إن الإنسان يحمل بين جنبيه من الأخلاق والسجايا والصفات والطباع المتشابكة والمعقدة ما يعز على الفهم ويستعلي على الاستكشاف ولايزال علماء النفس البشرية يقفون عاجزين عن تفسير بعض الظواهر الأخلاقية في الإنسان صحيحها وخطأها، خيرها وشرها، حسنها وقبيحها.
قال القرطبي رحمه الله: إعجاب المرء بنفسه هو ملاحظته لها بين الكمال مع نسيان نعمة الله فإن احتقر غيره مع ذلك فهو الكبر المذموم.
وانتشار العجب بين الناس دليل على فسادهم وعلامة على اقتراب الساعة وأمارة على وقت العزلة وعلى اجتناب الناس وأحاديثهم.
قال أبو أميمة الشيباني أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية {لا يّضٍرٍَكٍم مَّن ضّلَّ إذّا اهًتّدّيًتٍمً} فقال: أما والله لقد سألت عنها خيراً سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعاً وهوى متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك ودع أمر العوام.
أيها القارئ الكريم إذا تأملت قول النبي صلى الله عليه وسلم وإعجاب كل ذي رأي برأيه فظننت أنه يتكلم عن واقعنا المعاصر فإنك ترى كل صاحب رأي حتى وان كان من أنصاف المتعلمين تراه متمسكاً برأيه لا يتزعزع عنه قيد أنملة وكأنه أحاط بكل شيء علماً.
وهذا سبب رئيسي لما نحن فيه من نكسة علمية وبعد عن المرجعية الموثوقة، وهو الذي فتح الباب على مصراعيه للمتعالمين كي يتطاولوا على الثوابت من ديننا الحنيف.
( * ) عضو الدعوة والإرشاد بالرياض
|