عندما يطرح الإعلام العربي قضية ما، فإنه يحاول ان يستعمل تعبيرا مخالفا للواقع، وان كان قريبا منه، وهذا التعبير هو قولهم: الدول العربية ودول الخليج هكذا تعبير أغلبهم وكأن دول الخليج كتلة متحالفة مع الدول العربية أو انها طارئة عليها، أو ملتصقة حديثا بها، ولا أدري ما مسوّغ مثل هذا المفهوم الذي خلفه من يكرسه ويرسخه لدى الشباب العربي، والغريب في الأمر ان الأم الكبرى للعالم العربي وللعالم الإسلامي كله (المملكة العربية السعودية) تقع ضمن تصنيف (دول الخليج). وبهذه الصيغة الإخبارية يمكن لمن يريد أن يثبت مفهوما ان يمحور المملكة ضمن محور ضيق وكتلة مهمتها تصدير النفط فقط!
وهي بالعكس أم للعرب والمسلمين من أكثر النواحي سواء السياسية أو الاقتصادية أو الدينية، وحتى العودة للتاريخ الذي نشأ منه العالم العربي الكبير فلا تجد في عالمنا العربي الواسع من الأسر الشهيرة في بلدانهم غالباً إلا وهم قد هاجروا من الجزيرة العربية التي هي الآن المملكة العربية السعودية وتلك الهجر كانت مع الفتوحات الإسلامية أو بعدها والتي آخرها هجرة بني هلال إلى أفريقيا من منطقة الطائف وما جاورها.
وحينما أقول ذلك فلأن السعودية أكبر من أن تصاغ في كتلة واحدة أو تركن في زاوية من عالم فسيح لأن مثل هذا التفكير والممارسة بعيدان كل البعد عن الواقع، وعن التاريخ وعن المنطلق الذي هو التكوين اليوم، وإن كنا نحن السعوديين نعتز بانتماء دول الخليج إلينا وإننا وهم أمة واحدة لكن نحن أكبر من ان نحشر إخباريا أو إعلاميا في نقطة معينة من الأرض والبشر،، لأن الكبير لايحجم كما يحاول الإعلام العربي المهاجر في أحوال كثيرة، خاصة عندما يستعمل المبتدئون منهم صياغة الخبر أو التقرير الإخباري فيقولون (دول الخليج والعالم العربي أو وبقية العالم العربي) هكذا وبكل سهولة وكأن عالمنا الإسلامي والعربي قد تشتت إلى محاور لاينتمي بعضها إلى بعض أو كأن دول الخليج مجموعة نفطية مهمتها فقط هي تصدير السائل الأسود، أو ان الرابط بين العالم العربي والإسلامي لم يكن موجودا إلا إذا كان ممحورا على أساس كالذي يقولون.
أعتقد ان وراء الأكمة - كما يقول العرب الأوائل- ماوراءها من خلال استعمال هذا المصطلح الجديد الذي بدأ يبرز بشكل ملحوظ خلال هذه الأيام.
وخلاصة القول: إن المملكة العربية السعودية هي أم العالم الإسلامي وقلبه النابض ودمه المتجدد الذي طالما أعطى أمته الكثير من الرموز التاريخية على مر العصور، فهل مثل هذا القلب يكون في زاوية محصورة تعبيرا لا ممارسة؟ أنا على يقين لا يقبل الشك من أن المحور الذي تقوم عليه الأمة هو استقرار وازدهار المملكة العربية السعودية، لأن المضغة في الجسد لها أهميتها ولها وزنها ولها كيانها الذي يقف بكل قوة عند الهزات التي ترعب الدول الكبرى المتحضرة التي نشربها نحن السعوديين مثل شرب فنجان القهوة، ونعالجها بهدوء ويقين وعقل، وهذا المنحى يعطي مؤشر الخلود للأمم ويزيد من تعلق الآخرين بها وهكذا نحن أكبر من ان نحشر في أفق ضيق جدا لأننا في العالم الفسيح نتأثر ونؤثر أكثر مما نتأثر.
الرياض فاكس 2372911
|