أناس كثيرون يعبرون بحور أيامنا أو حتى ساعاتها ودقائقها، فتزدحم علاقاتنا الاجتماعية بكثير من الوجوه أو النفوس التي لا نعطيها الضوء الأخضر للدخول في تلافيف ذاكرتنا!!
كم منا قابل إنساناً؟ كم منا تعامل مع آخر من معارف وأصدقاء أو حتى أقارب، وكثيرون يذهبون في حالهم لأن هناك مناخات أخرى ونفوساً أخرى ورغبات أخرى قد تستوعب آمالهمم ورغباتهم!!
يخيل إلى البعض أحياناً عندما يشعر أنه غاب عن ذاكرة أي من الناس الذين تعامل معهم أن العيب يتجسد فيه وهو لا يعلم بأن الحياة بأفراحها وأتراحها كفيلة بأن تشغل البعض عن من لا يسألون عنهم ولا يتواصلون معهم وهذا بطبيعة الحال لا يلغي حقيقة اتفاق الأمزجة والرغبات وأهم من ذلك العقول أيضاً؟!! قد تسأل نفسك أحياناً لماذا يأتي على خيالاتك على الدوام إنسان ما رغم أن آخر قد لا تتذكره إلا بعد أن تسمع اسمه أو تلتقي به صدفة؟!
قد يكون هذا عائداً بدرجة كبيرة إلى التوافق والانسجام المشترك وتفهم كل طرف للآخر من جميع الجوانب في الصفاء والانفعال في الفرح وفي الحزن في البعد وفي القرب!! قد تقطع شوطاً من المداولات مع انسان فتجد أنك أرهقت نفسك في جدال وحوار أو حتى تعامل باهت «لا طعم له ولا رائحة»!! وهناك من ترى نفسك تقطع شوطاً لا بأس به من التفكير عندما تحس بأنك قصّرت معه أو حتى أخطأت في حقه لتعيش بعدها حلماً مزعجاً يقضّ مضجعك!!
أحياناً أخرى قد تحاول إيصال فكرة أو تطرح موضوعاً أو حتى تقدم نصيحة على طبق من ذهب لأحدهم فيشعر أنك أصبت كبد الحقيقة ومنهم من تقدم له ذلك فتجد أن كل ما قتله كان مجرد غثاء لا يلبث أن يكشف ما تحته من «غيرة حسد وغير ذلك من أمور لا يعرفها إلا من ألقاها»!!
المشكلة أعزائي أن كثيراً من الناس يأخذ من الأشياء قشورها فيأخذون الكلمة ويتركون المعنى أو العكس وكلاهما أحياناً لو أسيئ فهمهما يؤديان إلى هدف واحد!!
هناك من يعطي للأشياء قيمتها عندما يتعامل مع غيره ولكن القيمة فقط لا بد أن تجيّر لطرف واحد وقد ينجح في ذلك فيحاول البعض أن يكسب من خلال علاقة ومثاليات سخرت لغرض مصلحة وقتية لا مثاليات تدوم مع الأيام وهذه هي المشكلة!!
هناك من يحاول أن يفهمه الآخرون ولا يريد أن يفهم أحداً، يريد أن يسأل عنه الغير ولا يسأل عنهم، يريد أن يحتفظ الناس بخصوصياته معهم وهو يشرع خصوصياتهم أمام الجميع!!
هناك من يطلب الخدمة ويتملص من تقديمها، يضع أخطاء الغير تحت مجهر انفعالاته ولا يسمح للآخرين في أن يقولوا له أخطأت!!
يبحث عن الغير عندما يحتاجهم ويهرب كالسراب عندما يسمع أن هناك انساناً سيحتاجه!!
قد يعز الوصول إلى أناس أنكرناهم أو تجاهلناهم عندما احتاجوا لنا عندما يأتي اليوم الذي نلملم فيه مشاعرنا الصادقة والمترهلة التي لم تمارس رياضة العطاء المتواصل.. ومع ذلك هناك كثيرون تغيب عنا شخوصهم ولكنهم يبقون في تلافيف الذاكرة، لأنهم قدموا ولم يقولوا وزاروا ولم يثقلوا ووجدوا عطاء يماثل عطاءً ووقاءً يماثل وفاءً إنها الصداقة الحقيقية التي لن تنتهي مع نهاية مصلحة أو زمن أو وقت بل تبقى في ذاكرة الأبناء والأحفاد والاستثناء ليس قاعدة ولكن الوفاء والصدق قاعدة صلبة لن تتصدع وهي لا تندرج تحت هذا المسمى!!
بصمة:
«لا بأس أن تبني قصوراً في الفضاء على أن تضع لها أساساً في الأرض».
|