سعدنا جميعاً بالقرار الوطني المتضمن إنشاء جامعات جديدة ودراسة إمكانية إنشاء جامعات اخرى في مناطق المملكة المختلفة على اعتبار أن هذا القرار يأتي استجابة لضرورة وطنية تقتضي المحافظة على ثرواتنا البشرية ودعم متطلبات التنمية بالمؤهل من الكوادر الوطنية. ومما لاشك فيه فإن هذا القرار يعتبر من القرارات الاستراتيجية التي تخدم التنمية وتحد من المنغصات التي تواجهها الأسرة في كل عام نتيجة لعجز الجامعات الحالية عن استيعاب الاعداد المتزايدة من خريجي وخريجات المرحلة الثانوية او ما يعادلها، كما أن هذا القرار سيسهم في إعادة توزيع الموارد الاقتصادية بين مناطق المملكة المختلفة مما سيؤدي الى تنمية مباشرة لهذه المناطق وإلى توسيع دائرة مواطن الجذب التي يقصدها المواطنون بدلاً من تمركزها في المناطق والمدن الكبيرة التي اصبحت تعاني من الكثافة السكانية والتزاحم الشديد على خدمات التعليم والصحة والمواصلات وغيرها من الخدمات الضرورية الاخرى. كل ما تقدم سيسهم وبشكل مباشر في تحقيق الاستقرار الأمني من خلال مساهمته ولو مؤقتا في الحد من البطالة ومن خلال خلق فرص عمل جديدة كفيلة باستيعاب اعداد متزايدة من طالبي العمل بالاضافة الى الانعكاسات الايجابية التي يفرضها التطور الفكري والعلمي على منهج وسلوكيات المواطن المهنية وغير المهنية.
ولكن يجب التنبيه إلى أن التوسع في إنشاء الجامعات لا يمثل هدفاً وغاية وطنية بحد ذاته مما يعني أهمية اتخاذ إجراءات اخرى تكفل تحقيق الاستفادة المثلى من هذا القرار. فمن المعلوم لدى الجميع أن الاعداد المتدفقة سنوياً من الجامعات القائمة في الوقت الحاضر تعاني من مشاكل كثيرة اهمها عدم قدرتها على الحصول على فرص عمل مناسبة إما بسبب عدم توفر فرص العمل او بسبب عدم ملاءمتها لمتطلبات فرص العمل المتاحة مما يبقيها اسيرة للبطالة وما يرتبط به من مشاكل اجتماعية وفكرية واقتصادية وامنية. وهذا يقودنا الى القول بضرورة اتخاذ العديد من التدابير التي تسهم في تهيئة البيئة الملائمة لتحقيق الاستغلال الأمثل الى القول بضرورة اتخاذ العديد من التدابير التي تسهم في تهيئة البيئة الملائمة لتحقيق الاستغلال الأمثل لمخرجات الجامعات الحالية والقادمة حتى لا ينتهي بنا المطاف الى تحميل الاقتصاد السعودي اموالاً طائلة ودون مردود عملي ملموس وحتى لا يكون الإجراء المتخذ مجرد حل مؤقت لمشكلة البطالة بين خريجي الثانوية العامة.بالإضافة الى ما تقدم لابد أن نشير الى أن القبول في الجامعات يجب أن يكون مربوطاً بمتطلبات التنمية وحاجة سوق العمل السعودي إذ من غير المعقول أن نتوسع في القبول في الجامعات على حساب التخصصات المهنية والفنية التي تتطلب مؤهلاً أقل من الجامعة والذي سيؤدي إلى ما يعرف بتضخم الشهادات في فرص عمل لا يتطلب اداؤها شهادات جامعية والى زيادة تشدد في مواصفات شاغلي هذه الفرص. ولعل ما نشاهده في الوقت الحاضر من تسابق المطاعم ومحلات الديكور وغيرها من المحلات التجارية البسيطة على اشتراط شهادة جامعية لموظفي الاستقبال خير دليل على ما نحذر من وقوعه في المستقبل.هذه المخاوف تجعلنا نتطلع الى خريطة طريق وطنية تساعد على تحقيق الاستفادة الكبرى من مشروع زيادة الجامعات وتخلصنا من الخوف من تكرار ما يحدث في الوقت الحاضر خاصة بعد أن اصبح التخرج من الجامعة فاجعة يواجهها الشاب لعلمه بعدم وجود فرصة عمل ولعلمه بقرب حرمانه من مكافأة الجامعة والتي كانت تسد حاجته وتغنيه نسبياً عن مد اليد إلى الآخرين.
|