هل للمحبة والتسامح جاذبية، كما أن للأجرام السماوية جاذبية أودعها الله جلت قدرته لحفظ توازنها في مداراتها؟
أتكون محبتنا للآخرين عموم الآخرين بوعي وإخلاص واستشعار خالٍ من الأهواء والمطامع؛ متانة نفسية وفضيلة أخلاقية؟
أم تكون سذاجة؟!
إن سر المحبة أكبر من أثر السحر، ولغة الإخلاص والتسامح أجزل وأفعل من بلاغة المنطق. إذا أردت أن ترى ذلك وتلمسه فانظر إلى جميع الناس بمنظار التسامح والمحبة وسلامة النية. اهتد بكلام المصطفى صلى الله عليه وسلم: «أحب لأخيك كما تحب لنفسك».
ضع كل من تلاقيه في قلبك واستشعره كصديق أنيس يودك.
اطرد من قلبك كل شائبة جفوة أو كره أو حقد أو غل للآخرين، داوم على هذه السجايا حتى تتحول إلى إلف وطبع وإيمان وتطبيق، ولا تحاسب الناس على تصرفاتهم؛ فإنه من كان منهم ذا مودة فستزهر مودته وتتأصل في حدائق ودك الخالص.
أما من يكون سلبياً تجاهك أو مبغضاً لك فسيلين موقفه ويتبدل، مصداقاً لقول الله تعالى: {فّإذّا الذين بّيًنّكّ وّبّيًنّهٍ عّدّاوّةِ كّأّنَّهٍ وّلٌيَِ حّمٌيمِ }.
أما إذا ما تصلب أحد في جفوته لك رغم لين الجانب منك وذلك نادر فما عليك فأنت لا تراه إلا بعين المودة ويكفيك ذلك راحةً وأمناً.
طبق المودة والتسامح في أعماق نفسك ومشاعرك في كلماتك وعباراتك ونغمات حديثك. دع حديثك يفيض من قلب محبٍّ مطمئن صافٍ فالكلام الجميل ظاهرياً لا يفي ولا يسلس إلا إذا صفا منبعه كالماء حالاً بحال.
إن عنوان المحبة وسمة التسامح وملاحة الحديث الابتسامة المطبوعة النقية، وانشراح أسارير الوجه الموحية بالرضا والمشتقة من المسرة.
إياك إياك أن تحيل قلبك مقراً وقبراً للشرور والأحقاد والضغائن والشكوك والسلبيات. وكلها أمراض ما أجدرنا أن نحرص على وقاية أفئدتنا منها. قلبك الرقيق لحم ودم له وظيفة طبيعية خصه بها الخالق البارئ المصور فلا تحمِّله ما يشغله ويعوق أداء واجبه. طهره كل ساعة وحين من شوائب الشر والشك والشبهات والتشاؤم، وستحمد العاقبة بإذن الله.
وظني أن هذا السلوك الخلقي النقي أنجع دواء وأنفع وصفة لمرضى القلوب بل ولمرضى النفوس والأجسام.
اجعل ضمن دعائك الحار المستديم (رب نزه قلبي من كل سوء وكبر وشر وغل وحسد وارزقني طهارة النية وصفاء السريرة) إنك إن صفوت للناس صفت لك نفسك.
ومضة
قالت العرب قديماً: «المرء بأصغريه: قلبه ولسانه. وعسى ألا نقول اليوم: المرء بمنفعتيه: ماله، ومنصبه.!!».
(*) إدارة تعليم البنين بمحافظة شقراء
ص.ب 73 الرمز 11961
|