يتسابق «البعض» وليس الكل، من الآباء والأمهات بضغوط مباشرة من أبنائهم أو من تلقاء أنفسهم، أو المحيط الاجتماعي بهم، إلى المبالغة في حفلات الزواج، التي تكثر، وتشتد خلال الإجازة الصيفية، حتى ان المرء قد يتلقى ثلاث دعوات لحضور الحفلات في ليلة واحدة، المهم انه في «بعض» الحفلات تجد المباهاة والترف صنوفاً عديدة، وأشكالاً متنوعة، فيها ألوان شتى من البذخ، والاسراف والتبذير، بدءاً من بطاقات الفرح التي تصل كلفة الواحدة منها خمسين ريالا، وحتى مكان الفرح وما يتبعه من تجهيزات فنية وألعاب سحرية مع ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات، التي تتجه بدلاً من البطون إلى سلات القمائم والعياذ بالله وقد وصل كلفة ذلك إلى أكثر من مائة ألف ريال!! وربما تزيد حسب أقوال العارفين ببواطن الأمور!
إن قضية الإسراف والتبذير نهى عنها الإسلام وحذر منها، قال الله تعالى: {إنَّ الپًمٍبّذٌَرٌينّ كّانٍوا إخًوّانّ الشَّيّاطٌينٌ}، وقوله تعالى: {إنَّ اللهّ لا يّهًدٌي مّنً هٍوّ مٍسًرٌفِ كّذَّابِ }.
إذاً القضية ليست مظاهر دنيوية فحسب، بل انه عمل منهي عنه، وفعل في مقام الترهيب، قال سبحانه وتعالى: {وّكٍلٍوا وّاشًرّبٍوا وّلا تٍسًرٌفٍوا إنَّهٍ لا يٍحٌبٍَ المٍسًرٌفٌينّ}.
لقد أدت تلك المظاهر الخداعة في الزواجات إلى قيام الآباء باستدانة المبالغ، وبيع بعض الممتلكات أو رهن أخرى، كما ان بعض الأمهات لجأن إلى نفس الطريقة، بل زادت من ذلك في بيع حليها الخاص.. وحتى يكون الفرح كاملا مكملا أمام الناس.. وحتى لو كانت الأسرة معروفة بظروفها المالية المدقعة.. وعلى حد قول إخواننا المصريين «مفيش حد أحسن من حد».
إن البحث عن المظاهر الزائفة الزائلة وصلت حدودا لا تجارى، ويجب اعادة النظر في ذلك ممن هم معنيون به، فالقضية تتفاقم، والمشكلات تتوالى والديون تتزايد، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
إن خطورة هذا الأمر وتفاقمه في مجتمع مسلم يتطلب ان تتضافر كافة الجهود على المستويين الرسمي والأهلي والفردي لمواجهة ذلك بالتوعية والتوجيه المستمر، وسبق ان اقترحت في العام المنصرم عقد ندوة شاملة، أو ندوات يشترك بها أولو الأمر، والعلماء، والمفكرون، والدعاة، وبعض الخطباء المعتبرين، ورجالات المجتمع، من أكاديميين وأطباء، حتى شباب وشابات هذا المجتمع، وكل من له علاقة بالموضوع لدراسة موضوع: «الزواج من جذوره»، والتحري عن مشاكله، بدءاً من مجلس الشورى، إلى وزارة العدل، والشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والداخلية، والصحة، والعمل والشؤون الاجتماعية، حتى التربية والتعليم، والتعليم العالي، لابد من مناقشة قضية المهور، ولابد من مناقشة أسباب التأخر في الزواج «ذكوراً وإناثاً»، ولابد من بحث قضية الزواج من الأجنبيات، ولا نغفل قضية الاحتفالات، والمظاهر، وما إلى ذلك.
|