* القاهرة - مكتب الجزيرة - طه محمد:
طالبت ندوة «الخطاب الديني في وسائل الإعلام» بتطوير وتحديث الخطاب الديني في أجهزة الإعلام العربية، وتصدي أجهزة الإعلام للحملة الغربية الشرسة التي تستهدف النيل من العرب والمسلمين.
ودعت الندوة التي عقدت على هامش مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون إلى إنشاء مركز إسلامي إعلامي عالمي تتعدد فروعه في الدول العربية للدفاع عن الإسلام وقضاياه وتقديمه في أفضل صورة.
كما طالب المشاركون في الندوة بزيادة مساحة البرامج الدينية في الإعلام العربي وأن يتم تقديمها في أوقات مناسبة للمشاهد وأن يكون الخطاب الديني في أجهزة الإعلام حريصاً على إبراز ثوابت الدين وأن يكون صاحب الخطاب على علم ودراية بما يقدمه متسلحاً بالفقه الإسلامي ومجريات العلوم الأخرى.
وأكد المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة أن للخطاب الديني عدة سمات منها التنوع وأنه وسطي ومعتدل وأنه إذا كان هناك حلم بخطاب ديني واحد فإن ذلك يعد فكراً شمولياً لأنه من الصعب صب العقل في قالب واحد.
وقال عمارة إن لدينا خطابا يعبر عن الوسطية الإسلامية وخطاباً آخر يخاطب العقل وسيظل موجوداً وخطاباً يعتمد على أسلوب الرفض والاحتجاج مشيراً إلى أن المناخ الصحي للخطاب الديني هو الذي يوظف الإمكانيات في خدمة المجتمع وتبلور مدرسة التجديد.
وأضاف أن الصيغة الإسلامية هي النموذج الصحيح للخطاب الديني لأنها البذرة التي تنمو في الأرض ويكون لها جذوز ثابتة وقوية مشيراً إلى أن مشروع الخطاب الديني عندما يبتعد عن الثوابت والقواعد غير المرتبطة بالهوية الإسلامية فإن مصيره الفشل، وأشار إلى أن الوسطية معناها رفض التفريط والافراط ورفض كل أشكال الغلو الفكري.
ودعا إلى ضرورة وجود خطاب عام وخاص في الوقت نفسه نتيجة لتنوع جمهور المتلقين للخطاب الإسلامي مع مراعاة خصائصه في أن يقوم على الشفقة والرحمة واللين ووزن الأمور بالميزان الصحيح وأخذ الناس بالتدرج باعتبار ذلك سنة شرعية.
وشدد على أهمية أن يكون صاحب الخطاب الإسلامي عالماً بالحكم الشرعي وأن يكون توجه الخطاب الإسلامي إلى غير المسلمين بطريقة تتوفر فيها الحكمة والموعظة الحسنة وحسن اختيار الموضوع وبالأسلوب المؤثر والمنهج الوسطي.
ودعا الإعلام الحكومي إلى استحداث ساعات بث باللغات الأجنبية لكي يستطيع من خلالها مخاطبة الآخر وتوضيح الإسلام على حقيقته ومراعاة زمان ومكان وظروف المخاطبين بعد أن تحول العالم إلى قرية واحدة وهو ما يتطلب تحديث وتطوير الخطاب وتجديده بما يعكس عالمية الدعوة الإسلامية وأنها خارجة عن حدود الإقليمية والعرقية.
وتوقف الإعلامي أمين بسيوني عند المطلوب من الخطاب الديني وهل الهدف منه مخاطبة الجمهور أم أنه خطاب يكتفي أنه يصدر فقط من منابر المساجد وقال إن الخطاب الديني يصدر من الكلمات المطبوعة والمسموعة والمرئية مؤكداً أن الصراع الحالي ليس بين الأديان ولكنه صراع العلم والمطلوب هو أن تكون الأمة الإسلامية في مقدمة الأمم التي تربط بين العلم والدين.
ووصف اتهامات الغرب للمسلمين بأنهما إرهابين بأنها لا أساس لها من الصحة وأكد أنها اتهامات مختلفة داعياً أجهزة الإعلام الغربية إلى إبراز الحقيقة وتجنب التشويه والاتهامات الباطلة التي تروجها عن العرب والمسلمين.
ودعا بسيوني إلى نشر أجهزة الإعلام للقيم الروحية ومواجهة التوغل الأجنبي الفضائي وذلك بطرح القيم والتقاليد عبر برامجها للمحافظة على الإنسان وجعله يتمسك بدينه وعقيدته وأن يعمق هذا الخطاب الديني داخل الإنسان وأن يكون هناك تناغم وتكامل بين الرسالة الإعلامية والخطاب الديني الذي يوجهه علماء الدين على المنابر.
وشدد على ضرورة عدم جلد الذات وأن يتمسك الإعلام العربي بالمسارات الصحيحة بالدين الإسلامي بعيداً عن التطرف الفكري والتحقير من الآخرين.
أما الدكتور بو بكر بلحاج الأستاذ بكلية الآداب بجامعة تونس فتناول دور الإعلام في ابراز الخطاب الديني الذي يتصدر أطر قضايا الساعة بعد أن أضحى الدين محل رهان سياسي ومزايدة عليه.
ودعا إلى الاتفاق على تصور مشترك لهذا الخطاب الديني المواكب لقضايا العصر ومستجداته والتوفيق بين ثوابت الدين ولغة العصر وإدراك مصلحة الخلق وتحسين أحوالهم ومعاشهم بما يمكن الخطاب المعاصر من طرح كافة القضايا بكل شجاعة وقوة، وأن يثبت المسلمون في خطابهم الديني والإعلامي أنهم ليسوا أعداء التحديث ولا ضحاياه، وإنما هم أنصاره وإن شاءوا رواده وصانعوه.ودعت الدكتورة عبلة الكحلاوي الأستاذة بجامعة الأزهر إلى توحيد الجهود لتقديم الخطاب الديني الإعلامي في أفضل حال والخروج به إلى العالمية وملاحظة الفروق الجوهرية بين ما هو مشترك إنساني وما هو خصوصية حضارية.وقالت إن الخطاب الديني الإعلامي هو خطاب مؤسس على مبادئ وقيم ثابتة من الحق والصدق ولا بد أن يراعي الخلافية الثقافية والاجتماعية للمتلقين مشيرة إلى أنه في الوقت الذي اقتصرت فيه بعض القنوات على الدفاع عن الإسلام والرد على المستشرقين والتحفظ في اظهار الهوية الايمانية إلا أن الأحداث الأخيرة أيقظت الجهاز المناعي في الأمة وظهر خطاب إعلامي يكاد يكون واضحاً رغم استبقاء البعض على المنهج الآخر التقليدي واستخدام مفردات تراثية.وتناولت شروط القائم بالخطاب الديني في أن يكون على علم ودراية بأحوال عصره وقضايا أمته والاهتمام بالعلوم السياسية والإنسانية والإعلامية فضلاً عن درايته بالفقه وأصول استنباط الأحكام والموازنة بين الثابت والمتغير والخروج بهذا الخطاب إلى العالمية.من جانبه تناول نسيم أبو خضير رئيس القسم الديني بالإذاعة والتلفزيون في الأردن الخطاب الإسلامي مؤكداً أنه يعني مخاطبة الناس ودعوتهم وتقديم الإسلام بصورة صحيحة.
ويقول إن الخطاب الإسلامي يختلف عن غيره فهو يحترم الديانات السماوية ويقوم على الحكمة ومخاطبة الناس بما يفهمونه وما تقبله عقولهم وليس بما يعجزون عن فهمه وإدراكه.
|