Tuesday 22nd july,2003 11254العدد الثلاثاء 22 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إضاءة إضاءة
لابد من مراجعة الحسابات
شاكر سليمان شكوري

يتندر الناس بحكاية مشهورة تُضرب مثلاً للعواقب الوخيمة الناجمة عن ضيق النظر إلى الحاضر دون المستقبل، والتسرع بالأقوال والأحكام والأفعال دون روية أو تبصر.
تقول الحكاية ان رجلا أراد ان يتعلم السحر والعياذ بالله فهرع لشراء كتاب دلوه عليه، وما كاد ينهي قراءة الفصل الأول في تحضير الجان حتى هرع أيضاً لتطبيق ما قرأ فحضر الجان لكنه لم يستطع صرفهم لأنه لم يكن قد قرأ الصفحات «المستقبلية» في الكتاب عن ذلك، وتمضي الحكاية في طرافتها تقول إن الجان قد أوسعوا الساحر «الجديد» ضرباً حتى تكسرت عظامه!
ويبدو ان سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق تقع في الفخ نفسه فقد استطاعت بالتحالف مع إنجلترا احتلال العراق بالآلة الحربية الجهنمية، لكن بدلاً من تعجيل قيام المؤسسات العراقية على أساس عادل يُمثِّل كل ألوان الطيف في العراق، وتحديد مدة بقاء القوات، وتطمين الشعب العراقي الذي عانى طويلاً من حكم مستبد بأن قوات التحالف جاءت إليه كما قالوا بالديمقراطية والحرية والرخاء.. بدلاً من كل ذلك يستفز الأمريكان خاصة مشاعر العراقيين بتجاوزات مهينة تصل حسبما تنقل الفضائيات إلى حد تفتيش جنودهم النساء العراقيات، وإعمالهم المهانة في الرجال، ضاربين بالنخوة في ثقافة العربي عرض الحائط.
وليس من أجل صدام كما يدعى ولا من أجل حزب البعث المهترئ يثور الشارع العراقي في بغداد وضواحيها، ولكنها تلك النخوة في داخل الإنسان العربي تحركت دفاعا عن الأرض والعرض فرأينا المقاومة العراقية تكلفهم الكثير من القتلى والجرحى يومياً، كردة فعل لانتهاكاتهم واستفزازاتهم، وهو الأمر الذي تبدو فيه الخبرة الاستعمارية لدى إنجلترا واضحة في فرق تعاملها مع العراقيين في البصرة، حيث المقاومة هناك لا تكاد تذكر بالقياس لما يجري ضد الأمريكان.
وتمضي أمريكا في غيها حين حاصرت مؤخراً مقر إقامة الزعيم الديني مصطفى الصدر لمجرد انه خطب الجمعة الماضية داعياً إلى رفض تشكيل المجلس المؤقت لحكم العراق الذي أقامه التحالف.. و«خوش» ديمقراطية يا تمثال الحرية الذي لابد ان يغطي وجهه الآن خجلاً مما يدور على أرض العراق! وإعادة فتح الملف الأساسي للحرب ومساءلة بوش وبلير في بلديهما عن كذب الادعاء بامتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل الذي قامت على أساسه الحرب، والذي لم يثبت خلال شهور الاحتلال التي جاوزت الأربعة، ربما يكون وراءه زيادة أعداد الضحايا بين قوات التحالف، لكن المؤكد ان المقاومة العراقية هي السبب الرئيسي في سعي أمريكا الحثيث لتوريط دول أخرى تشاركها في حفظ الأمن والنظام في العراق! وهو أمر لم يلق قبولاً حتى الآن خاصة من الدول التي وقفت بداءة ضد الحرب على العراق، وكذا من الأمم المتحدة على لسان أمينها العام.
وهكذا دخل الحليفان مثلث الرعب ما بين مطرقة المقاومة وسندان المساءلة الداخلية في أمريكا وإنجلترا، ثم رفض الدول الأخرى المشاركة في صرف جان المقاومة العراقية الذي فشلت قوات التحالف في صرفه لأنها لم تقرأ بقية الكتاب العراقي، مكتفية بتحضير الجان المتمثل هنا في الاحتلال العسكري، دون ان تتحسب لردة فعل شعب ينتقل من قهر صدام ليجد نفسه في مواجهة قهر أشد وأنكى على أيدي قوات التحالف، وتثور فيه النخوة فيقلق ليل المستعمرين ونهارهم!
واعتقد انه لا حل دون مراجعة قوات التحالف لحساباتها.. وبسرعة قبل ان يفلت الزمام!.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved