الحقائق تقرأ بالمقلوب، والإعلام يتبنى تلك الحقائق المقلوبة، ويخرجها في أجمل صورها لتبدو للمشاهد والمستمع وكأنها شامخة غير مقلوبة.
الأمم المتحدة تغير زيها طبقاً لمعطيات النفوذ، وليس لبسط العدالة وحفظ حقوق الإنسان وكرامته.
حقوق الإنسان ذاتها، يتم استخدامها كأداة تهديد ووعيد وتشويه.
الاحتلال يصبح تحريراً، والمقاومة إرهاباً، والديمقراطية دكتاتورية، والمساعدات الإنسانية ثمنها الحرية، والتعاون يعني التدخل، والعالم لا بد أن يصفق لأن المطروح هو الخيار الأوحد.
الديمقراطية تغير جلدها حسب الظروف فالرئيس قد يأتي إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع، لكنه يتخذ قرارات كثيرة ضد رغبة الشعب، فهناك من اتخذ قراراً هاماً بالدخول في حرب معينة رغم أن 85% من شعبه يرى غير ذلك، وكأن استطلاعات الرأي ليست ذات قيمة ومع هذا يتم اتخاذ القرار باسم الديمقراطية.
يتحدث العالم عن الحفاظ على البيئة، وعن رعاية الحيوان، لكن الحفاظ على حياة الإنسان في كثير من المناطق في العالم تكاد تكون معدومة، والعالم مع هذا يتفرج.
تسن قوانين غريبة عجيبة في بعض دول العالم، كما سنت من قبل ومازالت قائمة، ومع هذا فالبعض يطلق العنان لوسائل الإعلام للحديث عن وجوب تطبيق القوانين، وعندما تقوم دولة من دول العالم الثالث بتطبيق القوانين النابعة من ثقافتها تقوم وسائل الإعلام تلك بالدعاء بالويل والثبور وعظائم الأمور.
قامت الحرب بسبب أسلحة الدمار الشامل، وحتى تاريخه لم يتم العثور عليها، وكأنها إبرة في بحر، وعلى العالم أن يصدق أنها موجودة، في الطبقة الخامسة من الأرض، أو فوق السحاب، كما أن عليه أن ينتظر عاماً أو عامين أو عشرة أو مائة أو ألفاً حتى يمكن العثور على الموجود المفقود، ويجب أن يستمر تصديقه ذلك دون شك.
هناك خارطة الطريق لحل القضية الفلسطينية، وعلى كل طرف عدد من المتطلبات الواجب تنفيذها، ومع هذا فبعض دول العالم تأمر السلطة الفلسطينية أن تقوم بالمستحق عليها طبقاً للخارطة، وغير المستحق، أما إسرائيل فإن تلك الدول ترجو من إسرائيل المساعدة في تسهيل المهمة بالتصريح عن بعض النوايا، وحتى ذلك لم يتحقق، والعالم مازال يرجو ويأمل. العالم أجمع عليه أن ينفذ، وليس عليه أن يناقش في حدود ما يمنح له من صلاحيات للنقاش، ليكون هناك مظلة ديمقراطية ولتكون النتيجة نابعة من النقاش وليس هناك من بديل.
لم أعد أفهم ما يجري في هذا العالم اليوم، أصبحت المصالح فوق الأخلاقيات، والأقلية تقوم الأغلبية، والأغلبية تقود ما تيسر لها أن تقود.لم أعد أفهم أن الإنسان مع سجله الحضاري العريق الذي بناه عبر السنين المتتالية أصبح أسير نزعاته الذاتية، وأنانيته المفرطة، وكأن تلك الحضارات لم تهذب من سلوكه.من يصدق ان تخرج مجموعة تقتل باسم الإسلام، وتفجر باسم الإسلام، وترعب باسم الإسلام، والإسلام منها براء، ثم تستغل بعض وسائل الإعلام المغرضة تلك الحوادث الفردية الإجرامية، فتنظر إلى الإسلام بالمقلوب، مع يقينها أن الإسلام جاء لإفشاء السلام وحفظ الحقوق، ومازال وسيظل.
من يصدق أن يقوم فرد يدعي الإسلام باقتحام مجمع أو سوق تجاري، ويقتل الأبرياء ويزهق روحه وروح سواه من المسلمين وغير المسلمين، ومع هذا فهو يعتقد أنه أجاد.لم أعد أفهم، فأنا في عالم غير العالم، عالم قلب معاني الحضارات، وأهداف الرسالات السماوية، وفضائل البشرية.
|