أمريكا والعراق بعد مقتل عدي وقصي

بات النظام العراقي السابق برمته من ذكريات الماضي حتى قبل مقتل عدي وقصي صدام حسين، إلا أن مقتل الاثنين أكد ذلك، ولن تفلح أشرطة صدام التي تصدر بين الحين والآخر في إعادة الحياة لذلك النظام مهما حاول استغلال المقاومة الجارية الآن وتجييرها لصالحه، والأحرى أن هذه المقاومة تتبرأ من أي ارتباط لها بصدام..
ويبقى ما يتعلق بالمستقبل ونعني مستقبل شعب كامل يتطلع إلى الحياة الحرة الكريمة بعد المصاعب الماضية والتحديات الراهنة، وعلى الرغم من مرور عدة أشهر على سقوط نظام صدام فان المشاكل المترتبة على اقتلاع ذلك النظام وتلك المرتبطة بوجود قوات الاحتلال لا تزال تتفاقم.
التطورات الجديدة المتمثلة في مقتل عدي وقصي لها بالتأكيد انعكاساتها على أوضاع القوات الأمريكية التي منيت بخسائر متتابعة وبصورة يومية في أفرادها، وهو أمر كان له أثر على مجمل الوضع السياسي الأمريكي، حيث أضيفت هذه الأعباء إلى المصاعب التي يعاني منها البيت الأبيض بعد انكشاف المبررات الواهية التي خاض بها الحرب خصوصاً ما يتعلق بما عرف بكذبة اليورانيوم.
وهكذا فإن مقتل عدي وقصي قد يشكل مخرجاً ولو إلى حين للبيت الأبيض من دوامة تلك المشاكل كما ان الوضع الميداني في العراق سيتأثر بما حدث، ولا يعرف ما إذا كان أسلوب الاغتيالات سيجرى اعتماده بصورة أكبر بدلا من اعتقال ومحاكمة مسؤولي النظام السابق خاصة ان هناك انتقادات من قبل الديمقراطيين في واشنطن لهذا الأسلوب العسكري في التعاطي مع المسألة العراقية، بسبب ان الاغتيال يغيب معه المعلومات وحقوق الآخرين.
ومن المؤكد أن المعالجات الحصيفة لكامل الشأن العراقي ستفيد كثيراً في التهدئة وصولاً إلى الحكم الوطني الكامل الذي يستطيع التصدي، بما له من صلاحيات دستورية لكل المشاكل والموضوعات بما في ذلك محاسبة أركان النظام السابق وتحديد المسؤوليات وإعادة حقوق الشعب العراقي المنهوبة وكشف النقاب عن الكثير من القضايا التي يتطلع الشعب العراقي إلى معرفتها.
وكل هذا لا يتحقق إلا في ظل نظام وطني يوفر المحاكمات العادلة والمستوفية لكل اهتمامات وتطلعات أبناء العراق في تأمين حقوقهم ويكرس ضمانات من شأنها الحفاظ دائماً على تلك الحقوق ووسائل تأمينها.