Monday 21st july,2003 11253العدد الأثنين 21 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نهارات أخرى نهارات أخرى
المدينة الذهبية
فاطمة العتيبي

في أعطاف عنيزة..
في شوارعها العتيقة..
رائحة العمر..
وزمن العذوبة..
وزهو الحلم الذي يتشكل في التراب..
وينمو كما أشجار النخيل في المزارع المرتبة.. التي يجدون في خرافها صيفاً سكرياً وبرحياً!
وكما أشجار الغضا في تلال «الرايسية.. وبلاد القسيم.. وخب النعام، حيث يضرب أهل المدينة خيامهم ربيعاً..
** أيتها المدينة..
التي تستحيلين إلى شيء يشبه البكاء..
تماماً تندغمين في الحنين..
وأمشاج لحم القلب..
وصورة العمر المتراكض ببراءة الحقائب والظفائر وحلاوة
طحينية أم شعيل..
ومنارة الجامع..
وحي باب الخلاء..
ومسجد الرهيط..
** لم أعد أصمت وأنا تحت سطوتك..
فلي خياران أمارسهما بتطرف عاطفي غريب..
فتارة أغرق في غيبوبة ضحك مع الذكريات.. مع الشوارع المتربة والرفيقات والجيران وخطوات التغيرات وتناقضاتها..
وتارة أجدني تحت سياط دمع ساخن حارق..
أجده قريباً.. قريباً..
حتى لا أكاد أوقف سحائبه أو أجعلها ترحل..
فألملم حقائبي
وأركض هرباً..
التطرف الحاد في المشاعر..
وتناقضها..
فأنت في سعادة تامة بين استراحات باردة ومزارع جميلة.. ودفء أسري ووجوه تحبها تستيقظ على صوتها وتغفو على ضحكاتها..
وفي ذات الوقت أنت في حالة شجن دائمة.. فهذه غرفة أمك الراحلة
كما هي..
دولابها..
تسريحتها..
اشياؤها.. صندوق مجوهراتها..
كل شيء ينبض بملامحها..تدخل كما لو أنك ستلقي التحية عليها..
فلا تجد أمامك إلا الأخشاب التي تصعد لك رائحة الذكريات فيثور حزنك الذي لم يهدأ أبداً..
** هذا الشجن
يكلفك الكثير..
تحاول أن تكون رابط الجأش..
لأسبوع
ثم اثنين
لكنك في الثالث.. تجد أن أحاسيسك مشطورة إلى شطرين.. وأنك متورط بالحزن يكاد يهب لون البياض
الذي حولك لوناً قاتماً..
تجد دموعك تحاول غسل بقايا الشجن..
أن تعيد لك توازنك..
لكنك لست وحيداً حتى تبكي أنى لك أو كيفما تشاء إنك في وسط حشد حميم.. يلحظ تغير ملامحك الطفيف..
ويقلق عليك لو أنك «تعطس» لمرتين متتاليتين فكيف بك تبكي..؟
** في مدينة ذهبية مثل عنيزة..
يجب أن تتوقف عن عاداتك التي علمتك إياها الكتابة..
والحياة السريعة في مدينة راكضة مثل الرياض..
يلزمك أن تتعلم أنك لست (إياك).. وأنك لست جسداً واحداً وروحاً واحدة..في عنيزة يجب أن تتعلم أنك جسد واحد لكن أرواحك متعددة فكل من حولك يعتبرون أنفسهم أرواحاً أخرى مسؤولة عن جسدك من قلبك.. عن ابتسامتك..
عن بقائك سعيداً مبتهجاً..
لذا لا تستغربوا أن يكون لعنيزة زهو سياحي.. ولا تستغربوا حين يقول أبناؤكم غداً لن نسافر إلى الخارج ويكفينا أن نسافر لعنيزة ولأهلها!
لأن عنيزة حالة ذهبية خاصة لا تتكرر!!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved