* قراءة سالم الغامدي:
شهد الاسبوع المسرحي السعودي الخامس بأبها عدداً من العروض المسرحية التي اختلفت مدارسها المسرحية ما بين نخبوية وواقعية وآخرى تحكي لنا التجربة الإنسانية بأبعادها الاجتماعية والثقافية.
فكانت العروض المسرحية في الاسبوع المسرحي السعودي الخامس بأبها خليطاً ثقافياً يصور الأفكار والرؤى الإنسانية ويحكي قصة ثقافة إنسان هذا البلد الكريم.
ويقدم للجمهور الحاضر لفعالياته صنوفاً من الابداع الثقافي والفكري.
فمن حكاية «الهطق» ذلك الإنسان الضعيف الذي كان لقدر الله عز وجل أن يجعله لا يملك من عقله إلا النزر اليسير جعل منه محور حكاية المسرحية التي قدمتها جمعية الثقافة والفنون بالدمام لتلقي بضوء على ماض كان يعيشه أبناء منطقتنا الشرقية في وقت من تاريخ أمتنا فنقلت لنا المسرحية أحاسيس الناس في ذلك الزمان وكيف كان عليه حالهم من الوحدة الاجتماعية واللحمة الإنسانية وكيف جاءت لنا القصة المسرحية بصورة التكاتف وزرعت في أنفسنا حب الآخر من ابناء جلدتنا الذين قد يكونون عقلاء في ثياب المجانين.
حكاية إنسانية صورها لنا مسرح المنطقة الشرقية ليتحفنا بروعة ذلك الزمان ويذكرنا بأصالتنا الإنسانية ويجدد فينا حبنا لقيمنا وعاداتنا الجميلة التي توارثناها أباً عن جد.
بعد ذلك جاء الدور على ورشة العمل المسرحي بجمعية الثقافة والفنون التي عودتنا دائماً في مشاركاتها المسرحية بمخاطبة الوجدان لدينا بلغة مسرحية عالية تناقش من خلالها الفكر وتدعونا إلى التفكير العميق فيما نراه أمامنا من إبداعهم المسرحي الدائم، فقصوا علينا قصة البحث عن ساحة البوح في داخل انفسنا التي غادرناها لنعود إليها من جديد لعلنا نجد مساحة من البوح في داخلها لا تزال تنتظرنا لنتحدث عن همومنا ومعاناتنا وأحلامنا وأمالنا في الحياة.
بهذا الخليط حوار الروح، للروح انطلقت مسرحية «عصف» واستمرت تخاطبنا بعمل مسرحي كان مزاجه خليطاً من الضوء والمؤثرات الصوتية بلغة جسدت ممثلاً بارعاً يوصل الفكرة دونما ثرثرة من الكلام السردي على مسامعنا.
بعدها جاء دور الفتاة السعودية «ميسون النعمي» لتحكي بالنص المسرحي الذي كتبته بعنوان «الوهم» والذي قدمه نادي المسرح بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة تحكي لنا قصة وهم شخصيتين مسرحيتين تبحثان عن المخرج من القبو الذي وجدا فيه صدفة، وكان المخرج منهما قريباً ولكن الأوهام التي تدور في رأسيهما تصور لهما بعد ذلك المخرج ان لم يكن استحالة وجوده النص والاخراج كانا بخطين متوازيين يسيران جنباً إلى جنب ويضيف أحدهما إلى الآخر إبداعاً مسرحياً قلما وجدناه في حكاياتنا المسرحية.
ولعل وجود صوت المرأة السعودية للنص يضيف بعداً جديداً في لغة تحاورنا ويكشف لنا سراً من اسرار حياتنا.
ثم جاء الدور على شباب مكة المكرمة ليقدموا لنا قصة مسرحية «الذات» تلك الذات التي اعيت الفلاسفة عبر العصور عن معرفة كنهها وماهيته وهل هي أصيلة في انفسنا أم هي مزاج من الأفكار يدور فقط داخل رؤوسنا المسرحية كانت فعلاً شبابياً خالصاً من كاتب النص إلى الممثلين وانتهاءً بمخرج العرض كلهم شباب واعد في عالم مسرحنا المحلي استطاعوا بدعم بسيط أن يحكوا لنا قصة مسرحية مزجوها بأفكارهم ورؤاهم وقدموها بإبداعهم المسرحي الظاهر للعيان.
وكان الدور الأخير لشباب جامعة الملك سعود بالرياض الذين لم يكملوا لنا حكاية مسرحيتهم النخلة فانسحبوا بسلام من فعاليات الاسبوع المسرحي
ليتركونا واقفين حيارى كالنخلة في صحراء جرداء تنتظر الركب المسافر ليستظل بظلها ولكن «النخلة» المسرحية لم تأت وجاء الجمهور من الناس يبحثون عنها على مسرح أبها الذي لم يتشرف باحتضانها في عمل مسرحي لم يكتب له النور فبقي الناس وبقينا ننظر للأفق المسرحي لعله يجود علينا بمسرح جامعي راق كما الحال دائماً في مسرح جامعة الملك سعود بالرياض.
كانت تلك عروض الاسبوع المسرحي السعودي الخامس بأبها انقضت أيامه وبقي السؤال في انفسنا هل سيكون لنا معه لقاء في السنة القادمة؟
الجواب لدى المنظمين واللجان العاملة في اللجنة العليا للتنشيط السياحي بعسير فهي من يعرف الجواب وسنبقى ننتظر الأمل المسرحي ليُظهر لنا أسبوعاً مسرحياً سعودياً سادساً في مدينة الضباب وملتقى السحاب ولكن بثوب قشيب وبتنظيم أجمل يكون فيه روعة المكان بجمال العرض المسرحي.
|