* بريدة - خاص ب «الجزيرة»:
حذر فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالعزيز التويجري عضو هيئة التدريس بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم من انتشار ظاهرة المعاكسات الهاتفية وما قد يترتب عليها من آثار ومفاسد تضر باستقرار وأخلاقيات المجتمع المسلم، مشيراً إلى ان هذه الظاهرة ما نشأت إلا من جراء الانقياد الأعمى للغرب بدافع الإعجاب الزائف والاعتقاد الخاطئ بأن كل مايأتي من الغرب مثال يحتذى به.
وأثنى الدكتور التويجري في حديثه ل«الجزيرة» على جهود المشايخ والدعاة في التحذير من هذه الآفة في العديد من الخطب والمنتديات والمحاضرات.. مؤكداً أن هذه الجهود نجحت إلى حد ما في تحجيم انتشار هذا الحريق الذي يعد من ملامح الأنشطة التغريبية ذات الطابع الثقافي والتي ينخدع بها كثير من الشباب بدافع الانبهار أو التجريب.
ووجه الدكتور التويجري الفتيات المسلمات إلى ضرورة توخي الحذر مما يروجه البعض من ان مثل هذه المكالمات للتعارف بنية الزواج، مؤكداً ان معظم الشباب ان لم يكونوا جميعهم يعرفون مسبقاً فشل أية علاقة زوجية من هذا النوع، وليس أدل على ذلك من إنشاء علاقات متعددة مع أكثر من فتاة، وهو ما يؤكد عدم جدية الشباب في علاقة زوجية يكون منشأها الهاتف.
ونصح الدكتور صالح التويجري الشباب والفتيات بشغل وقت الفراغ بالنافع من الأعمال والطاعات، مؤكداً على أن الفراغ والتساهل يدفعان الشباب والفتيات إلى ممارسة هذه الهواية الخبيثة بدافع التسلية دون إدراك لعواقبها الوخيمة والتي يأتي في مقدمتها الإنسلاخ من الإيمان بالخروج على الأخلاق السامية والتي تعد من ركائز الإيمان كذلك التشكيك في عقيدة المسلمين ونشر أفكار الكافرين وتمجيد الحضارة الغربية، كذلك الانشغال عن الواجبات الإسلامية بالإضافة إلى التشبه بسلوكيات الكفار والملحدين.
وحمل الدكتور التويجري الأسرة قدراً كبيراً من المسؤولية عن هذه الظاهرة الخطرة، بسبب التساهل في رد الفتيات على أجراس الهواتف، وانتشار أجهزة الهاتف في كل غرف المنزل بما في ذلك غرف الفتيات، بالإضافة إلى إهمال التربية الإسلامية السليمة وغرس قيم الإسلام في نفوس النشء والشباب.. مما يغري الفتيات بالخضوع في القول وتنعيم الصوت أو استخدام عبارات مشجعة على التمادي في المعاكسة.
ويلفت الدكتور التويجري إلى بعض الأساليب التي يلجأ إليها المعاكسون للايقاع بضحاياهم مطالباً بضرورة الحذر منها ومن أكثر هذه الأساليب أو «وسائل الصيد» شيوعاً، ادعاء بعض المتصلين ان لديه مشكلة ويبحث عن حل لها ويبدأ في استدرار عطف من ترد عليه ثم يبدأ في إلقاء شباكه عليها أو الزعم بأن الاتصال تم عن طريق الخطأ ثم يمعن في الاعتذار والتنصل من تعمد ذلك ويرقق عبارات الاعتذار ليفتح باب الحديث الخبيث بعد ذلك، وربما يدعي بعض المعاكسين ان الرقم الذي يطلبه ظهر عنده في جهاز اظهار رقم الطالب، وبالتالي ينفتح باب الحديث.
ويضيف د.التويجري: ومن الأساليب ابداء الإعجاب بمواقف بعض الأخوات من الجدة وتأديب المعاكس في بداية المكالمة، ثم البدء في استمالتها والادعاء بأنها نموذج للفتاة التي يتطلع إليها، كذلك استغلال بعض المعاكسين لقيام بعض الأخوات بوعظ المتصل وتخويفه من عقاب الله فيظهر المتصل نوعا من الندم والتأثر ويطلب من هذه الأخت أو تلك مزيدا من التواصل لإكمال العلاج وفي النهاية يولد الحب والغرام.
