الكتابة «موهبة» وليست غزواً «أكاديمياً»!!
سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة
الاستاذ خالد المالك حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. قرأت ما خطته أنامل الكاتبة عبير عبد الرحمن البكر في العدد 11216 بتاريخ السبت 14/4/1424هـ في الصفحة الثقافية وقد اعجبت جدا بما خطته الكاتبة في زاويتها «مواسم الحب» خاصة موضوعها حول الاكاديميين للصحافة، فهو بلاشك موضوع حيوي وهام جدا وقليلا او ربما نادرا ما تناولته الصحافة رغم اهميته، فغزو الاكاديميين للصحافة هو ظاهرة استفحلت وطالت جذورها، فمجرد كون الكاتب يسبق اسمه حرف «الدال» تفرد الصحافة له صفحاتها وتصفق له في ظل غياب مركزية للنشر وترتيب للقدرات وابراز لمواهب تستحق ان تقرأ كما قالت الاستاذة عبير، واذا كان من السهل مطالبة الصحفي بشهادته الاكاديمية او شهادات الخبرة او حتى بنماذج لاعماله، فان الكتابة الابداعية يصعب اخضاعها لهذه المعايير لأسباب لا يجهلها الكثيرون، أبسطها إتاحة الفرصة للناشئة وليس آخرها دعاوي الحداثة والاختلاف، وبين هذه وتلك تنشر كالفطر على صفحات الجرائد والمجلات اشكالاً وانواعاً من الكتابات لا يضاهيها سوى ما كتبته بعض الفضائيات وهما تتفقان «الكتابات والفضائيات» في انهما تستندان الى مقولتي «الفرص المتساوية وحرية التعبير والاختلاف والمقولتان مبدئيتان ولكنهما غير منطلقتين، عندما يتعلق الامر بالابداع لان تساوي الفرص ينبغي ان يكون بين المبدعين وليس بينهم وبين غيرهم وحرية التعبير حصان طروادة الذي ندخله بأيدينا الى مساحة الابداع، فينصب كل من «فك الحرف» من نفسه او نفسها كاتبا او شاعرة او تشكيليا.
هذه دعوة الى الجدية والنظر الى الابداع باعتباره موهبة اولا وقبل كل شيء، وهي موجهة الى القائمين بشأن النشر الثقافي عربيا.. عسى ولعل، وهنا لا يفوتني ايضا ما ذكرته الاستاذة والكاتبة القديرة ناهد باشطح حول الاكاديميين في احدى الصحف «حيث قالت: الحقيقة ان غزو الاكاديميين للاعمدة الصحافية ساهم في عدم التقدير المعنوي والمادي للكتاب المحترفين، فمعظم الاكاديميين مريحون لرؤساء التحرير، اذ لا يطالبون بتغيير اماكنهم في المطبوعة، ولا يطالبون بمكافآت مجزية، لذلك اعتبر دخول البعض منهم ظاهرة مرضية خاصة اولئك المنظرون الذين يتحدثون في اعمدتهم كما يلقون محاضراتهم في الجامعات والكليات، هذا ما قالته الاستاذة ناهد باشطح، عموما الصحافة ميادين ومجالات وتخصصات، نحن هنا لا نشير الى انواعها المقروءة والمرئية والمسموعة انما تخصصاتها، سياسية، رياضية، علمية، نسوية، ثقافية.. الخ، في كل من المجالات المذكورة، وعندما يتعلق الامر بالعمل الصحفي فاننا نتقيد بأقصى مستويات الحد الأدنى للحرفية الصحفية لنقدم المادة المعنية في قالب «وعاء» صحفي، وهذا ايضا ليس تقليلا من شأن الكاتب الاكاديمي او تهميشه، بل بالعكس فهناك الكثير من الكتاب الاكاديميين رائعون ولا نبخسهم حقهم من الابداع.
|