة، بل هو «الخريطة الجينية» ولا أقصد «خريطة الطريق» التي تهندس وتشكّل عقلية الطفل وترسم وتحدد معالم شخصيته الحياتية والمستقبلية.. البيت هو المعمل والمختبر الذي يعدل ويبدل في «جينات» هذه الشخصية.
بعض الناس يتصور أن الأمر سهل وأن التربية والرعاية أمر بسيط مثل بساطة وضع هذه المضغة التي تخلّق منها وتكوّن هذا الطفل.. فلا تعقّدون المسألة وتصعدون القضية والهادي الله، كما يقابلك بعض العوام عندما تناقشه عن وضع أولاده..
صحيح أن الأمور مقدّرة من الله والهداية يكتبها الله لمن يشاء ولكنَّ الوالدين سبب من الأسباب التي تحدد شخصية وصلاح الابن.
الطفل قطعة من المشاعر والأحاسيس يحتاج إلى دقة في التربية والتعامل وإلى كم وافر من الحب غير المشروط لأن الحب كما يقول برايان تريسي العالم الأمريكي هو الذي يغذي الشعور بتقدير النفس واحترام الذات، ويقول اجعل حبك لهم غير مشروط.. اجعله حباً من كل قلبك ولا يتوقف على سلوك ولدك، إن هبة الحب الخالص لا يعدلها أية هبة في الحياة إنها أغلى هدية تقدمها لأبنائك. يوجد عندنا الكثير من الذين يقبلون أبناءهم ويضمونهم على صدورهم ليل نهار.
وهذا جيد ولكنهم يقتلون ويهدمون ما بنوه من حب عن طريق النقد والتحطيم ومجموعة «اللاءات» التي يقدمونها لأبنائهم فتجد الأب عندما يجلس في البيت لا يجمع مع الحب والتقبيل لأبنائه الحوار الهادئ وتحريك الطاقة الكامنة وتنمية قدراتهم العقلية ومواهبهم وإنما استعراض للعضلات واستغلال الموقع السلطوي الذي يتربع على عرشه الأب فيذوب الحوار بالتهديد والوعيد أو بالنقد لممارسات الأبناء وإبراز سلبياتها والضجيج عندها أو يغيب الحوار وتذهب الجلسة بلاءات تنطلق من فم الأب: لا تعمل كذا.. لا تحرك هذا..
اترك العمل في تلك.. واجلس هناك.. فيتعقد الطفل وتحاصره «اللاءات» فتكبت طاقته وتحد منها.
الطفل حتى السنة الرابعة يتخذ من البيت بمساحاته ومن عالم الأسرة المحيط به مكاناً للتدرب والتخلق والتشكل، فكل حركة يتحركها الطفل وكل كلمة يسمعها تساهم في تحديد وتكوين شخصيته فلا بد أن يراعي الآباء الكلمات التي تصدر منهم وتترسخ في العقل الباطن للطفل لأن الطفل كما يقول علماء النفس لا يخزن الواقع الذي يدور حوله بعقله الواعي وإنما بعقله الباطن والعقل الباطن كما هو معروف دائماً واعٍ يسجل كل حدث ولا يميز بين الحدث الإيجابي والحدث السلبي والرجل الواعي يتحكم بإدارة عقله الباطن لأن العقل الواعي هو بمثابة المبرمج والعقل الباطن هو الجهاز الذي يخزن ويحتفظ بهذا البرنامج والطفل بمراحله الأولى يفتقد لعقله المميّز الواعي فيسد مكان هذا العقل.. «الغائب» الوالدان وهنا يأتي الدور المهم للوالدين ولابد أن يكون الدور الذي سيمثلانه واعياً ومنظماً ودقيقاً فلا يكون عشوائياً وفوضوياً وأن يراقبا كل تصرف لهما ولأبنائهما في البيت «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها...» إلخ الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

خالد عبدالعزيز الحمادا
بريدة /ثانوية الأمير عبدالإله

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved