* لندن - واس:
بدأت أمس في لندن ندوة فرص الاستثمار في مجالات استكشاف وإنتاج الغاز في المملكة العربية السعودية التي تنظمها وزارة البترول والثروة المعدنية على مدى يومين. وقد افتتح الندوة معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي بحضور صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل سفير خادم الحرمين الشريفين في بريطانيا وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن تركي بن عبدالعزيز المستشار في وزارة البترول وأكثر من مائة وعشرين خبيرا بتروليا يمثلون حوالي أربعين شركة بترولية عالمية، وتستمر الندوة يومين لاستعراض الخطوط العريضة لخطط المملكة لتقديم مساحات واسعة للاستكشاف والتنمية في مجال الغاز للشركات العالمية.
وافتتح معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي الندوة بكلمة رحب فيها بسمو الأمير تركي الفيصل والحضور.
وقال معاليه: يسعدني كثيرا ان أشهد هذا الجمع الكريم من قياديي الصناعة والمختصين البارزين في مجال البترول من جميع أنحاء العالم، كما أشعر بامتنان خاص ينبع من اعتقادي بأن هذه الندوة تمثل معلما مهما في تاريخ صناعة البترول في المملكة العربية السعودية.. فما نحن هنا اليوم من اجله هو امتداد لجهود المملكة في دعوتها للاستثمار الأجنبي المباشر كما انه تعبير صريح من جانبها عن التزامها ببناء شراكة طويلة ومستمرة ينعم بثمراتها الجميع.
واستعرض معاليه في كلمته الاداء الاقتصادي في المملكة في الآونة الاخيرة وما تتمتع به من بنية أساسية وراسخة والدور الحيوي والمهم الذي يلعبه القطاع الخاص بما في ذلك رأس المال الأجنبي في تنمية المملكة اضافة إلى برنامج الحكومة الاقتصادي الطموح وما يتضمنه من اصلاحات ترمي إلى تعضيد هذه الانجازات واتخاذها ركيزة للبناء من اجل المستقبل.
وأكد على أهمية قطاع التنقيب والإنتاج للغاز في المملكة وانفتاحه على الاستثمارالأجنبي والانظمة المالية والضريبية والقانونية المشجعة والمتطورة التي تحكم هذا القطاع، واعتبر معاليه ان أكبر دليل على الاداء التاريخي للاقتصاد السعودي هو الزيادة الهائلة التي شهدها إجمالي الناتج المحلي في المملكة، فقد ارتفع هذا الناتج من نحو 20 بليون دولار في عام 1970 م إلى أكثر من 190 بليون اليوم وهو ارتفاع ملحوظ يزيد تسعة أضعاف.
كما ان الاقتصاد السعودي هو الاكبر في الشرق الاوسط ولديه امكانية كبيرة لتحقيق المزيد من النماء في المستقبل.
وقال: فمن حيث الاصول المادية أود ان أشير إلى البنية الاساسية الضخمة والمتطورة التي أنشئت على مدى العقود الاخيرة حيث تنعم المملكة اليوم بشبكة من الطرق تمتد عبر أنحائها المترامية ومجموعة من المطارات والموانئ العصرية وقدرة كبيرة في مجال توليد الطاقة الكهربائية وما يرتبط بها من أنظمة النقل والتوزيع ومرافق تحلية المياه وتوزيعها وشبكات متقدمة للاتصالات.
كما يحظى قطاع التعليم بنصيب وافر من الاستثمارات مما زاد من عدد الايدي العاملة عالية التأهيل والمهارة، وأضاف معاليه يقول: تعداد السكان في المملكة يتزايد بصورة مطردة وخاصة الشباب وصغار السن الذين يستهلكون كميات كبيرة من السلع الاساسية بما فيها الطاقة.. وهم وإن كانوا بحاجة إلى وظائف إلا انهم يمثلون أيضا مصدر دعم للاقتصاد من خلال إنفاقهم.. يضاف إلى ذلك ان المملكة تتمتع بقطاع خدمات متطور قادر على دعم المشاريع الكبرى على اختلاف أنواعها ولقد مكنتنا هذه القدرة من انجاز المشاريع وخاصة ما يتصل بالبترول والغاز بسرعة وتكلفة تنافسية. ورأى معاليه اجتماع هذه العوامل ممثلة في البنية الاساسية المتطورة والاستثمارات الاقتصادية المستمرة والنمو السكاني وانتعاش قطاع الخدمات أدى إلى تهيئة الاقتصاد لمزيد من التطور والنماء بمعدلات أسرع خلال السنوات القادمة.
وقال: ويدين الاداء الاقتصادي حتى اليوم بالكثير لما وضعته المملكة من سياسات لتشجيع المشاريع الخاصة.. فالتراث التجاري والتسويقي للمملكة يعود إلى عدة قرون وتجسده القوانين الاستثمارية.. ولدى المملكة عملتها المستقرة القابلة للتحويل الكامل دون قيود على التحويلات الأجنبية أو على حركة رؤوس الاموال والارباح من المملكة واليها علاوة على انها تتمتع بواحد من اقل معدلات التضخم في العالم وتولي الدولة اهتماما خاصا بدعم الاستثمارات الأجنبية. وأوضح ان هذا الدعم ينعكس من خلال هذا العدد من المشاريع المشتركة في جميع المجالات الاقتصادية التي تجاوزت الالفي مشروع باستثمارات تبلغ نحو 50 بليون دولار، وتشمل المشاريع المشتركة في المملكة مشاريع صغيرة ومتوسطة وكبيرة في مجالات متعددة وقطاعات اقتصادية شتى من بينها قطاع البترول والبتروكيماويات والبنوك، ويعمل الكثير من هذه المشاريع ويزدهر منذ عقود عدة.
وأضاف يقول: ولا يفوتني ان أنوِّه إلى تلك الاتفاقية التاريخية التي وقعتها المملكة قبل ما يفوق سبعين عاما مع شركة «ستاندرد اوف كاليفورنيا» آنذاك.. وقد ظلت أرامكو تدار بنجاح من قبل ائتلاف شركات تضم شركة سوكال وشركاءه الأكثر من خمسين عاما حيث ساعدت هذه الشراكة في تأسيس انجح صناعة بترولية في العالم.. وقد كانت هذه الشراكة في الواقع نموذجا للعلاقة التجارية التي عادت فوائدها على حكومة المملكة وشركات البترول العالمية بصورة متبادلة أي ان الصناعة البترولية في المملكة في حد ذاتها هي نتاج شراكة وهذه حقيقة لا ينبغي ان تغيب عن بالنا.
وقال: وإجمالا فإن وجود هذا العدد الكبير من المشاريع المشتركة الناجحة يقف شاهدا على ما يتسم به المناخ الاستثماري في المملكة من استقرار وجاذبية، وبرغم الاداء الرائع لهذه المشاريع المشتركة فلم تقنع المملكة يوما بما تحقق بل اخذت على عاتقها توفير بيئة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية.
وأضاف معاليه يقول: وعليه فقد اطلقت المملكة في السنوات الاخيرة برنامجها الاقتصادي الطموح الذي يرمي بصفة أساسية إلى تفعيل الامكانات الاقتصادية الهائلة للمملكة وايجاد فرص استثمارية جديدة تعود بالفائدة على المستثمرين والمملكة في آن واحد من خلال إصلاحات اقتصادية متعددة.
كما يرمي هذا البرنامج إلى تنويع وتوسيع الاقتصاد السعودي واستحداث الوظائف للاعداد المتزايدة من السكان.
وأوضح ان هذه الاجراءات الاقتصادية تهدف إلى جعل الاستثمارات الأجنبية المباشرة بما في ذلك الاستثمار في مجال التنقيب عن الغاز وإنتاجه أكثر جاذبية من ذي قبل.. ونظرا لأهمية هذه الاجراءات فإنني أود أن أقف عندها قليلاً لإلقاء المزيد من الضوء عليها.
وقال معاليه انه في مجال الاصلاحات الهيكلية تم اجراء تغييرات مؤسسية كبرى شملت انشاء المجلس الاقتصادي الاعلى والمجلس الاعلى لشئون البترول والمعادن وقد ساعدت هذه المؤسسات في تسريع خطى الاصلاح الهيكلي كما اتخذ عدد من الاجراءات المهمة على صعيد النظم والسياسات مثل تبني نظام جديد للاستثمار الأجنبي يساوي في شروطه بين المستثمر السعودي ونظيره الأجنبي ووضع نظام جديد لسوق المال وبرنامج للخصخصة تم في إطاره انشاء هيئات تنظيمية للاشراف على قطاعات رئيسية مثل الاتصالات والكهرباء. وأشار إلى انه تشجيعا منها لعلاقات الشراكة بين الشركات السعودية والأجنبية سمحت الحكومة للمستثمرين الاجانب بالتملك التام للمشاريع في معظم قطاعات الاقتصاد كما سمحت لأول مرة لغير المواطنين بتملك العقارات وقامت بخفض الجمارك على الواردات بدرجة كبيرة موضحا ان النظام الضريبي الجديد الذي يوشك اعداده على الاكتمال سيجد من الضرائب كثيرا في حال اقراره.
