* جدة خالد الفاضلي:
تكشف مسرحية «آلو .. بابا فين» المعروضة حاليا في جدة عن رداءة حظوظ زوار «جدة غير» وأيضا نكبات دهر أصابت نجوم مسرحيتي «العيال كبرت» و«مدرسة المشاغبين» سعيد صالح ويونس شلبي عندما تفتق خيال المنتج عن تحويل أغنية أطفال شهيرة إلى «كبارية للصغار» يتراقص فيها 4 صبية «طفل و3 بنات يرتدون ملابس المغنية والراقصة شكيرا.
توحي تفاصيل مكان العرض انه مخصص سابقاً ولاحقاً لكل «حراج» عدا مسرحية من بطولة سعيد صالح ويوسف شلبي، فالجدران حوائط متحركة مغلفة بشرائح ملونة من قماش «أبو ريالين» لا تمنع اختراق ضجيج وأصوات المتواجدين خارج المسرح، بينما التجهيزات الصوتية أقل من تجهيزات مسرح ثانوية أهلية، في حين تؤكد الكراسي البلاستيكية انها كانت جزءاً من محتويات مقهى شعبي، أما خشبة المسرح فلم تكن موجودة أبدا رغم ان المسرحية تمت على صندوق مستطيل من الخشب تختفي عيوبه تحت «موكيت» رخيص وقطع ديكور غير متوافقة، وتشير جميع التفاصيل إلى أن الجمهور والممثلين يجتمعون على ظهر سفينة بخارية.
ترهلت مسرحية «آلو .. بابا فين» على أرض معارض جدة، وتساقطت معها قناعة المتحمسين للمهرجانات الداخلية في قدرة المنتجين السعوديين على التفريق بين بيع تذاكر مسرح وتذاكر «سيرك حيوانات»، وتحديداً بعد ان حاول منتج ومخرج المسرحية «الكبارية» حشو عيون الجمهور بجسد سعيد صالح، يونس شلبي، صبري عبدالمنعم وخالد الحريبي، ثم فرقة أغنية «آالو .. بابا فين» بقيادة الكهل النحيف عبدالناصر مع صغاره الأربعة، وربطهم جميعا بأحداث مسرحية من نوع «خلص يا ولاه» تعالوا ادفعوا فلوس، شوفونا، وروحوا لبيوتكم، بعد مشاهدة مسرحية تخلو من أساسيات كثيرة حتى الستارة التقليدية.
خرج كثير من الآباء والأمهات بأطفالهم قبل حينونة منتصف المسرحية يقلبون أياديهم حسرة على ضياع مئات الريالات مقابل تذاكر «فئات 40 ريالاً، 75 ريالاً، 100 ريال لدخول «هنقر» من حديد وكراسي بلاستك متلاصقة تحت عاصفة صوتية تشارك في تكوينها صراخ مئات الأطفال، وضجيج مدينة ملاهٍ مجاورة، بينما 40% من أصوات المسرحية «لم يسمع أحد» عدا موسيقى أغاني فرقة «آالو .. بابا فين» المبثوثة من جهاز تسجيل يوزع موسيقاه على الجمهور من خلال مكبرات صوت سيئة جدا «قدرة ومكاناً» توجد مثيلاتها في مراقص «هشك بشك» ، في حين كانت علاقة أبطال المسرحية الصغار مرتكزة على «خذ فلوس .. وهات رقص».
يستحق سعيد صالح، يونس شلبي، وصبري عبدالمنعم بطاقات عزاء على ما أصابهم في جدة وعلى تحويلهم إلى كروت مؤقتة تستعمل لمرة واحدة فقط، بينما «خالد الحريبي» يستحق بطاقة تهنئة لأنه وقف تحت ظل «سعيد صالح» وهو يناديه 6 مرات «يا حمار» خلال حوار قصير في قيمته، طويل في ثرثرته في حين اشتملت «المسرحية» على لقطات ساخرة ليس لها علاقة بالنص مثل دخول أحد الإداريين في منتصف المشاهد ليعطي يونس شلبي 50 ريالاً كان يفترض به حملها ومنحها لأحد الأطفال، أيضا غياب «بنت» من الفرقة عن تأدية دورها في الفصل الثاني، ثم ظهورها في الفصل الثالث.
يتوجب على كل منتج عدم المساس بالمهرجانات كمشروع قومي تتطلع أجهزة الدولة نحو تحويلها لعيادات عملاقة تعالج معضلات اقتصادية واجتماعية تشمل البطالة، استرداد مليارات الريالات المهاجرة سنوياً، وتحرص على ذلك، بينما يزرع متعهدو الحفلات الغنائية والمسرحيات في جسد السياحة السعودية بكتيريا استغفال المحتمسين للسياحة المحلية وأولياء الأمور، وامتصاص دراهمهم حتى العظم مقابل «كباريهات» متنقلة، و«سندويشات» ضحك، كما حدث في عروض مسرحية «آلو .. بابا فين» حينما اتضح ان إدارة المهرجان بعيدة كل البعد عن تحقيق «جدة .. غير» وربما كانت تتعاطى أقدام الصيف في دبي أو بيروت أو لندن.
ترحل بعد عدة أيام مسرحية «بابا فين» بحقائق عدة منها إهانة المنتج السعودي للجمهور وزوار «جدة غير» عندما أخذ دراهمهم ووقتهم، وأحضر لهم سعيد صالح ويونس شلبي من قلعتي «العيال كبرت» و«مدرسة المشاغبين» ثم وضعهما في حلة «أروجوزات» القرن الماضي ملفوفين بنص «حقير»، ورماهم كما يرمي المارة بقايا الفطائر لقطط الشارع المهجر.
ضاع نص المسرحية والإخراج والتمثيل في محاولة المنتج تحويل أغنية «بابا .. فين» إلى مسرحية تتوافق مع ذائقة الصغار والكبار معا، لأنه محق في قراءة احتمال مزاحمة أولياء الأمور أطفالهم على التهام سعيد صالح ويونس شلبي، فالكبار من النساء والرجال شكلوا أكثر من 40% من الحضور، وسدت أكتافهم العريضة الطريق على عيون صغار اضطروا لمتابعة المسرحية «على الواقف»، في حين هرول فريق الإنتاج يحمل كراسي إضافية ويحشرها في الممرات والطرقات لاستيعاب مزيد من الشارين للتذاكر في إشارة إلى أن المسرحية باعت في عرضها الثاني 400 تذكرة «كامل سعة المكان»، فيما تأخر العرض فترة «ليست بالطويلة» استجداء لمزيد من الراغبين في رؤية 3 بنات صغيرات «متحزمات» بملابس شكيرا، يتشاركن مع طفل رابع بتقديم نص غنائي راقص برعاية وإشراف سعيد صالح ويونس شلبي وصبري عبدالمنعم الراغبين عن طيب خاطر في العودة للعب أدوار ثانوية و«البطولات الصورية» في مسرحيات من فئة حفلات تخريج المدارس الأهلية مقابل شيكات من فئة «دسم جداً» طالما المسرح المصري حول عادل إمام الى مليونير ونسيهم.
|