|
|
دخلت المسجد لصلاة المغرب فاذا برجل طويل القامة وسيم الشكل اخذ مكانه في الصف الاول قريب من الامام. صففت بجواره وسلمت عليه بعد ان اديت تحية المسجد ولفت نظري كثرة التفاته يمينا ويسارا وخمنت انه شحاذ بحركاته التي يختار بها فريسته. وسلط عينيه على رجل مسن وممن يغلب عليهم الحياء.. وبعد السلام امسك به عند باب المسجد ووضع على رأسه عددا من القبلات وعرفه بنفسه باسم رباعي اجزم انه مزور. ومن كثرة الحب وعسل الكلام عرض المسن القهوة عليه فقبلها دون تردد وبعد القهوة ادعى الشحاذ ان امه مريضة بالسكر وتحتاج الى نقود لعلاجها.. فقدم المسن له مبلغ خمسمائة ريال فأخذها الشحاذ وقال هذه ليست مدة منك فتعذر الرجل وهو يتقطع حياء «على نياته» كما يقولون. خرج الشحاذ وطرق باب رجل مسن آخر كان قد سأله عن اسمه وعن بيته ففتح الابن الباب فاوهمه الشحاذ انه يعرف ابيه فعرض عليه الدخول فاذا به اسرع من البرق في اقصى المجلس. قدم الاب فاستقبله الشحاذ بالقبلات المتراكمة وعرفه بنفسه كالسابق صاحبنا لا يتحمل من انت؟ وماذا تريد؟! فعرض الشحاذ مشكلته كالسابقة فقدم له الرجل الف ريال فأخذها شاكرا.. وخرج مسرعا.. وفي اليوم الثاني وبعد صلاة العصر وانا خارج من المسجد فاذا به قادم اوقف سيارته وقابلني مبتسما قبل ان ادخل منزلي وانزل على رأسي عددا من القبلات وعرفني بنفسه رباعيا وانه قدم من الشرقية. قلت اهلا وسهلا «انا لدي شك من امره منذ امس» فعرضت عليه اي خدمة ظننت ان لديه مشكلة اما معاملة في احدى الجهات الحكومية او مسألة قبول في مدرسة او كلية وانه مرسل اليَّ.. فعرض عليَّ مشكلته وان امه مريضة بالسكر ويريد علاجها ويريد ما امكن من النقود فتعذرت منه لانني كما يقال «على قدر يا موسى» فلم يقبل العذر قائلا: ولو من الزكاة. قلت انا رجل لا املك سوى راتبي التقاعدي ولا يوجد ليَّ والحمد لله ما ازكيه. فرد: يعني ما فيه شيء. قلت ما فيه شيء وحتى لا تخسر خذ قبلاتك من على رأسي فولى مدبرا.. وفي المساء التقيت بالرجلين المسنين اسألهما فأجاباني بما سلف ان ذكرته. فهذه قصة الشحاذ المتحذلق فاحذروا ايها الناس من مثل هذا المحتال المتملق والمتفنن بطرق الشحاذة بالكوم ففي خلال ساعة حصل على الف وخمسمائة ريال اجزم انه بهذه الطريق يحصل على السبعة ان لم تصل العشرة آلاف في اليوم .. اللهم اغننا بفضلك عن من سواك وارزقنا القناعة بما اعطيتنا يا رب العالمين. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |