كثير من حالات ضيق النفس المفاجئ يكون سببها نقص نسبة الأكسجين في الدم، والرئتين ويكون المريض في حاجة ماسة للأكسجين بأسرع وقت، كما في حالات الربو والصمة الرئوية، لكن ثمة حالات أخرى يكون ضيق النفس سببه زيادة في نسبة الأكسجين وليس نقصها. 0 تسمى «فرط التهوية نفسي المنشأ»، وهي من الحالات الشائعة في طب الطواريء، لكن كيف يمكن تمييز حالات ضيق النفس الناتجة عن زيادة الأكسجين عن تلك الناتجة عن نقصانه؟، وماهي أسباب زيادة نسبة الأكسجين ومضاعفاته المرضية ؟
د0 محمد ديب محمد أخصائي طب الطوارئ بقسم الإسعاف بمستشفى الحمادي بالرياض يشرح ذلك مؤكداً أن ثمة اعتقاد بأن كل حالات ضيق النفس تكون بحاجة إلى تزويد المريض بالأكسجين، لكن حالات «فرط التهوية نفسي المنشأ» وهي من الحالات الشائعة التي يكاد يستقبلها قسم الطوارئ بالمستشفيات يومياً لايكون المريض بحاجة إلى الأكسجين.
وبشرح الدكتور ديب محمد الفيزيزلوجيا المرضية لهذه الحالات قائلاً: يحدث لدى هؤلاء المرضى زيادة في تهوية الرئة، وليس نقصا في الأكسجين كما يتبادر لذهن المريض، ولذلك عند قياس الأكسجين لدى المريض قد نجده يعادل 100%، وهذه الزيادة بالتهوية تؤدي إلى زيادة موازية في طرح غاز ثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي لنقصه بالدم، وهذا يشكل حجز الزاوية في حدوث هذه الحالة، ومن أبرز العلامات التي تصاحب المصاب بهذه الحالة، ضيق نفس مفاجىء وشديد مع ألم صدري يصفه المريض غالبا على أنه ضيق بالصدر، وإحساس بخدر ونمل حول الفم وفي نهايات الأطراف إضافة للنفضان العضلي، وخفة رأس أو دوخة أو ضعف أو دوار أو إغماء، وتشنج رسغي قدمي، يزداد هذا التشنج بثني أصابع ورسغ اليد، وكذلك بثني أصابع القدم والكاحلين، وإيجابية علامتي تروسو وشفوستك خلال المرحلة الحادة التكزز بالحالات الشديدة جدا .
ويضيف أخصائي طب الطوارئ د0 ديب أن تشخيص هذه الحالة يكون بأن لا يوضع تشخيص فرط التهوية نفسي المنشأ والذي يشكل القلق سبباً مألوفا له إلا بعد نفي الأسباب الأخرى لفرط التهوية والتي تسبب (ضيق نفس وقلق)، وذلك لخطورة العديد منها: كالصمة الرئوية والربو واسترواح الصدر .. الخ.
أما عن كيفية علاج هذه الحالة، غالباً لا ترضي مرافقي المريض المذعورين على مريضهم، وخاصة عندما يقوم الطبيب بوضع قناع الأكسجين بشكل محكم السد على فم وأنف المريض، دون أن يقوم بضخ الأكسجين فيه، لدرجة أن أحد المرافقين قد يسارع إلى مضخة الأكسجين وفتحها، طالباً من الطبيب أن يفعل شيئا للمريض وبالسرعة القصوى، وذلك لأنه لا يدري بأن ما يجب هو إرجاع غاز ثاني أكسيد الكربون إلى صدر المريض وبالتالي إعادة تركيزه بالدم إلى حدوده الطبيعية، مع ضرورة الإنتباه إلى أن هذه الطريقة يجب أن تتم تحت مراقبة المريض على جهاز قياس الأكسجة والنبض بالدم، وذلك لما تسببه من نقص أكسجة لدى المريض.
ويؤكد الدكتور محمد ديب أنه لعلاج هذه الحالة أيضاً من الضروري أن يقوم الطبيب بشرح مبسط للمريض وذويه عن طبيعة هذه الحالة، كأن يوضح لهم بأن هذه الحالة تمثل استجابة شخصية لشدة نفسية أو قلق خفيين، أو أن هناك بعض الأفكار غير المحددة لدى المريض هي التي سببت هذه الحالة لديه، كما أنه من المنطقي أيضا أن نناقش وباختصار مع المريض ( بعد انتهاء النوبة لديه) بأنه يمكنه مساعدة نفسه في منع تكرار هذه الحالة إذا ما حاول قدر الإمكان ضبط عدد مرات التنفس وعمقه لديه بشكل ذاتي، لما لذلك من أثر في التخفيف من طرح غاز ثاني أكسيد الكربون وبالتالي السيطرة على الحالة، وكذلك يمكن أن تكون الأدوية المضادة للقلق مفيدة في السيطرة على الحالة .
|