Friday 25th july,2003 11257العدد الجمعة 25 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تغيير السلوك الصحي تغيير السلوك الصحي
د. خليل إبراهيم السعادات(*)

باتت الحاجة ماسة للتعليم والتثقيف الصحي في هذا العصر المليء بكثير من العوامل التي تهدد صحة الإنسان وتؤثر على حياته ومدة بقائه في هذه الأرض. وقد حرصت الكثير من المجتمعات على هذا العنصر وجعلته عنصراً أساسياً في برامجها ومشروعاتها التربوية والتعليمية لتأثيره البالغ على الإنسان الذي يصنع التقدم والحضارة ويحدث التنمية. وفي هذا العصر المليء بالأمراض المعدية المتنوعة، والكوارث البشرية المختلفة، والملوثات البيئية المتعددة، والأمراض الوراثية سهلة الانتقال تصبح التربية والتعليم الصحي ضرورة لا ترفاً. وهذا الموضوع ليس جديداً علينا أو غريباً على حضارتنا الإسلامية فقد حث ديننا الحنيف على العناية بالنظافة في الملبس والمأكل والمشرب وفوق كل هذا العناية بالصحة الجسدية.
والتعليم الصحي عبارة عن سلوكيات يتخذها الفرد ويقوم بها ليحافظ على صحته وصحة أفراد أسرته، فهو مجموعة من الخبرات التعليمية المصممة لتسهيل عملية تغيير السلوك الصحي لتمكن الناس من السيطرة على الصحة وتحسينها والحفاظ عليها. وعندما يستطيع الفرد تغيير سلوكه الصحي فإنه يصبح قادراً على التحكم الذي هو للمحافظة على الصحة والذي يؤدي إلى اهتمامه بصحته وصحة أفراد أسرته ومجتمعه، وتكون اتجاهاته ومشاعره وعواطفه واضحة وقوية.
والسلوك الصحي للأفراد وإجراءات تغييره تتأثر بعدة مؤثرات منها اجتماعية مثل قبول المجتمع للمفهوم وتأثير الأصدقاء والعائلة والقيم الثقافية والاجتماعية.
وهناك مؤثرات عاطفية أو شعورية تلعب دوراً مهماً في التعامل مع الأفراد والأشياء وطريقة الأكل وممارسة الرياضة والتخاطب والمحادثة والعلاقات العامة. وهناك المؤثرات المعرفية الإدراكية مثل معرفة فائدة وقيمة شيء معين أو عمل معين أو حتى شخص معين مما يؤدي إلى المحافظة عليه. يتبع ذلك الحصول على الرعاية الطبية ويرتبط بذلك التعليم والدخل المادي وعدد أفراد الأسرة ونوعية الوعي والسلوك السائد والقراءة والتثقيف الصحي الذاتي كلها قد تكون عناصر ينظر إليها عندما يقيم الفرد حاجته إلى الرعاية الصحية. وهناك الأعراض المرئية في الفرد نفسه وفي الأصدقاء وفي العائلة تساعد على تكوين الاتجاه نحو التعليم الصحي وتعديل سلوك الفرد لتكوين وتقبل هذا الاتجاه والمفهوم. ويمر تغيير السلوك بعدة مواحل منها مرحلة ما قبل التفكير وفي هذه المرحلة لا يفكر الشخص بالتغيير أو تعديل السلوك الصحي، وللدخول في دائرة التغيير يجب أن يتعرض الشخص لمشكلة صحية يتعرف على كيفية حلها والتعامل معها وآثارها السلبية إذا أهملها، ثم يقيم قدرته على التغيير.
يأتي بعد ذلك مرحلة التفكير عندها يفكر الشخص في تغيير سلوك غير صحي في القادم من الأيام والأسابيع مثلاً وهنا يكون الشخص أكثر قلقاً من الشخص الذي يكون في مرحلة ما قبل التفكير ولكنه في هذه المرحلة غير مستعد للتغيير.
ثم مرحلة الإعداد وفي هذه المرحلة يكون الشخص على وشك إحداث التغيير ولكنه يحتاج للإرادة وإلزام نفسه على عمل ما يود تغييره مثل الإقلاع عن التدخين أو بدء الحمية وهكذا. بعدها تأتي مرحلة البدء وهي المرحلة العملية مرحلة تغيير السلوك وهنا يبدأ بسلوك جديد قاطعاً سلوكه القديم إلى سلوك مختلف. ويجب على الإنسان أن يعرف ويعي أن هناك فترات ضعف وملل سوف تعتريه وتعصف بخططه وتجعله يفكر في التوقف عن هذا السلوك الجديد أو هذه الطريقة في الحياة ولكن التعرف على هذه المشاعر وفهمها يساعد على الثبات على خططه الجديدة وعلى تغيير سلوكه إلى ما هو أفضل وأنفع. والمرحلة الأخيرة هي المحافظة على ما وصل إليه الفرد وتتطلب استمراراً وثباتاً على السلوك الجديد وصيانته من المؤثرات الخارجية.
ولينجح تغيير السلوك يجب أن يكون هناك سبب لدى الفرد لبدء عملية التغيير، والشعور بالقلق أو التفكير في السلوك الحالي، والاعتقاد بأن تغيير سلوك معين سيكون نافعاً للفرد وللمجتمع. ويجب أن نحذر من تحميل الفرد كامل المسؤولية عن تغيير السلوك الصحي إذا لم يكن المجتمع الذي يعيش فيه والبيئة التي تربى فيها والقيم التي تعود عليها تساعد وتتقبل عمليات التغيير.
لقد أصبحت التربية الصحية مظهراً من مظاهر تقدم المجتمع يتضح من خلال نبوغ أفراده وتفكيرهم الواعي وأدائهم المتقن في جميع المجالات. وهنا يأتي دور المعلمين والمربين الذين يجب أن يساعدوا الناشئة والطلاب في المدارس والجامعات على تقييم الأوضاع الصحية وتحديد الخيارات المتواجدة أمامهم للتعامل مع مشكلة صحية مثلاً، ويجب أن يكونوا ملمين بالثقافة والمعلومات الصحية فهم يمثلون جسراً ممتداً بين تقديم المعلومة التثقيفية أو الصحية وبين التطبيق الفعلي لها. ويجدربالمعلم أن يناقش في دروسه بالمدرسة ومحاضراته بالجامعة طرق التواصل مع أفراد المجتمع ومناقشة المشاكل الصحية والإجتماعية معهم وربط الأمور الصحية بالأمور الحياتية الأخرى والحث على اتخاذ خطوات عملية للمساعدة الذاتية، وتقديم المساندة المعنوية والنفسية المتعلقة بالأمور الصحية. وعلى الله الاتكال

(*) كلية التربية جامعة الملك سعود

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved