* أثينا د ب أ:
إنه الصوت الذي يتردد عبر القرون في البلدان المجاورة والذي لم يسمع هنا منذ مائة وسبعين عاماً إنه صوت المؤذن الذي يدعو المسلمين للصلاة، يتجمع المسلمون الذين يعيشون في أثينا كل يوم في مساجد متنقلة، في المحلات التجارية والادوار السفلى ومواقف السيارات داخل البنايات، وتجتذب دور العبادة غير الرسمية هذه، والتي تنتشر داخل وحول منطقة وسط المدينة لكنها تتوارى عن أعين المجتمع والمارة، آلاف المسلمين مع كل صلاة.
وكان مسلمو أثينا وبينهم مهاجرون من تركيا وألبانيا المجاورتين فضلا عن عدد كبير أيضا من العرب والهنود والباكستانيين قد تلقوا وعودا قبل أكثر من خمسة وعشرين عاما بمنحهم مكانا رسميا للعبادة وكانت هذه أول مرة يقدم لهم فيها مثل هذاالوعد، ولقد تجاهلت الحكومة اليونانية هذا الوعد طويلا ولكن اقتراب موعد إقامة دورة الالعاب الاوليمبية في الصيف القادم أعاده إلى الحياة من جديد.
ولقد صارت الاستعدادات لاقامة مسجد أثينا في النهاية تحظى بأولوية لكن القرار الخاص بالمكان الذي سيقام فيه المسجد في هذا البلد الذي تسكنه أغلبية مسيحية ارثوذكسية تحول إلى ورطة سياسية، وهذا أول مسجد يقام في المدينة منذ نهاية الحكم العثماني.
فعلى الرغم من أن مواقع عديدة للاولمبياد ستجهز بأماكن خاصة للعبادة لجميع الاديان إلا أن الحكومة اليونانية تتوق لتحسين علاقاتها مع الدول الإسلامية المجاورة بافتتاح المسجد ومركز إسلامي ضخم يتكلف عدة ملايين من الدولارات بينما تتركز أنظار العالم على أثينا.
وقد صرح وزير الخارجية اليوناني جورج باباندريو مؤخرا بأن أولمبياد عام2004 هو بين أسباب تسريع خطوات العمل في المشروع، وتابع علينا أن نضمن حق ممثلي الدول الإسلامية والمشاهدين المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية.
ويعيش نحو 12 مليون مسلم في دول الاتحاد الأوروبي وأثينا هي العاصمة الوحيدة في الاتحاد التي لا يوجد بها مسجد واحد وطالما تعرضت لانتقادات حادة من جانب المفوض الأوروبي لحقوق الإنسان لعدم وجود مدفن بها للمسلمين الراغبين في دفن موتاهم حسب الشريعة الإسلامية.
وعلى مدى ردح طويل من الزمان كان ينظر إلى عدم وجود مسجد كأمر غريب في بلد يعتبر نفسه معبرا ثقافيا بين العالم الإسلامي وأوروبا المسيحية.
ويأمل المشرفون على المسجد الذي تموله المملكة العربية السعودية أن تشكل الالعاب حافزا على البدء في بناء المسجد والانتهاء من هذه العملية في الوقت المناسب ومع حلول الصيف القادم. لكن عمدة الضاحية الذي وقع عليها الاختيار لاقامة المسجد فيها مصمم على التصدي للمشروع.
وقد خصصت الحكومة قطعة من الارض مساحتها 35 ألف متر مربع تقع على بعد نحو 20 كيلومترا شمال وسط المدينة وبالقرب من مطار أثينا الدولي لاقامة المسجد عليها، لكن قرب المشروع من المطار صار حجة أخرى في يد المعارضين له.
ويقول بابا كوستوبوليس أن مئذنة المسجد ستكون أول ما يصافح عين القادم من الخارج بالطائرة وهو يدخل أجواء أثينا ومن ثم سيعتقد أنه دخل بلدا إسلاميا، لكن وزارة الخارجية مصممة على إنجاز المشروع وأعلنت أنها ستتجاهل أي اعتراضات يبديها مجلس بينيا المحلي، ولكن حتى لو أقيم المسجد الإسلامي الجديد والمسجد في بينيا فإنه سيكون بالنسبة لغالبية المهاجرين المسلمين الذين يعيشون بالقرب من وسط مدينة أثينا بعيدا جدا بحيث لا يستطيعون أداء الصلوات الخمس اليومية أو حتى صلاة الجمعة فيه.
يقول سيد محمد إسماعيل رئيس الجمعية الثقافية الباكستانية أن المسجد أقيم خصيصا من أجل الالعاب الاوليمبية لا من أجل المسلمين الذين يعيشون في أثينا، فما من أحد سيذهب هناك على حد قوله، غير أن عبد الله عبد الله سفير السلطة الفلسطينية في أثينا يقول انه واثق من أنه مع اكتمال بناء المسجد فإن المواصلات العامة من وسط المدينة ستتطور بشدة، ويقول بالطبع كل فرد يريد أن يكون المسجد قريبا من بيته لكن هذا غير متاح في الوقت الحاضر، وأعتقد أننا لو أقمناه في أي مكان آخر لما وجدنا المساحة الكافية لاستيعاب أعداد المصلين أو الانشطة في المناسبات الدينية.
|