* وهيب الوهيبي:
ألقى سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ محاضرة بعد مغرب يوم الاثنين الماضي الموافق 21/5/1424هـ وذلك بمركز الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز بمدينة سكاكا، منطقة الجوف، تطرق فيها سماحته إلى استشعار نعمة الإسلام، وأنها أعظم نعمة أوتيها العباد، وبيّن أن ربنا عزّ وجلّ قد منّ علينا ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم: {)لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (آل عمران:164)
[آل عمران: 164]، ثم شرح بعض آية سورة الأنعام: {)قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) (الأنعام:151)
} [الأنعام: 151] ، مبيناً فضل التوحيد ومحذراً من الشرك بالله.
وأكد - حفظه الله - في محاضرته على تحريم الإفساد في الأرض بأنواعه، وشدّد على وجوب اجتماع الكلمة والاعتصام بحبل الله، وتقوى الله حق تقاته، وأوصى الحاضرين بالمحافظة على أوامر الله خصوصاً الصلوات الخمس، وحذَرهم من منكرات الأخلاق والأعمال.
وأشاد سماحته بمهرجان الجوف وما اشتمل عليه من برامج تعود على الشباب بما ينفعهم ويحفظ أوقاتهم من محاضرات وندوات ومواعظ وبرامج نافعة.
وأثنى سماحته على صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف، على جهوده في المنطقة، كما أثنى على وكيله ودعا سماحته في آخر محاضرته الله عزّ وجلّ أن يحفظ لهذه البلاد أمنها وإيمانها وأن يصلح ولاتها ويوفقهم لكل خير.
ثم عرضت على سماحته مجموعة من أسئلة الحضور التي أجاب عنها سماحته، فكان مما جاء في إجابته على الأسئلة: التحذير من الإشاعة وبيان خطرها على المجتمع، وبيّن سماحته تحريم التعرض للعلماء والطعن فيهم، وأن لحومهم مسمومة والواجب احترامهم وتقديرهم والنصح لهم، ثم أكد على الاستقامة على الهدى والصراط المستقيم والابتعاد عن طريق الغلو والجفاء، كما حث على وحدة الصف، وألا يكون الاختلاف سبباً للافتراق مبيناً أن الصحابة - رضي الله عنهم - اختلفوا ولم يتفرقوا، ولم يعاد بعضهم بعضاً، وهكذا من تبعهم بإحسان، وأوضح سماحته أن الاختلاف المذموم والمرفوض هو ما ينتج عنه التحزب والتفرق وجعل الناس شيعاً يذيق بعضهم بأس بعض، مستدلاً بقوله تعالى:{ )إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ (الأنعام:159)
[الأنعام: 159]، وقوله تعالى:{ )وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) (البينة:4) )وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة:5)
وشدّد على أن المرجع للجميع يجب أن يكون كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم..
وفي جواب له عن المخرج من الفتن أوضح سماحته أن المخرج منها هو كتاب الله عزّ وجلّ، والالتزام بما جاء فيه. ثم أكد على وجوب أخذ الفتوى من أهلها لقوله تعالى:{... فّاسًأّّلٍوا أّّهًلّ الذٌَكًرٌ إن كٍنتٍمً لا تّعًلّمٍونّ } [النحل: 43]
وقوله:{ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الاسراء:36)
يقول بعض السلف: «إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم».
وبيّن سماحته أن تركيز الأعداء على الشباب لخلو ذهنهم، فالواجب أن يهيأ للشباب مجتمع صالح ومعلمون صالحون لتحصينهم من المكائد.
وعن الأسباب المعينة على خشية الله قال سماحته: العلم النافع المصحوب بالعمل الصالح وهو طاعة الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والإخلاص لله في ذلك.
وبيّن سماحته أن من أراد حفظ القرآن فليقبل عليه بقلبه وليتعاهد ما حفظ، مبيناً أن ذلك يسهل عليه الحفظ، والله تعالى يقول:{وّلّقّدً يّسَّرًنّا القٍرًآنّ لٌلذٌَكًرٌ فّهّلً مٌن مٍَدَّكٌرُ (17)} [القمر]
وفي معرض جواب له أكد سماحة الشيخ على الموظفين بمراعاة أمانة عملهم وقتاً وأداء، منبهاً إلى قوله تعالى: {إنَّ پلَّهّ يّأًمٍرٍكٍمً أّن تٍؤّدٍَوا الأّمّانّاتٌ إلّى" أّهًلٌهّا...} [النساء: 58]
وحذرهم من التمييز بين المراجعين مستدلاً بقول الله عزّ وجلّ{)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (النساء:135)
وفي معرض جوابه - حفظه الله - عن سؤال حول ما يصيب الأمة من فتن وتكالب الأعداء وأنه لا مخرج من ذلك إلا بالجهاد، قال سماحته: علاج الفتن بالرجوع إلى أهل العلم الراسخين والأخذ عنهم والالتفاف حولهم، أما الجهاد الذي هو قتال الأعداء فإن له شروطاً ولا بد من تهيؤ أسبابه، وقد لا يتأتى في كل وقت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم مكث مدة في أول أمره لم يؤمر بالجهاد، إنما يدعو إلى الله ويبيَّن الدين الحق، وأما الجهاد والواجب كل وقت فهو مجاهدة النفس على طاعة الله وترك معاصيه ومجاهدة الأبناء بحملهم على طاعة الله.
وبيّن سماحته أن العلم النافع هو الذي أخلص فيه صاحبه لله عزّ وجلّ وسلك فيه مسلك الكتاب والسنّة، فإن الله لا يقبل عملاً حتى يكون خالصاً موافقاً للسنّة.
ثم بيّن سماحته أن الغلو في الدين هو الزيادة فيه وفهمه على غير مراده معدداً بعض صور الغلو.
ووجّه سماحته بالعمل على منع التبذير والإسراف في الأعراس والاحتفالات.
وأوضح سماحته في جواب له أن من تاب تاب الله عليه، وأن التوبة تجب ما قبلها، ومن تاب فإنه يصلى عليه إذا مات.
كما أجاب سماحته عن بعض الأسئلة في المعاملات العصرية.
هذا وقد حضر اللقاء صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف، وسعادة وكيله، وجمع من المشايخ والأعيان، وعدد كبير من الشباب والأهالي.
وقد عبر أهالي الجوف عن سرورهم واغتباطهم البالغ بحضور سماحته والتقائهم معه، وطلبوا منه تكرار الزيارة والتواصل مع الأهالي، وقد بادلهم سماحته مشاعر المحبة في الله، والفرح بوجوده بينهم، ووعد بتكرار الزيارة متى ما سنحت الفرصة مكرراً شكره للأهالي ولسمو أمير المنطقة ووكيله.
|