Friday 25th july,2003 11257العدد الجمعة 25 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

معيار القيمة الأخلاقية للسلوك معيار القيمة الأخلاقية للسلوك
محمد بن سعود الزويد / الرياض

تمثل القيم الأخلاقية الإسلامية في التعامل بين البشر إحدى مكونات اتساق التعاطي البشري الدائم بفضل الأبعاد الإنسانية التي توجد في سلوك الإنسان والتي تلقى الدعم والعون من قنوات الخبرات الحياتية اليومية ومن الأطر المرجعية المعرفية. وفي ظل التعاطي البشري اليومي يبرز على أتون هذه الشبكة من التداخلات العقلانية جملة من المتفرقات والأنماط السلوكية توحي بصورة وبأخرى عن مغزى التعامل وطريقة أدائه بين الأفراد ومن أبرزها الانتقائية وهي الدرجة الثانية بعد التعصب من حيث الحدة والأثر والتي غالباً ما يعبر عنها بالميل وبدرجات مختلفة نحو ما يظن المنتقى قربه إلى ذاته حتى ولو لم يجانبه الصواب فيما يميل إليه ويعبر عنها (بفقدان المقياس الصحيح للتعامل مع المحيط الاجتماعي والنفسي) وما بين التعصب والحدة والانعكاس السلبي لجملة من تفاصيل التعامل والانتقائية والميل ومبررات الاستحسان أوسط الإسلام بين هذين النمطين بجملة من القيم الأخلاقية الاعتدالية {فّلا تّمٌيلٍوا كٍلَّ المّيًلٌ}.. الآية. وهذه القيم مزودة ومدعمة بطرائق عدة فتعطي النفس معيار القيمة الأخلاقية للسلوك وتجنب النفس خسارة فائدة تقنين قيمة السلوك الذي هو نتاج التخلق بقول أو فعل أو إشارة أو إيجاء.
وعلى الجانب الآخر فإن الإسلام أعطى قيماً عدة بديلة عن التعصب والانتقائية والميل وبدرجات أيضاً عدة وعلى أسس إسلامية أخلاقية ممنهجة منها على سبيل المثال الاعتزاز بقيمة المعتقد الإيدلوجي وهي ما توحي برفعة أمر المؤمن وعزة شأنه {وّلا تّهٌنٍوا وّلا تّحًزّنٍوا وّأّنتٍمٍ الأّعًلّوًنّ} الآية، ومنه أيضاً قيمة العدل وفرض تعاطيها منعاً للظلم الحاصل بانتفائها {وّلا يّجًرٌمّنَّكٍمً شّنّآنٍ قّوًمُ عّلّى" أّلاَّ تّعًدٌلٍوا اعًدٌلٍوا هٍوّ أّقًرّبٍ لٌلتَّقًوّى"} الآية، إلى غير ذلك من القيم القرآنية التي تربي النفس على الاعتدال في القول والفعل معاً كما تهيب بالنفس البعد عن الميلان الأحادي الذي يعطي انطباعات سالبة عن الذات لقد أسفرت الانتقائية الآدمية بين الناس بدرجاتها المختلفة عن وجود خلل في عمق التصور لمعيار التعامل بين البعض مع الكل وبين البعض مع ذواتهم هم ومن غير المرجح ان المزايدة على القيم السلوكية الانتقائية إن كانت مكتسبة أو موروثة سوف تفلح في الوصول إلى أعلى درجات الاعتدال ولا حتى أبسطها وهي الشفافية والوضوح وإذا كان منبع الانتقائية سلوكاً وتعاملاً هو نفس الذات فإن منبع التعديل إما ان يكون من صاحبها «القائم بالسلوك الانتقائي»
لقد نجحت الثقافة الإسلامية والتي منبعها الدين ان تمد ذواتنا بقنوات مختلفة تسير من خلالها القيم والسلوكيات وفق متطلبات الطبيعة البشرية وفي ذات الوقت صفت بنجاح أكليلاً من الزهور على قبر الانتقائية التي ضلت الطريق قبل الخطوة الأولى من بدايته.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved