تعودت في كل عام أن أنشر حولية عن الماء، ما نراه منه، وما يراه منا، لكنني في هذا العام أصبت بحرج عظيم، وانا أقرأ عن جولات الدكتور غازي القصيبي السرية، على الجهات المسؤولة عن المياه والكهرباء، وهي جولات نحتاجها، بعد أن تعبنا من الجولات الجماهيرية، وبخاصة أننا الآن في ورطة بل ورطتين.. ورطة الماء وورطة الكهرباء، فإذا تخلصنا من الأولى وهذا مستحيل وقعنا في الثانية، ومن يقرأ الصحف الآن فسوف يجد، أن مشاكل الماء التي نشتكي منها في العاصمة، كل صيف، تعتبر مشاكل خفيفة، لأناس قادرين في دقائق على الحصول على وايت ماء، صحيح أنه يكلفهم أضعاف أضعاف، ما تأتي به فاتورة المصلحة، إلا أنه قادر عليه، خاصة اذا أدرك أنها أزمة مؤقتة، نمر بها موسمياً، وهي في طريقها إلى الزوال «وهذا من أحلامي» إذا تخلصنا من المسابح المنزلية الفارهة، والحدائق العريضة، والفناء، وغسيل الأحواش، والسيارات بالمياه العذبة!
إن مشكلة المياه الحقيقية هناك في المدن والقرى الصغيرة، فبعض أبناء هذه المناطق يشترون الماء، وكأنهم يشترون الدواء بأثمان مرتفعة، وبعض هذا الماء لا يعلم إلا الله، مدى خلوه من الملوثات، التي ربما تسببت في كارثة، لأسرة أو قرية بكاملها، والسبب في كل ذلك، هو القصور الواضح، في تنفيذ شبكات المياه، وبعدها توصيل المياه النظيفة، لكل منزل، فطالما هناك منزل، في أي مكان في المملكة، بني بطريقة نظامية، فإن الأجهزة المختصة بالمياه والكهرباء ملزمة، بتوصيل الخدمة إليه، وهذه هي الأجندة، التي نرجو أن نقرأ عنها شيئاً، حتى لايسمح لنا بالبناء، ثم نفاجأ بأن علينا دفع أجور توصيل الماء والكهرباء على حسابنا، مهما كانت المسافة، كما هو حاصل لنا مع الشركة التي تقوم بتوصيل شبكة الصرف الصحي لمنازلنا!
أما الكهرباء التي بدأت بوادر انقطاعها في مدن كبرى من بلادنا، فهي مشكلة أيضاً، لكنها ليست بحجم تلك المشكلة، التي يواجهها العديد من أصحاب المنازل، الذين بنوا وعمروا، ثم وضعوا أيديهم على خدودهم، بانتظار الكهرباء.. إن الشركة السعودية للكهرباء، مسؤولة عن كل منزل يبنى، لا تدخله الكهرباء، أو تنقطع عنه بين وقت وآخر، مع مايتبع ذلك من تلف الأجهزة الكهربائية الموجودة في المنازل أو المحال التجارية.. القضية الآن ليست قضية دمج فاتورة الماء، مع فاتورة الكهرباء، ولكنها قضية وجود الماء والكهرباء، في كل منزل، مع وضع كافة الحلول التي تضمن عدم استغلال الماء، في أمور قد تساهم، أو ساهمت، في نقص مخزوننا منه، وقد ذكرنا بعضها، وبعضها معروف للجميع، لأنه يلتهم كعكة أو حصة ضخمة من مخزون المياه، ومن ذلك: الأعلاف والألبان.. إننا نستطيع أن نستورد الأعلاف والألبان والقمح، ولكن هل نستطيع استيراد الماء؟
معالي الدكتور غازي القصيبي، لقد افتقدناك منذ شهور كاتباً وشاعراً، لكننا بكل تأكيد، لن نفتقد حرصك واهتمامك، بهذين الملفين المقلقين لكل مواطن: الماء والكهرباء.. خاصة وأننا كمواطنين ندفع وندفع، ليكون في منازلنا ومنشآتنا على الدوام صيفاً وشتاءً الماء والكهرباء.. بدون طوابير أو شفاعات.
فاكس 4533173
|