افتتاحية العدد 42 من مجلة الجزيرة الصادر في 15/5/1424هـ كانت أكثر من رائعة..
إن اختيار عنوان «المزاج الأمريكي» كان موفقا من الصحفي المخضرم الاستاذ خالد المالك.
إن تعميم القول بأن «كل الدول - فيما عدا دولة واحدة - لاتزال تدور في حلقة مفرغة بأمل الحصول على رضا امريكا ولكن دونما فائدة».. هذا القول ليسمح لي الاستاذ المالك أن اعترض عليه للأسباب التالية:
1- إن رضا الناس غاية لا تدرك.. هذه حقيقة كلنا نعرفها.. فالولايات المتحدة دولة كبيرة، تؤيد اسرائيل، ولكن الى حد يجيز للمعارضة فيها أن تعلن موقفها المعارض لقرارات مسؤوليها في بعض الأحيان، فمثلا عندما أعلنت امريكا الحرب على بغداد بحجة انها تمتلك وتخبئ اسلحة الدمار الشامل، قامت مظاهرات كبيرة هناك، تعلن بكل السخرية والتهكم على الحكومة الامريكية، أن هذا غير صحيح، وأن لا دليل لدى امريكا بصحة هذا الزعم.
2- ان اسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك فعلا مئات القنابل الذرية والاسلحة الفتاكة وامريكا لا تسمح لمنظمة الطاقة النووية - ومقرها فيينا بالنمسا - أن تقوم بعمليات تفتيش على مصانعها ومعاملها النووية، كما تطالب امريكا اليوم بتحفيز وتعضيد محلات التفتيش الدولية على دولة ايران، والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا تفعل دولة عظمى وهي أمريكا ذلك؟!
والجواب لان «الصهيونية» الخبيثة متغلغلة والى أبعد الحدود في كل الولايات المتحدة الامريكية، بل أن الكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ يعلنون صراحة دعمهم لاسرائيل والصهيونية العالمية دون خجل او حذر، بسبب المصالح المشتركة فيما بينها - امريكا واسرائيل..!
3- ان الرئيس جورج بوش الابن ومن قبله كلنتون وجورج بوش الأب، وكل الرؤساء الامريكيين ملتزمون بدعم وتفعيل مصالح الصهيونية، ودون حدود، لان وجودهم في البيت الابيض الامريكي ذو ارتباط جد وثيق بالمصالح المادية المعلن عنها وغير المعلن.. فمن يجرؤ من الرؤساء الامريكيين على قول الحق وفعل المعقول غير ما ألفوا على التصريح به والاعلان عنه.. سيكون مصيره الطرد الى خارج البيت الابيض.
4- ايام الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي - قبل انهياره - وخروج دول الاتحاد السوفيتي والاستقلال عنه، كانت امريكا ايضا تفعل نفس الشيء.. الدعم المادي اللامحدود لاسرائيل والاعلان المباشر وغير المباشر لاسرائيل.. فماذا فعل العرب؟ الدول التي كانت سياساتها تميل مصالحها الى الامريكان تعلن وتصرخ وتبدي القبول دون شروط للسياسات الامريكية في الشرق الاوسط ودعم اسرائيل ماديا ومعنويا..
اما تلك الدول العربية التي اتخذت مواقف تميل الى الاتحاد السوفيتي وتؤيده بكل الاشكال والامكانيات، فكانت تأمل في نيل رضاه واخذ المنح المادية والعسكرية والقروض الميسرة منه..!
5- اسرائيل وجدت التربة تحتها صالحة ومخصبة فسرحت ومرحت واغتصبت الاراضي الفلسطينية بكل سهولة ويسر.. وضمتها الى «ارض المعياد» في فلسطين التي تحتلها بقوة السلاح والعتاد.. ولو أن العرب رضوا بالتقسيم في الخمسينيات الميلادية من القرن العشرين، كما أعلن الزعيم التونسي المرحوم باذن الله الحبيب بورقيبة.. لما كان ما كان.. وكبرت اسرائيل وازدادت عنفا وعدوانا..!
والحديث يطول..والله اسأل ان يصلح احوال العرب.
|