وتناول معاليه فتح قطاع الغاز امام الاستثمار الأجنبي مؤكدا ان فتح هذا القطاع قرار استراتيجي اتخذته الحكومة دعما منها لتحرير الاقتصاد والمساعدة في جذب الاستثمارات الأجنبية. وأوضح ان وضع أهداف محددة للنمو السنوي هو ما يستأثر بوجه خاص باهتمام المستثمرين المستقبليين للغاز مشيرا إلى انه من المستهدف ان ينمو القطاع الصناعي بما يزيد على 5 بالمائة في السنة وان يزيد الطلب على الكهرباء بمعدل 5 ،4 بالمائة والماء 5 ،5 بالمائة فيما يبلغ معدل النمو السنوي في الصناعة البتروكيمياوية وصناعات النقل والتوزيع والتسويق ما يزيد عن 8 بالمائة كما يتوقع ان يزيد معدل النمو لقطاع الطاقة والتعدين على 9 بالمائة.
وأضاف معالي وزير البترول يقول: ان هذه الاهداف التنموية التي يتوقع لها الاستمرارتقف مؤشرا على الزيادة الكبيرة في الطلب على الغاز حيث تشير آخر التوقعات في استراتيجية الغاز في المملكة ان الطلب على الغاز سيصل إلى أكثر من 12 بليون قدم مكعب قياسية في اليوم بحلول عام 2025م.
وأوضح انه مع الزيادة السريعة في الطلب على الغاز وتوفر بنيته الأساسية الجيدة نجد أنفسنا أمام مرحلة يتوجب علينا فيها زيادة امدادات الغاز الطبيعى بصورة اقتصادية وهذا ما اتينا من أجله اليوم. وأكد معاليه ان الحكومة تدرك تماما أهمية وجود اجراءات تتسم بالشفافية والوضوح ووجود نظام مالي وضريبي تنافسي فوجود هذين العاملين من شأنه ان يوفر الثقة التي ستشجع الشركات الأجنبية على الاستثمارات بشكل كبير.. لذا فقد وضعت المملكة أنظمة مالية وضريبية وقانونية على درجة كبير من الاقناع والتوازن بما يحملنا على الاعتقاد انها تحقق معادلة النفع المشترك والعادل لكلا الجانبين.
وقال معاليه انه على سبيل المثال روعي في النظام المالي والضريبي ان يكون قابلا للتطوير بصورة مطردة وأن يكون بعيدا عن الجمود بحيث يتغير مستوى الضريبة مع تغير الأداء المالي للمشروع فهذا نظام قادر على تلبية احتياجات الاستثمار في الغاز. وقال معاليه: كما ستتسم عملية العرض في حد ذاتها بشفافية تامة وستقدم جميع نماذج الاتفاقيات اليكم ضمن وثائق العرض.. كما ستزودون بقدر كبير من المعلومات التفصيلية وسيكون لكم حق الوصول إلى غرفة معلومات عالمية المستوى كما سيتاح لكم فرصة الاحتكاك والتعامل مع الخبراء السعوديين في عدد من التخصصات ذات الصلة.. وسوف تستمعون إلى الكثير حول الشروط المحددة للعرض خلال الندوة ومن ثم فسوف اترك هذه التفاصيل لزملائي المتحدثين.
وأعرب معاليه عن اعتقاده ان شروط هذا العرض هى شروط تنافسية للغاية مقارنة باستثمارات التنقيب والإنتاج في العالم كما ان هذا العرض يمثل فرصة تاريخية لشركاتكم للدخول في شراكة طويلة الامد مع المملكة العربية السعودية.. ولتطمئنوا إلى التزام الحكومة التام بعملية إعادة التنظيم الاقتصادي وخطة التصنيع وتنويع مصادر الدخل والى نجاح هذه المبادرة على وجه الخصوص، وانني لأتطلع لان تعمل شركاتكم مع المملكة على تحقيق الاهداف الكاملة لهذاالعرض.
بعد ذلك بدأت جلسات الندوة حيث قدم نائب رئيس تنمية الأعمال الجديدة في شركة أرامكو السعودية خالد الفالح في الجلسة الثانية نظرة عامة حول صناعة الغاز أعقبه تناول تفصيلي لاقتصاد المملكة وشروط الاستثمار والنظام القانوني.
وترأس الجلسة الثالثة محمد عبدالباقي نائب رئيس الاستكشاف في أرامكو السعودية وقدم تفاصيل عن جيولوجيا الربع الخالي والمساحات الجديدة المطروحة للمناقصات حيث تتعلق العروض الاولية بمساحات تتراوح بين 30 ألفاً و50 ألف كيلومتر مربع.
|