وأشار الدكتور التويجري إلى خطورة التسليم بكل ما يبثه الإعلام الخارجي والذي يعد من أعظم جنود أعداء الإسلام من خلال ما يبثه من مواد اباحية مفسدة بالإضافة إلى الحرب المعلنة على العقيدة من خلال محاربة تعدد الزوجات والترويج لاتخاذ الخليلات والعشيقات تحت شعارات المراسلة والحب أو إضعاف غيرة الرجل على عرضه والتساهل مع زوجته أو ابنته في غير مواضع التساهل، وكذلك دفع المرأة للتمرد على زوجها باسم الحرية والمساواة وغيرها من الشعارات التي ثبت زيفها في بلاد الغرب ذاتها.
وطالب الدكتور التويجري بضرورة تكاتف وتعاون المجتمع بأسره في تسهيل متطلبات الزواج، حيث ان الزواج وقاية للشباب والفتيات من انحراف السلوك والسقوط في مثل هذه المسائل محذراً من التساهل في بعض الأمور بدافع الجهل أو الثقة العمياء في غير أهلها، ومن هذه الأمور وصف أحد الجنسين للآخر عند الأجانب أو ترك الأطفال يردون على الهاتف، وهو ما يفتح الباب لهذه المعاكسات كذلك الاختلاط بين الجنسين، أو إهمال الرجل لزوجته وتجاهله لمشاعرها واحتياجاتها سواء إذا كان ذلك بالانشغال بالعمل أو السفر أو إذا كان الزوج صاحب علاقات غير شريفة فإن الزوجة في الغالب قد تسير على نفس النهج عقوبة أو انتقاما من الزوج، وهنا يتحمل أولياء أمور الفتيات جزءاً من المسؤولية عن عدم اختيار الزوج الصالح الذي يؤتمن على زوجته.
وعدد الدكتور صالح التويجري أضرار المعاكسات وانعكاساتها على الشباب والمجتمع من التقصير في التحصيل العلمي والسقوط فريسة للاضطرابات النفسية والتي قد تنتهي بالشباب إلى ارتكاب الفاحشة والعياذ بالله، ووقوع الفتاة في هذا الشرك يفقدها شرفها وكرامتها، وكما انها مضيعة للوقت والمال، ويجر إلى المحرم والجريمة وإشاعة الفاحشة والفساد الأخلاقي والشك والوسواس حتى بعد الزواج.
وحول سبل علاج هذه الظاهرة قال الدكتور التويجري، هي مسؤولية جماعية يتحمل الآباء والأمهات الجزء الأكبر منها، أولاً بحفظ الله ومراقبة الأبناء والتوجيه والإرشاد وتشجيعهم على شغل الوقت بالطاعات ونافع الأعمال، ومراقبة أصدقاء الأبناء ويتحمل الدعاة جزءاً من المسؤولية لتقديم الدليل الشرعي والعقلي على حرمة هذا الفعل، والتعريف باخطاره ومفاسده ومنافعه لكل القيم والأخلاق الإسلامية والدعوة للعودة للتمسك بمنهج الله سبحانه القائل: { )إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }إن الطريق الأقوم الذي لاعوج فيه هو طريق القرآن وطريقة القرآن في القضية هي العفاف قال تعالى: {قٍل لٌَلًمٍؤًمٌنٌينّ يّغٍضٍَوا مٌنً أّبًصّارٌهٌمً وّيّحًفّظٍوا فٍرٍوجّهٍمً} الآية، وقال: {وّقٍل لٌَلًمٍؤًمٌنّاتٌ يّغًضٍضًنّ مٌنً أّبًصّارٌهٌنَّ وّيّحًفّظًنّ فٍرٍوجّهٍنَّ} الآية، وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله يغار ومن غيرته حرم الفواحش: أو ان يزني عبده أو أمته..)، وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته
حتى يفضحه بها)، وقول الله تعالى: {إنَّ الذٌينّ يٍحٌبٍَونّ أّن تّشٌيعّ الفّاحٌشّةٍ فٌي الذٌينّ آمّنٍوا لّهٍمً عّذّابِ أّلٌيمِ فٌي الدٍَنًيّا وّالآخٌرّةٌ وّاللَّهٍ يّعًلّمٍ وّأّنتٍمً لا تّعًلّمٍونّ}.
|