الحمد لله الذي قضى بقضاء لا يرد. قرآن لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون. حسبي الله ونعم الوكيل، إن العين لتدمع وان القلب ليخشع.. ولا نقول إلا ما يرضي الرب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. إن المصاب لجلل، وان الموت لحق إذا نزل. فجعت وفجع غيري بوفاة والدي رحمه الله تعالى صاحب الوجه الأغر والذي استنار بطاعة ربه تعالى وإني لأرجو من الباري جل وعلا أن يظله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، حقاً إن مصيبتك عظيمة وفراقك أعظم.
سقاك الغيث إنك كنت غيثاً
ويسرا حين يلتمس اليسارُ
أبت عيناي بعدك أن تكفّا
كأن غضا القتاد لها شفارُ
وكنت أعد قربي منك ربحاً
إذا ما عدت الربح التجارُ
فلا تبعد فكل سوف يلقى
شعوبا يستدير ربها المدارُ
أرى طول الحياة وقد تولّى
كما قد يُسلب الشيء المعارُ
|
أبي رحمك الله عرفتك واصلاً لرحمك، صوّاما قوّاما تتلو آيات الله آناء الليل والنهار، لقد فقدك مصلاك في المسجد، وفي بيتك، وفقدك محبوك، أبي كم كنت تخشع لسماع آيات الله تتلى كم كنت تغار إذا انتهكت محارم الله، كم كنت تعطينا القصص العظيمة والملاحم البطولية التي رأيتها أو سمعتها أو حفظتها بأسانيد صحيحة، عن صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه كم كان عندك من الكنوز والمعارف منها ما بحت به إلينا ومنه ما لم تذكره فطوته معك الأيام، ولله در ابي الحسن التهامي حين قال:
بينا يُرى الانسان فيها مخبرِاً
حتى يُرى خبرا من الأخبارِ
طبعت على كدر وانت تريدها
صفوا من الأقذاء والأكدارِ
فالعيش نوم والمنية يقظة
والمرء بينهما خيال سارِ
|
أبي كم كنت تبذل بذلاً لا يعلمه إلا الله.. سيفقدك كثير من المحتاجين الذين اعتادوا على عطائك
فجائع الدهر أنواع منوعةٌ
وللزمان مسرات وأحزانُ
|
ويقول الآخر
تصفو الحياة لجاهل أو غافل
عما مضى منها وما يتوقعُ
|
أبي كنا بالأمس في أنس وفي دعة، وفي راحة واطمئنان واليوم أراك صريع الثرى وحيداً.
أراك هجرتني هجرا طويلا
وما عودتني من قبل ذاكا
عهدتك لا تطيق الصبر عني
وتعصي في ودادي من نهاكا
فكيف تغيرت تلك السجايا
ومن هذا الذي عني ثناكا
وما فارقتني طوعا ولكن
دهاك من المنية ما دهاكا
فيا من غاب عني وهو روحي
وكيف أطيق من روحي انفكاكا
تعز علي حين أدير عيني
أفتش في مكانك لا أراكا
ختمت على ودادك في ضميري
وليس يزال مختوما هناكا
فوا أسفي لجسمك كيف يبلى
ويذهب بعد بهجته سناكا
فيا قبر الحبيب وددت أني
حملت ولو على عيني ثراكا
ولازال السلام عليك مني
يُزف على النسيم إلى ذراكا
|
أبي عجز القلم عن الكتابة والتعبير، وعاد الطرف مني وهو حسير، وإني أستودعك اللطيف الخبير، الذي لا تضيع ودائعه فهو نعم المولى ونعم النصير، وصلى الله على نبينا محمد.
|